كيف رضخت بريطانيا للصهاينة في ملف تصنيف حماس؟

- ‎فيعربي ودولي

بعد مواقفة مجلس العموم البريطاني على القرار الذي أعلنته وزارة الداخلية بحكومة بوريس جونسون باعتبار حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بشقيها السياسي والعسكري حركة إرهابية، بات أعضاء الحركة مهددون بالاعتقال في بريطانيا.

وكانت وزارة الداخلية البريطانية قد أصدرت بيانا الجمعة 26 نوفمبر 2021م، على موقعها الإلكترونية قالت فيه إن "جماعة حماس الإرهابية أصبحت اليوم منظمة إرهابية محظورة في المملكة المتحدة بكاملها بعد موافقة مجلس العموم البريطاني"، وفق تعبيرها.

وكان مجلس العموم البريطاني قد أقر المذكرة التي تقدمت بها وزيرة الداخلية، بريتي باتيل، لتصنيف حركة "حماس" بجناحيها السياسي والعسكري "إرهابية". وكانت وزيرة الداخلية البريطانية قد أعلنت الجمعة 19 نوفمبر 2021م أنها شرعت في استصدار قانون من البرلمان يصنف "حماس" منظمة "إرهابية"، ويحظرها في المملكة المتحدة.

وبحسب القرار وبعد موافقة مجلس العموم فإن "أعضاء حماس أو أولئك الذين يدعون إلى دعم الحركة يمكن أن يواجهوا عقوبة السجن لمدة تصل إلى 14 عاماً". في حين أشارت الداخلية البريطانية إلى تعديل قائمة المنظمات "المحظورة" لتشمل حركة حماس.

ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية، الخميس 25 نوفمبر 2021م، عن مصدر بريطاني قوله إنّ حكومته تدرس اعتقال أعضاء حركة "حماس" الفلسطينية بعدما أعلنتها "منظمة إرهابية". وبحسب المصدر، فإنّ القرار البريطاني بتصنيف "حماس" تنظيماً إرهابياً ستترتب عليه تغييرات في المجال القانوني، وضمن ذلك توفير بيئة قد تسمح باعتقالات. وشدد المصدر على أنه تتوجب "ترجمة الأقوال إلى أفعال قبل فوات الأوان، ويجب ألا يظل إعلان "حماس" منظمة إرهابية مجرد إعلان فقط"، مشيراً إلى أنّ بعض الأفراد والمنظمات في بريطانيا يخضعون حالياً للمراقبة. من ناحية ثانية، هاجم المصدر ظاهرة اللجوء إلى أوروبا وبريطانيا، محذراً من أنّ هذه الظاهرة يمكن أن تغطي على تسلل عناصر إرهابية، على حد قوله، مشيراً إلى أنّ هناك صعوبة بالغة في التحقق من هوية هؤلاء اللاجئين. وانتقد المصدر "منظمة الإغاثة الإسلامية"، ومقرها لندن، مشيراً إلى أنه يتم تصوير هذه المنظمة على أساس أنها "هيئة تتمسك بقيم الإسلام، ولكنها في الواقع ذراع جماعة الإخوان المسلمين"، وفق زعمه.

 

إذعان للاحتلال

الخطوة البريطانية جاءت إذعانا من حكومة جونسون للأوامر الإسرائيلية؛ وقد أقر بذلك السفير البريطاني في إسرائيل، نيل فيجين، مؤكدا أن قرار حكومة بلده الإعلان عن حركة "حماس" حركة "إرهابية" جاء بناء على معلومات حصلت عليها من إسرائيل.

وفي مقابلة أجرتها معه ـ الخميس 25 نوفمبر 2021م ــ  إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أضاف فيجين أن بريطانيا حصلت من إسرائيل على معلومات خلال الحرب التي شنتها على قطاع غزة في مايو الماضي "2021"، أقنعتها بوجوب إخراج الحركة عن دائرة القانون في بريطانيا.

وزعم السفير البريطاني أن المعلومات التي حصلت عليها حكومة بلده أثبتت أنه لا يوجد فرق بين الذراع السياسي والذراع العسكري في حركة "حماس"، مشدداً على أن القرار "لم يكن سهلاً لكنه صائب".

 

استنكار محدود

القرار البريطاني لقي استنكاراً ورفضا من جانب مكونات عربية بينما اختفى أي تعليق أوروبي على القرار، حيث دانت الخارجية الفلسطينية هذه الخطوة، معتبرةً إياه "اعتداءً غير مبرر" على الشعب الفلسطيني و"رضوخاً للضغط الإسرائيلي". فيما أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، استمرار تعاملها مع "حماس" الفلسطينية في قطاع غزة.

كما دانت فصائل ومنظمات فلسطينية عدة، القرار البريطاني، حيث دانت جماعة "الحوثي" باليمن القرار البريطاني بحق "حماس"، وقالت، في بيان: "ندين بشدةٍ ما قامت به بريطانيا من خطوات إجرامية وتآمرية تستهدف المجاهدين في فلسطين، ومنها حركة حماس". ودانت "هيئة علماء المسلمين" في العراق القرار، وقالت في بيان، إنه "يأتي في سياق السياسة البريطانية المعهودة في التضييق على الشعوب الحرة، ومنها الشعب الفلسطيني؛ لإجباره على الرضوخ للأمر الواقع والقبول بقرارات المحتل". كما ندد حزب الله اللبناني، في بيان، بالقرار البريطاني، واصفةً إياه بـ"الخاطئ والظالم".

وتصف "حماس" التي تأسست عام 1987، باعتبارها امتداداً لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، نفسها بأنها "حركة تحرر وطني"، تسعى لطرد الاحتلال الإسرائيلي، وترفض وصمها بـ"الإرهاب". وفازت "حماس" في العام 2006، بأغلب مقاعد البرلمان الفلسطيني، وهو انتصار قاد إلى صراع مسلح مع حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، وانتهى بسيطرتها على قطاع غزة عام 2007.

تمتلك الحركة جناحاً مسلحاً، هو كتائب عز الدين القسام، الذي سبق أن نفذ كثيراً من العمليات العسكرية ضد إسرائيل، وخاض العديد من المعارك معها، رداً على عدوانها على الشعب الفلسطيني. وسبق أن صنفت بريطانيا كتائب القسام "منظمة إرهابية" في عام 2001، لكن وزارة الداخلية البريطانية وسَّعت هذا الحظر الآن ليشمل الجناح السياسي أيضاً.