زيادة تكلفة الإنتاج وتراجع أسعار المحاصيل.. الفلاح بين نارين

- ‎فيتقارير

يواجه الفلاحون الكثير من التحديات والعراقيل في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي ،هذه التحديات تهدد مستقبل الزراعة في مصر بالكلية ، وقدرة العاملين في هذا المجال على الصمود والاستمرار .

وتتنوع تلك التحديات بين متوارثة عبر الأجيال المتتالية أو مستحدثة في ضوء السياسات الأخيرة والمستجدات الراهنة.

وأصبح الفلاح يعاني من الرسوم والضرائب وارتفاع الأسعار وزيادة تكلفة الإنتاج، بل والأسمدة المجهولة والمبيدات المغشوشة في مقابل تراجع أسعار المحاصيل مما يجعله يتحمل أعباء وخسائر تنوء بها الجبال .

كانت وزارة الري بحكومة الانقلاب قد أعلنت في فبراير الماضي إدخال تعديلات على المادة 38 من قانون الري تسمح بفرض رسوم مقدارها 5 آلاف جنيه كل 5 أعوام على ماكينات الري الموضوعة على الترع العامة، وهي الرسوم التي أثارت سخط المزراعين لكن دون تراجع من حكومة الانقلاب .

الأزمات التي يواجهها الفلاح بعضها باتت دائمة، وأخرى بدت إرهاصاتها تلوح في الأفق، حيث تلقى ضربات موجعة منذ تفشي فيروس كورونا المستجد ، ألقت بظلالها على المستوى المعيشي لما يزيد على 8 ملايين أسرة في مصر.

 

أسعار المحاصيل

من جانبه كشف المركز المصري للدراسات الاقتصادية، عن تداعيات وباء كورونا على المزارع فيما يتعلق بتراجع أسعار المحاصيل مقارنة بكلفتها العالية، مشيرا إلى أن محصول البطاطس، أحد أكثر المحاصيل التي يستهلكها المصريون، انخفض سعر الطن منها إلى 1200 جنيه في حين تصل تكلفته إلى 4 آلاف جنيه، أما فيما يتعلق بأسعار التصدير فانخفضت من 120 دولارا إلى أقل من 10 دولارات للطن.

وقال المركز في تقرير له إن "محصول القمح كذلك، وهو أحد أكثر المحاصيل التي يعتمد عليها الفلاح في تعزيز دخله السنوي، تراجع سعره  بصورة كبيرة خلال الربع الأول من 2020 فبراير – مارس ليواصل هذا التراجع العام الحاليّ، بالتزامن مع تراجع أسعار الذرة وقصب السكر بسبب انخفاض الطلب عليها عالميا.

وأشار التقرير إلى أن هذه الأوضاع دفعت الكثير من المزارعين إلى اللجوء للخيارات الفردية في التعامل مع الأزمة، كتخزين بعض المحاصيل والاكتفاء بعرض جزء بسيط منها للبيع والآخر للتقاوي في العام القادم، بدلا من بيعها بتلك الأسعار المنخفضة، وهي السياسة التي من المحتمل أن يكون لها تبعات كارثية.

 

الزراعات التعاقدية

وطالب حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، بتفعيل قانون الزراعات التعاقدية لتعويض غياب الدورة الزراعية، الذي حمله مسؤولية تفاقم الأزمة التسويقية والسعرية .

وقال أبو صدام في تصريحات صحفية إن "هناك تراجعا ملموسا في إنتاج وأسعار المحاصيل الزراعية، أبرزها البطاطس والبطاطا والجزر والفاصوليا والطماطم، بخلاف أسعار المحاصيل الموسمية كالأرز والقمح التي شهدت انخفاضا كبيرا كانت له آثاره السلبية على الفلاح".

وأعرب عن أسفه لتراجع أسعار المحاصيل هذا العام مقارنة بالعام الماضي، لافتا إلى انخفاض أسعار كيلو البطاطس إلى ما بين 1 و2.5 جنيه مقابل 6 و8 جنيهات خلال نفس الفترة من العام الماضي، وسجل سعر كيلو الفاصوليا بين 4 و6 جنيهات مقابل 8 جنيهات قبل عام، ووصل سعر كيلو الطماطم إلى ما بين 1.75 و2.5 جنيه مقابل 3 جنيهات و3.5 جنيه العام الماضي .

وكشف أبو صدام أن الأزمة تتعمق مع فرض حكومة الانقلاب مزيدا من الأعباء الإضافية على المزراعين، تضمنها مشروع الري الحديث ومن بين تلك الأعباء في حال إنشاء شبكات صرف عامة مغطاة أو مكشوفة، يضاف إلى التكاليف 10% مصاريف إدارية، ويحمل كل فدان يستفيد من هذه الشبكات نصيبه منها .

 

المبيدات المغشوشة

وحول أزمة المبيدات المغشوشة قال الدكتور عماد مختار الشافعي، أستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إن "انتشار المبيدات المغشوشة يمثل خطرا حقيقيا على الإنتاج الزراعى بالإضافة إلى سمعة مصر العالمية في هذا المجال، مشيرا إلى اعتماد عدد كبير من المزارعين على مبيدات مجهولة المصدر لانخفاض سعرها، دون إلمام بالأضرار المترتبة على استخدام هذه الأنواع".

وشدد الشافعي في تصريحات صحفية على أهمية تنشيط دور الإرشاد الزراعي وعمل حملات توعية دورية، تجوب كل القرى والمحافظات بالتزامن مع تشديد الرقابة على متاجر بيع مستلزمات الإنتاج الزراعي، وأخذ عينات منها وإرسالها إلى معهد البحوث الزراعية، لتحليلها ومعرفة مركباتها وتأثيراتها على المحصول والأرض وكذلك الصحة العامة.

واعتبر أن رش المبيدات في موسم الحصاد يعد أسوأ ما يُرتكب داخل العملية الزراعية، ويترتب عليه وصول الفاكهة والخضروات للمستهلك مليئة بالمبيدات السامة، وهذا يحدث تحديدا في الطماطم والخيار مشيرا إلى أن تناول الثمرة خلال تلك الفترة بمثابة تناول سُم قاتل يؤدي إلى الإصابة بأمراض الفشل الكلوي والسرطانات وغيرها من الأمراض الخطيرة المدمرة للصحة العامة.

وحذر الشافعي من تهريب المبيدات المسرطنة إلى مصر، بالطريقة نفسها المستخدمة في إدخال المخدرات والممنوعات، لافتا إلى تشابه المخاطر بين كل من المبيدات المسرطنة والمخدرات وتأثيراتها على الصحة العامة وطالب بزيادة الرقابة وتنفيذ القانون بصرامة على كل شخص يثبت تورطه في تلك العمليات المشبوهة، والتي تؤدي لتدمير مجتمع بأكمله .

وكشف الشافعي عن وجود مستوردين متورطين في استيراد مبيدات محرمة دوليا، مما يتطلب القيام بحملات تفتيش مستمرة وعمل نشرات توزع على الجمعيات الزراعية في كل أنحاء البلاد، تحتوي على أسماء تلك الأنواع من المبيدات وأضرارها على المزارع أولا، ثم الأرض الزراعية، وأخيرا المستهلك.

 

أزمات كثيرة

وقال مجدي أبو العلا، نقيب الفلاحين في محافظة الجيزة إن "الفلاح يواجه أزمات كثيرة تدفعه الى العزوف عن زراعة أرضه، لافتا إلى أن ظاهرة غش المبيدات أصبحت منتشرة بشكل مقلق في السوق الزراعي ، ولابد من آلية لمواجهة هذه التحديات التي تعرض الأمن الغذائي لخطر كبير" .

وأشار أبوالعلا في تصريحات صحفية إلى أن المبيدات المغشوشة يتم استيرادها من الخارج وتدخل البلاد بطريقة غير قانونية عن طريق التهريب من خلال مافيا تنشط في هذا المجال، بينما لا يستطيع المزارع اكتشاف الحقيقة إلا عند مرحلة الإزهار ومع بداية ظهور الثمرة، ما يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة.

وأكد أن المبيدات المغشوشة أدت بجانب الخسائر المادية الداخلية إلى تشويه سمعة المنتج الزراعي المصري في السوق العالمي، مشيرا إلى إعادة شحنات البطاطس المصرية والفراولة لعدم مطابقتها للمواصفات من جانب عدد من دول العالم، وحدث ذلك بعد وصول المنتجات إلى البلدان المستوردة ما ضاعف الخسارة نتيجة تحمل الشركات المصرية تكلفة الشحن أيضا .

وطالب أبو العلا بتحديث أليات المراقبة على القطاع الزراعي بما يتناسب مع حجم التحديات الحالية، مشددا على ضرورة حماية القطاع الزراعي المصري وازدهاره بشكل يتناسب مع السوق العالمي بعد كورونا.