قتلى وتفجيرات وعجز أمني.. أسبوع دموي بسيناء وسط تعتيم إعلامي

- ‎فيتقارير

لا تزال الأمور مشتعلة في شبه جزيرة سيناء رغم المزاعم التي تروج لها الآلة الإعلامية للنظام حول الأمن وعودة الهدوء وإعادة بعض أهالي القرى المهجرين، فقد وقعت عصر الجمعة 17 ديسمبر 2021م، قوة عسكرية في كمين أعده مسلحو تنظيم «ولاية سيناء» أسفر عن مقتل وإصابة البعض بتفجير دبابة تابعة للجيش بمدينة رفح بشمال سيناء.

وتنقل صحيفة "العربي الجديد" عن مصادر قبلية وشهود عيان،  قولهم إنّ تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" فجّر دبابة للجيش المصري في منطقة بلعا غرب مدينة رفح. وأضافت المصادر ذاتها أنّ الدبابة تعرضت لدمار هائل نتيجة قوة الانفجار، فيما هرعت سيارات الإسعاف وقوات الجيش إلى المنطقة لنقل القتلى والجرحى. وفي السياق قالت مصادر طبية عسكرية بشمال سيناء، إنّ مستشفى العريش العسكري استقبل جثتين وثلاثة جرحى بحالات متفاوتة نتيجة هجوم في مدينة رفح. ويعتبر الهجوم هو الأول من نوعه بعد فترة من الهدوء المؤقت دامت عدة شهور في ظل تواري الجيش عن المواجهات وتقديم المليشيات القبلية المسلحة  لصدارة المواجهات.

العملية الأخيرة تأتي بعد أيام من زيارة استعراضية بدون تأمين من الجيش، قام بها محافظ شمال سيناء اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، لإحدى قرى الشيخ زويد، الاثنين الماض (13 ديسمبر 2021م)، بعد قرابة شهر من بدء عودة محدودة للعشرات من سكانها بعد نحو سبع سنوات من خروجهم منها.

وكانت القوات المسلحة سمحت، منذ منتصف نوفمبر 2021م، بعودة محدودة لسكان قرى: الجورة والظهير وأبو العراج، جنوبي مدينة الشيخ زويد، ولبعض التجمعات القروية القريبة منها، والتي نزح منها أهلها قبل نحو سبع سنوات، بعد احتدام المعارك بين الجيش و«ولاية سيناء». العودة التي لم يُعلن عنها بشكل رسمي، جاءت تكرارًا لما حدث مع سكان قرى «المثلث الأخضر» في مدينة بئر العبد، العام الماضي، من خلال وساطة بعض وجهاء قبائل المدينة الذين تربطهم علاقات قوية مع أجهزة الأمن، للسماح بعودة محدودة لسكان بعض القرى والتجمعات، في وقت بات واضحًا فيه محدودية وجود التنظيم على اﻷرض في مناطق أقصى شرق سيناء: الشيخ زويد ورفح.

 

ميلشيات قبلية

وبعد زيارة المحافظ بساعات، تسلل مسلحون من «ولاية سيناء» إلى قرية أبو العراج المجاورة لها، فجر الثلاثاء، وقتلوا أحد المدنيين الذين يقومون بحماية القرية بتكليف وتسليح من قبل القوات المسلحة. مصدر في قبيلة السواركة، ومنها المدني المقتول، قال  وفقا لموقع «مدى مصر» إن الجيش سلّح أربعة إلى ستة أفراد في كل منطقة سمح بعودة سكانها، على أن يتولى هؤلاء حماية الأهالي.

استراتيجية إسناد حماية القرى من الداخل لسكانها، وحملهم للسلاح بإشراف من القوات المسلحة التي تتولى حماية القرى من الخارج، كانت قد نُفذت أيضًا مع سكان قرى «المثلث الأخضر» عند السماح لهم بالعودة لقراهم آنذاك. والثلاثاء الماضي، وبعد ساعات من هجوم المسلحين على أبو العراج، انفجرت عبوة ناسفة في محيط أحد منازل حي الدراوشة جنوب مدينة الشيخ زويد، وأسفرت عن إصابة سيدة. هذه هي الإصابة الثانية من نوعها بين المدنيين العائدين، بعدما شهد مطلع الشهر إصابة طفلة بالطريقة نفسها.

وتؤكد مصادر قبلية أن تنظيم "ولاية سيناء" عاد إلى عملياته ضد الجيش والشرطة والمتعاونين مع النظام، حيث اختطف التنظيم مؤخرا مهندسين اثنين ومتعاوناً مدنياً، ومن ثم قتلهم بعد أيام وألقى جثثهم على الطريق في مدينة رفح، بحجة عملهم في مشروع إنشاء مدينة رفح الجديدة. وبعد ذلك، قتل التنظيم اثنين من أعضاء "اتحاد قبائل سيناء" (تجمع من أبناء القبائل المتعاونة مع النظام في العمليات الأمنية بشمال سيناء).

كما أقدم التنظيم، وفق المصادر، على إحراق عدد من المعدات الثقيلة التي تعمل ضمن مشاريع استراتيجية لقوات الجيش في رفح. وأخيراً تسلل إلى قرية أبو العراج (التابعة لمركز الشيخ زويد)، التي عاد إليها سكانها قبل أيام، وقتل أحد العاملين ضمن المجموعات القبلية المساندة للجيش.

وأشارت المصادر إلى أن التنظيم "كان متمركزاً في نطاق محدد جنوب مدينتي الشيخ زويد ورفح، ولم يتجه لتنفيذ هجمات منذ أشهر، إلا أنه وبعد الضجة الإعلامية والميدانية التي قام بها اتحاد قبائل سيناء، وكذلك الضجة التي شارك فيها بعض ضباط الجيش في القرى المهجرة، استنفر التنظيم مجموعاته، وعاد لتنفيذ هجمات متنوعة ضد الجيش والمتعاونين معه، إذ إن بعض الهجمات نفذت خارج إطار جنوب المدن المذكورة".

وأضافت المصادر أنه على أثر ذلك، اضطر اتحاد قبائل سيناء إلى إعلان استنفار جميع أفراده في وسط وشمال سيناء، لملاحقة عناصر التنظيم الذين عادوا للعمل مجدداً. إذ بدأ الاتحاد بتسيير دوريات في كافة المناطق الواقعة جنوب الطريق الدولي رفح – العريش، لمنع التنظيم من تنفيذ أي هجمات خلال الأيام المقبلة، في ظل استمرار حركة عودة المهجرين قسرياً إلى قراهم المهدمة على يد الجيش.

لكن هذه العودة المفاجئة للقرى تحمل في طياتها قراراً عسكرياً بإعادة ترسيم حدود سيناء، بالسماح للمدنيين بالوصول إلى كافة المناطق، باستثناء تلك التي حددها القرار الجمهوري ووضعها تحت تصرّف وزير الدفاع، قبل أشهر. وتأتي عودة المواطنين جزئياً إلى قرى بنطاق الشيخ زويد، في وقت لم يسمح فيه الجيش المصري بعودة عشرات الآلاف من سكان مدينة رفح وقراها، وكذلك سكان أطراف الشيخ زويد الملاصقة لرفح، بالإضافة إلى تجمعات بدوية وقرى في الظهير الصحراوي، وسط سيناء، مثل الحسنة والمغارة.

ومنذ سن قانون الإرهاب في منتصف 2015م يفرض نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي تعتيما إعلاميا على ما يحدث في سيناء في ظل إدانات حقوقية دولية للانتهاكات الواسعة التي يمارسها الجيش ضد المدنيين هناك بدعوى مكافحة الإرهاب. حيث جرى تهجير عشرات الآلاف وحرق وتدمير كلي لعشرات الآلاف من المنازل والحقول والمزارع.