"صورة مصر يمكن أن تسوء بسبب الأوضاع الحقوقية، لن أكون صديقا مخلصا لمصر اليوم، لو لم أُعبّر عن حقيقة ما أعتقده"، ذلك ما قاله الرئيس الفرنسي ماكرون شريك السفاح السيسي في قتل وتعذيب المصريين، لكن هل كان يعلم ماكرون وهو يقفز من سفينة إجرام السيسي، أن المصريين ومعهم العالم باتوا على يقين تام بعلاقة أحفاد السفاح نابليون بونابرت في قضايا التعذيب والانتهاكات الدائرة بمصر، وأن شركات فرنسية أمدت السفاح السيسي بأجهزة مراقبة مكنته من تتبع معارضيه وتصفيتهم؟.
وكان القضاء الفرنسي قد اتهم مؤخرا 4 مسؤولين في شركتي بيع أجهزة إلكترونية استُخدمت للتجسس على شخصيات مصرية معارضة تعرضت بعدها للاعتقال والتعذيب.
واعتبر حقوقيون أن تزويد شركتين فرنسيتين، نظام السفاح السيسي بأجهزة رقمية ذات قدرات عالية، هي مشاركة مباشرة في تأسيس منظومة مراقبة وتحكم استبدادية على كل أشكال المعارضة ونشاط المصريين".
بدعم من الإمارات
في 22 يونيو 2021، أعلن الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان أن قضاة التحقيق في قسم الجرائم ضد الإنسانية في محكمة بباريس، وجهوا لشركتي "أميسيس" (Amesys)، و"نيكسا تكنولوجي" (Nexa Technologies) الفرنسيتين تهمة التواطؤ في أعمال تعذيب وإخفاء قسري بمصر وليبيا.
الأشخاص الذين يمثلون الشركات مطالبون بالمثول أمام القضاء، وهم رئيس "أميسيس" حتى 2010، فيليب فانييه، ورئيس "نيكسا"، أوليفييه بوبو، ومديرها العام، رينو روك، والرئيس السابق، ستيفان ساليس، وجميعهم متورطون في الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها نظام السيسي، الذي أودى بمئات الأشخاص داخل السجون أو قتلهم بعد إخفاء قسري.
يقول الناشط رامي رؤوف "على مدار سنين كان في شكوك وتسريبات بس النهارده بقى فيه تأكيدات من خلال مراسلات رسمية وميزانيات مسربة وفواتير وحوالات بنكية وضحايا وعقود موقعة ، مصر على مدار آخر 7 سنين استثمرت في منظومة مراقبة شاملة مُشكّلة من ثلاث أجزاء اللي بناها وسلمها ثلاث شركات فرنسية كل شركة عملت جزءا بعلم وموافقة الرئاسة الفرنسية، واللي دفع الفلوس ميزانية مشتركة ما بين مصر (الدفاع والمخابرات) بدعم من الإمارات".
واضاف رؤوف "الشركة الفرنسية اﻷولى اسمها شركة Nexa Technologies مسؤولة عن تطوير وتركيب نظام اسمه Cerebro لمراقبة شبكات الإنترنت في مصر ، الشركة الفرنسية الثانية اسمها Ercom-Suneris ومسؤولة عن تطوير وتركيب نظام اسمه Cortex Vortex لتتبع أرقام محمول بدقة شديدة والتنصت على المكالمات مباشرة في مصر ، الشركة الفرنسية الثالثة اسمها Dassault Système وهذا هو الوحش اللي فيهم ومسئولة عن تطوير وتسليم محرك بحث شديد التطور اسمه Exalead مسئول عن تسليم نتائج ذكية مبنية على قواعد بيانات ومخازن معلومات وزارة الدفاع في مصر حاجة زي جوجل كده بس بتدور في حيوات الناس الشخصية وسجلاتهم اللي بناها الضباط من 2014".
وتابع "المنظومة على بعضها المشكلة من 3 أجزاء تعتبر واحدة من أخطر نظم المراقبة اللي شفناها ونعرف عنها في مصر والمنطقة، وطبعا السلطات المصرية متخيلة أن لا أحد غيرهم شايف هما بيستعملوها إزاي وضد مين وبقى فيه سجلات لأحداث القتل والتعذيب والخطف اللي البرامج دي أدت إليها بناء على ملايين وملايين".
سياسة الصمت
ويمضي رؤوف بالقول "على مدار أخر كم سنة كنا نعرف كباحثين وتقنيين عن أول وثاني جزء بس ثالث جزء كان إشاعات والآن يوجد براهين على الثلاث أجزاء، الشركة الأولى تم اتهامها أن برمجياتها قامت بتيسير وتسهيل أعمال تعذيب واختفاء قسري في مصر ما بين 2014 و2021، ويوجد شركتان قررا اتباع سياسة الصمت وفيه شركة اتكلمت، وكل حد طلع من عنده تسريبات والدينا هايجة في فرنسا. والشركات دي هي مسئولة عن نظم مراقبة في فرنسا و نظم حماية للرئاسة الفرنساوية".
وتابع "الحاجة اللي مهم نفهمها أن أول وثاني جزء في المشتريات ونظم المراقبة تقدم خصائص وأدوات متاحة للسلطات المصرية من خلال شركات المحمول أصلا يعني السلطات تقدر تعمل جزءا كبيرا من المراقبة لكن اللي خلاها تشتري حاجات أجنبية، أولا لأن مصر فيها 4 جهات سيادية من حقها أن تمارس أعمال المراقبة وهي المخابرات العامة، و إدارة المخابرات الحربية و الاستطلاع، و جهاز مباحث الأمن الوطني، وهيئة الرقابة الإدارية، وكل جهة عندها صلاحية النفاذ للبنية التحتية للشركات المحمول والإنترنت الخاصة، ولكن الجهات هذه قررت أن تشتري ألعابا أجنبية عشان يبقى عندها سرية أكتر ومش عايز باقي الأجهزة تعرف عشان مش بيحبوا أن يتعاونوا مع بعض ومش عايزة قطاع الاتصالات يعرف".
موضحا ، وثانيا عشان كل جهاز يستخدم ألعابه عشان يراقب الجهاز الثاني والثالث وهكذا ، غير طبعا مراقبة المدنيين واستهدافهم خارج نطاق القانون والدستور، وشيء آخر وهو أن المراقبة من خلال شركات الاتصالات تسهل المراقبة الداخلية ، لكن عند الخطف والقتل والمراقبة المباشرة المرعبة مينفعش تحصل من خلال مشتريات البرامج الأجنبية وكل جهة طبعا حرة في الميزانية والبرلمان ميعرفش حاجة ولا في أي محاسبة والحقيقة أن البرمجيات دي وجودها خطر على حياة الناس ومش مفروض أي سلطة أو جهة يبقى عندها الصلاحية المفرطة بدون محاسبة، وكلٌ يتجاهل حاجة اسمها دستور وقانون".
جدير بالذكر أن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان سبق وقدما شكوى مماثلة ضد الشركة نفسها في 2011، بشأن بيع تقنيات تجسس مشابهة لنظام معمر القذافي في ليبيا، وقد تمكن ضحايا نظام القذافي في 2013 بمساعدة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان من المثول أمام قضاة التحقيق الفرنسيين للإدلاء بشهادتهم في تلك الواقعة، التي تحولت في 2017 لـ “الشاهد الممثل قانونيا” للمشاركة في أعمال تعذيب ارتُكبت في ليبيا بين عامي 2007 و2011.