بعد تصريحات وزير تموين الانقلاب.. هذه مخاطر تحويل دعم الخبز إلى نقدي

- ‎فيتقارير

كشف وزير التموين بحكومة الانقلاب علي المصيلحي أن حكومة العسكر تدرس تحويل دعم الخبز من عيني إلى نقدي، قائلا إن هذا الأمر مطروح للمناقشة. المصيلحي ــ في حوار تليفزيوني، مساء الخميس الماضي 9 ديسمبر 2021 ــ  ربط بين هذا التوجه وتجاوز فترة ارتفاع معدلات التضخم الحالية من ناحية، والانتهاء من إجراءات خفض عدد من اعتبرهم غير مستحقي الدعم التمويني عمومًا، أو ما يسمى بالاستهداف، وهي الفترة التي توقع أن تنتهي في منتصف العام المقبل، أي مع بدء العام المالي الجديد (2021/2022).

وهناك شبه إجماع بين الخبراء والمختصين أن الدعم النقدي المشروط  أفضل حالا من الدعم العيني؛ لاعتبارات  تتعلق بحجم الفساد الواسع الذي يرتع في جميع مؤسسات الحكم في مصر وعلى رأسها وزارة التموين التي تحصل على  نسبة كبيرة من مخصصات الدعم السنوي في الموازنة العامة للدولة، وسط تخوفات مشروعة من أن تفضي الخطوة إلى إلغاء تدريجي للدعم في ظل توجهات حكومة السيسي لنفض يديها من الالتزامات الدستورية الاجتماعية لرعاية الفقراء والمهمشين، وكذلك تآكل قيمة العملة المحلية "الجنيه" أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية مع الوضع في الاعتبار أن مصر تستورد 60% من احتياجاتها الغذائية ما يعني أن هبوط العملة كما حدث في أعقاب تعويم الجنيه نوفمبر 2016م سوف يفضي آليا إلى تفريغ الدعم من مضمونة لتبقي الجنيهات المخصصة للفقراء غير كافية لتحقيق أدني مستويات الستر والحاجات الأساسية من الطعام.

تحويل منظومة الدعم إلى النقدي خطوة ربما تحقق بعض المكاسب مثل توفير الهدر والفاقد، لكنها في ذات الوقت قد تشكل خطرا جديدا على الفقراء ومحدودى الدخل وغالبية الطبقة المتوسطة، خصوصا فى ظل حالة انفلات الأسواق وجشع التجار وغياب الرقابة، مما يضع غالبية مستحقى الدعم تحت رحمة المستغلين.

من العيوب أيضا، هو عدم ربط مخصصات الدعم النقدي للأفراد بمستويات التضخم وتقلبات الأسعار، فماذا إذا حدثت أزمات عالمية دفعت أسعار الغداء إلى الارتفاع  أو ارتفعت قيمة الدولار أمام الجنيه بشكل كبير كما جرى في أعقاب التعويم؟ فهل ترتفع مخصصا الدعم أم تبقى كما هي؟ وهو ما يؤدي تلقائيا إلى تآكل هذه المخصصات سريعا ما يفرغ معنى الدعم كمسئولية اجتماعية على الدولة من محتواه والأهداف من ورائه والتي تتعلق بحماية الفقراء من الجوع. وحل ذلك هو إعادة النظر بشكل دوري في المبالغ المخصصة للدعم النقدي وربطها بمستويات التضخم وتقلبات أسعار السلع.

وبحسب موقع "مدى مصر"، يعد التحول من الدعم السلعي للدعم النقدي، أحد أبرز سمات التحولات في الدعم عمومًا منذ العام 2014، عبر الخفض الكبير للغاية في دعم المواد البترولية من 123 مليار جنيه عام 2013-2014 إلى 18 مليار جنيه في العام الحالي، وتعديل نظام الدعم التمويني ليتحول من دعم سلعي إلى دعم نقدي عام 2014، ووضع حد أقصى لعدد أرغفة الخبز المستحقة للفرد في نفس العام.

وكان رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي قد ذكر في أغسطس 2021م أنه ينوي رفع سعر الخبز، وهو ما يعني المزيد من تخفيض الدعم السلعي، لكن أُعلن لاحقًا عن تأجيل هذا القرار.  ويرى وزير التموين الأسبق جودة عبدالخالق أن التحول من الدعم السلعي للخبز إلى الدعم النقدي، سواء عبر قسائم كما هو الحال بالنسبة للدعم التمويني أو بصورة نقدية كاملة، سوف يؤدي إلى تراجع حصتهم الفعلية من الخبز بسبب التغير في أسعار الخبز بعد تحرير سعره على نحو دائم في مقابل الثبات المتوقع في حجم هذا الدعم النقدي الجديد.

ويضيف عبد الخالق أن التغير في أسعار الخبز في حال تحرير سعره سترتبط بموازين القوى الحالية في سوق الخبز، والتي تلعب شعبة أصحاب المخابز في الغرف التجارية دورًا كبيرًا فيها، بما يعني أن سعر الخبز بعد تحريره سيرتفع بنسبة كبيرة تؤثر على قدرة الناس على شراء ما يكفيها من خبز لأسبابٍ من ضمنها قدرة أصحاب المخابز، ومن خلفها الشعبة، على تحريك السعر بحرية كبيرة من جهة، فضلا عن ذلك، فـ«التغير في تكلفة إنتاج الخبز -بما يعنيه من ارتفاع سعره في السوق بعد تحريره- مرتبط على نحو كبير بالتغير في أسعار الحبوب في السوق العالمي من ناحية بالإضافة إلى العجز عن السيطرة على سعر الجنيه، بسبب ارتباط توفير القمح لصنع الخبز بنسبة كبيرة باستيراد القمح» ،  وبالتالي فإن«النتيجة في هذه الحالة هو ارتفاع سعر الخبز مع أي تغير في سعر القمح عالميًا أو في سعر الجنيه».

وخلال العام المالي الحالي 2021-2022، تستهدف الحكومة استيراد 5.111 مليون طن من القمح مقابل 3.5 مليون طن تستهدف شراءها من السوق المحلي، أي أنها تعتمد على استيراد القمح بنسبة تقترب من 60%. 

بحسب جودة عبدالخالق فإن «خفض الحد الأقصى لعدد أفراد الأسرة المستحقة إلى مستوى أربعة أفراد يعني عمليًا حرمان الأسر الأفقر، والتي تتركز فيها ظاهرة ارتفاع عدد أفراد الأسرة هي من تحرم من جانب من دعمها التمويني، وفي المقابل فهذا النمط من خفض المستحقات من الدعم لن يدفع الناس لخفض المواليد لأن أسباب ارتفاع المواليد ترتبط بجوانب اقتصادية من ضمنها اعتماد الأسر الفقيرة على استجلاب موارد من تشغيل أبنائها، بالإضافة للجوانب الدينية والثقافية من الظاهرة» على حد قوله.

وتبعًا لتقرير بحث الدخل والإنفاق عن عام 2019-2020، والصادر في ديسمبر 2020م، يتركز الفقر بنسبة 8.62% في الأسر التي يزيد عدد أفرادها عن تسعة أفراد، وبنسبة 66.75% في الأسر التي يتراوح عدد أفرادها بين ثمانية إلى تسعة أفراد، وبنسبة 48.07% في الأسر التي يتراوح عدد أفرادها بين ستة إلى سبعة، وبنسبة 25.23% في الأسر التي يتراوح عدد أفرادها بين أربعة إلى خمسة أفراد، وبنسبة 7.48% في الأسر التي يتراوح عدد أفرادها بين فرد واحد إلى ثلاثة أفراد. وقبل تنفيذ التوجه بقصر الدعم التمويني على أربعة أفراد، كانت حكومة الانقلب قد أعلنت عن رفع مخصصات الدعم التمويني للفرد من 21 جنيهًا إلى 50 جنيهًا عام 2017، على خلفية ارتفاع معدلات التضخم وقتها إلى مستويات قياسية بعد تحرير سعر الجنيه، مع إبقاء الدعم عند مستوى 25 جنيهًا للفرد الخامس في الأسرة.