أسبوع على قتل البرلماني الطبيب.. الحزن مستمر على رحيل حمدي حسن وناشطون: عاش مدافعا عن مصر وفلسطين

- ‎فيلن ننسى

بعد أسبوع على قتل البرلماني النابه والسياسي النزيه د. حمدي حسن تحولت ساحات التواصل الاجتماعي إلى ما يشبه العزاء الجماعي وإعلان حالة الغضب بعد استشهاد نائب برلمان الشعب قبل الثورة، والذي قتلته قوات أمن الانقلاب في السجن نتيجة 8 سنوات من الاعتقال و5 سنوات من العزل الانفرادي في سجن العقرب والحرمان من الزيارات أو الاطمئنان على أسرته، بالإضافة إلى الإهمال الطبي ومنع العلاج والرعاية الصحية. 
واستعرض مقربون من الشهيد حمدي حسن مواقف شخصية شاركوه فيها ومن هذه المواقف ما ذكره "عاصم شحاتة" حيث أشار إلى موقفين حضرهما للدكتور حمدي حسن -رحمه الله- الموقف الأول في أحد مساجد منطقة محرم بك بالإسكندرية بعد تزوير انتخابات ٢٠١٠ حين سأله أحد الإخوة: "هتعمل إيه الفترة الجاية في دعوتك ودورك في الإخوان"؟ قال له بكل بساطة "محصلش حاجة عشان يتغير دوري، هكون وسط الناس في العيادة وفي الشارع وفي المسجد اتعلمنا كده في الإخوان،  إيه اللي حصل يعني؟ ربنا اختار لي دوري أكون عضو بمجلس الشعب ودلوقتي مابقتش، إيه هقول لربنا لا مش هشتغل الشغلانة دي"؟

ويروي الموقف الثاني قائلا: "كنا طالعين حملة إغاثة لغزة ، وكنا هنتقابل عند نقابة الصحفيين في القاهرة وكان عددنا من ٨٠ إلى١٠٠ فرد وكان د حمدي حسن عضوا في مجلس الشعب ساعتها، وكان هو مسئول القافلة وفجأة لقينا الأمن المركزي بتاع الجمهورية كلها محاصر النقابة، وكان الأمن عايز يعتقل كل الموجودين ماعدا أعضاء مجلس الشعب، أُشهد الله أن د حمدي ما ترك فردا واحد لهم، وكان يتعامل مع الضابط المسئول بكل عزة وقوة لم أرها من قبل في بشر".

صديق المعتقل
وقال صالح زكريا (Saleh Zakareya) "آلمني خبر وفاة والد أحد أصدقائي وهو معتقل سياسي منذ تسع سنوات، لم أرَ منه هو ووالده إلا الخلق الحسن وحب الخير وخدمة الناس، ويشهد القاصي والداني على ذلك، ولا أرَ مبررا في ترك رجل اقترب من السبعين يمر بتلك الظروف التي تؤدي إلى موته وحيدا بلا دواء أو زيارة في حبس انفرادي ممنوع من أبسط حقوقه الإنسانية".
وأضاف: "ومهما كثرت كلمات المواساة والتعاطف لا أتخيل شعور أسرته وأولاده بالحزن والقهر لوالدهم الأستاذ الجامعي والطبيب وعضو البرلمان، فهم لم يتمنوا شيئا غير أن يكونوا بجانبه في أيامه الأخيرة".

لكن يقيننا وإيماننا بالله وحكمته '' الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ'' أي الذي خلقكم للموت والحياة، يعنى، للموت في الدنيا والحياة في الآخرة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  ' إن "الله- تعالى- أذل ابن آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة، ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء" وعند الله نجتمع الخصوم .

برج العرب
وأشار المعتقل السابق علي بركات (Aly Barakat) إلى أنه قضى ١٩ شهرا في زنزانة واحدة مع الأسد (د.حمدي) وقال "شاء الله بعد شهر من حبسي في ٥ سبتمبر ٢٠١٣ أن يقرر ضابط أمن الدولة بسجن برج العرب نقلي إلى زنزانة الأسود، وإن كنت لا أطاولهم أو أرقى لصحبتهم، وكانت الزنزانة تضم ثلاثة أسود، خرج اثنان منهم معي في مايو ٢٠١٥ إلى الحرية، وبقي الأسد الدكتور حمدي حسن، وقد لحق بنا في نفس الزنزانة أسدان آخران كانا محبوسين انفراديا".

الأسد صبحي صالح المحامي والفقيه القانوني والأسد حسن البرنس أستاذ الأشعة بطب الإسكندرية".
وقد تم بعد خروجنا نقل ثلاثتهم إلى سجن العقرب، حيث استشهد د. حمدي حسن ليلحق بمن سبقوه من خيرة أبناء مصر، فاللهم اجعله آخر قتلاهم".
وأوضح أنه "خلال ال ١٩ شهرا من الحبس والتي صاحبت فيها د. حمدي لمدة ٢٣ ساعة يوميا، كان مصدرا لا ينضب للدعابة والضحك والحكايات والقفشات يُشيع البهجة في نفوس كل من حوله من المحبوسين، وطبيبا يصف العلاج للمرضى، وكنت أحدهم. وفى نفس الوقت ظل أسدا تخشى إدارة السجن غضبته، وبدرا تنتظر أسرته رؤيته في الزيارات القصيرة جدا والتي حُرموا منها آخر خمس سنوات.


موقفان لا أنساهما

وأشار بركات إلى موقفين مع الدكتور، أحدهما دفاعا عن شرع الله والآخر عن حقوق المحبوسين، موضحا أن الحادثة الأولى كانت عند محاولة مجلس الشعب سن تشريع يمنع الحجاب في المدارس في عهد وزير التعليم الأسبق  حسين كامل بهاء الدين، وحين وقف وزير الثقافة  فاروق حسني يؤيده قائلا "وفيه إيه لو منعنا الحجاب، ما أنا والدتي مش محجبة؟" فرد عليه الدكتور حمدي حسن برد من لايخشى في الله لومة لائم، وبصوته الجهوري ، مع احترامنا الكامل للوالدة، لكن عمل السيدة والدتك مش من مصادر التشريع، فأسكته.

الموقف الثاني حين أستُشهد المهندس أكرم الزهيري (٤١ عاما) عام ٢٠٠٤ في سيارة الترحيلات، حيث كانت سيارات الترحيلات عبارة عن صندوق معدني فارغ ليس به مقاعد أو ما يمسك به المسجون المقيد أثناء رحلته، التي يقودها مجند لايحسن القيادة، فكان نتيجة رحلة المهندس أكرم مقيدا في واحدة من هذه السيارات أن ظل يرتطم بين جوانب الصندوق الأربعة المعدنية فكُسر حوضه وحدث نزيف داخلي أدى لوفاته، ووقف د. حمدى يزأر في مجلس الشعب "قتلتوه يامجرمين" وكان نتيجة لهذا الموقف أن تم عمل كراسي معدنية مثبتة في جوانب جميع سيارات الترحيلات حتى لا تتكرر هذه الحادثة.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=10159669255153841&set=a.10156437410308841


9 سنوات ظلم
وحكى زميله الطبيب أحمد مطر أن "كلاب الانقلاب قتلوه بعد ٩ سنوات من السجن الظالم بلا تهمة ، الشهيد الذي فقدناه الدكتور حمدي حسن نائب الشعب المحبوب عضو البرلمان انتخبه الشعب عدة دورات متتالية ١٠ سنوات بعدما انتخبوه في المحليات عن غرب الإسكندرية فكان نموذجا مثاليا للنائب".
وأشار إلى معرفته الوثيقة به، حيث، إخوّة ومودة وزمالة دراسة ومهنة وعمل دعوي مشترك و تواصل مستمر ٤٦ سنة دون انقطاع منذ التحقنا بكلية طب الإسكندرية ١٩٧٥".
وأضاف أنه "نموذج نادر التكرار من التضحية و البذل في نشر الدعوة الإسلامية و الإيثار و التفاني في خدمة الشعب ، رفض كل عقود العمل في الخليج ، لم يترك الورديان و لا مستشفى القباري لحظة واحدة ، ساهم في العمل النقابي و خدمة الأطباء تم ترشيحه وكيلا لوزارة الصحة بالإسكندرية ٢٠١٢ ولكن الوزير قال  "هو أكبر من ذلك هو مستوى وزير".
وتابع "أحببت فيه الإخلاص والتواضع الشديد و السكينة والصبر والابتسامة الهادئة".

https://www.facebook.com/aymatar/posts/4530533767026345

ومن جانبه، قال براء حمدي حسن الشهيد إن "منعوه من زيارتنا له منعا نهائيا لما يقارب ٥ سنوات، أبلغونا بالأمس بوفاته داخل محبسه بسجن العقرب ومنعوا إقامة جنازة له إلا بحضور ٦ أشخاص وسط حضور أمني شديد، دفنوه رحمه الله ليلة أمس ، شهيدا إن شاء الله في ليلة الجمعة".
ودعا براء محبي والده إلى صلاة الغائب عليه فأضاف "حرموك من صلاة جنازة نتمناها فأحسب أن محبيك وأصدقاءك في كل مكان لن يحرموك في يوم الجمعة صلاة الغائب والدعاء لك أن يتقبلك الله شهيدا وينتقم من قاتليك".
وعن نظرته لوالده ومشاعره الإنسانية قال "نحتسب أبي الغالي عند الله شهيدا إن شاء الله، أفرج الله عنه بعد ٨ سنوات من سجون الظالمين".
وأضاف "عشت قويا يا أبي ، وسجنوك بطلا ، ومت شهيدا إن شاء الله ، اللهم تقبله في الشهداء والصالحين".
وتابع "كان نفسي أشوفك يا أبي وأودعك ولو بنظرة أخيرة ، سامحني يا أبي والله وددت لو أفديك أنا بروحي وتكون أنت في عز وراحة،  ربح البيع يا أبي، ربح البيع يا أبا براء".