“التعويم المحتمل للجنيه”.. هل يشعل ثورة الفقراء والمهمشين في 2022؟

- ‎فيأخبار

توقع خبراء اقتصاد أن يشهد عام 2022 كارثة جديدة للجنيه المصري، تعد الأكبر منذ قرار التعويم في مطلع نوفمبر 2016 ، حيث ستضطر لإجراء تخفيض كبير على قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.

وقالوا إن "حكومة الانقلاب سوف تتخذ قرارا يعد بمثابة تعويم جديد، سيؤدي إلى تراجع قيمة الجنيه ليصبح الدولار مساويا لنحو 20 جنيها، ما سينعكس سلبا على مستوى المعيشة وارتفاع الأسعار، كما قد يؤدي إلى اشتعال ثورة الفئات الفقيرة والمهمشة.

كان روبن بروكس كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، توقع أن تلجأ حكومة الانقلاب إلى تخفيض قيمة الجنيه المصري مرة أخرى.

وقال "بروكس" وهو خبير سبق له العمل مع بنك جولدمان ساكس الأمريكي أحد أهم بنوك الاستثمار في العالم، إنه "بناء على النموذج الرياضي الذي بُني عليه الميزان التجاري المصري فإن الجنيه تم تقييمه في يونيو 2020 بـ 15% أعلى من قيمته الحقيقية في السوق، أي ما يزيد من 2 إلى 3 جنيهات عن سعر الصرف الحالي، مشيرا إلى أن هذه القيمة قد تكون ارتفعت خلال العام 2021 إلى 5 جنيهات".

 

 توقعات صادمة

من جانبها توقعت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار في العام الجديد.

وأرجعت "كابيتال إيكونوميكس"في مذكرة بحثية حديثة هذا التراجع إلى ضعف صادرات الغاز الطبيعي، وتراجع عائدات قناة السويس، والانخفاض الكبير في عائدات السياحة، إضافة إلى تراجع تحويلات المصريين بالخارج، وكذلك نزوح استثمارات المحافظ الأجنبية إلى الخارج .

وقالت إنه "على الرغم من تراجع الضغوط على الجنيه، لكن سعره الحالي ربما يكون مبالغا فيه، حيث ارتفع سعر صرف الجنيه 2 في المئة مقابل الدولار مع إبقاء البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير لتشجيع تدفق رأس المال".

وأشارت "كابيتال إيكونوميكس" إلى أن هناك مخاوف من أن قيمة الجنيه الحالية مبالغ فيها بشكل متزايد، فبينما كان التضخم أبطأ بكثير مما كان عليه خلال العقد الماضي، فإنه لا يزال أعلى منه في العملات النظيرة للجنيه، ما يعني أن العملة المحلية بحاجة إلى أن تراجع قيمتها الاسمية في سبيل منع سعر الصرف الحقيقي من الارتفاع وزيادة تآكل القدرة التنافسية.

ورجحت المؤسسة في توقعاتها الصادمة أن يتراجع الجنيه المصري حتى يصل الدولار إلى مستوى 18 جنيها بحلول نهاية العام 2022، بانخفاض 12 في المئة عن مستواه الحالي، متوقعة أن يشجع صندوق النقد الدولي حكومة الانقلاب على السماح بالتراجع حتى لا تضطر إلى إجراء تعديلات أضخم.

 

فاتورة التعويم

من جانبه أكد الباحث الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب "الحرية والعدالة" أنه رغم تحرير سعر صرف الجنيه منذ سنوات فإن حكومة الانقلاب تفرض حماية عليه، للحفاظ عليه من التراجع بغرض التمويه على المستثمرين الأجانب وجذب الأموال الساخنة لخزانتها ثم دفعها لهم مرة أخرى عبر سلسلة معروفة من الاقتراض من أجل سداد القروض، مشيرا إلى أن هذا يجعل قيمة الجنيه غير حقيقية ولذلك ترتفع الأسعار .

وتوقع "الصاوي"، في تصريحات صحفية، أن يواصل البنك المركزي دعمه للجنيه عبر المزيد من الاقتراض، مؤكدا أن اللجوء إلى تخفيض قيمة العملة مرة أخرى ليس قرارا اقتصاديا وإنما قرار سيادي.

وأشار إلى أن حكومة الانقلاب تدرك حجم الفقر الذي انتشر بين المصريين بعد عملية التعويم في 2016 ؛ لذلك هي مستعدة لدفع فاتورة حمايته من جيوب المصريين، إلا إذا تعرضت الاستثمارات الأجنبية لضغوط أكبر من حجم وقدرات البنك المركزي.

 

ارتفاع الأسعار

وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبد المطلب أن معاناة المصريين منذ تعويم الجنيه منذ نحو 5 سنوات مستمرة، موضحا أنه رغم تحسن المؤشرات الاقتصادية لكن واقع حياة المصريين لم يتجاوب مع تلك المؤشرات لسببين الأول هو انخفاض حجم مدخراتهم والثاني هو زيادة الأسعار بشكل كبير وارتفاع معدلات التضخم.

وقال "عبدالمطلب"، في تصريحات صحفية، "رغم تثبيت قيمة الجنيه منذ مطلع عام 2019 عند نحو 15.7 جنيه أمام الدولار، نزولا من نحو 19-20 جنيها لم يحدث أي استقرار في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية، وكان من المفترض أن تنخفض الأسعار مع ارتفاع الجنيه والحفاظ على قيمته لأكثر من 3 سنوات رغم الضغوط الخارجية وتراجع غالبية عملات الدول الناشئة المنافسة لها".

وأشار إلى أنه في يونيو 2021، بلغ إجمالي الديون الخارجية لنظام الانقلاب 137 مليارا و850 مليون دولار مقارنة بـ123 مليارا و490 مليون دولار في يونيو 2020، وفقا لبيانات البنك المركزي، فيما تعدت ديون دولة العسكر هذا الرقم بكثير في الأشهر الستة الأخيرة من العام 2021.

 

الديون تضاعفت 4 مرات

وقال الخبير الاقتصادي ونقيب الصحفيين الأسبق ممدوح الولي إن "قيمة الجنيه المصري انخفضت أمام الدولار بنسبة 79% منذ قرار التعويم عام 2016 وحتى 2021".

وأكد "الولي"، في تصريحات صحفية، أن ارتفاع الدين الخارجي لمصر من 48 مليار دولار إلى 138.9 مليار خلال الفترة ما بين 2015 وحتى الآن، يشير إلى أن نظام السيسي اقترض 90 مليار دولار خلال ست سنوات، بمتوسط 15 مليار دولار قروض خارجية سنويا.

وأضاف: الدين الخارجي ارتفع بما يقارب أربعة أضعاف الزيادة في الاحتياطي النقدي الأجنبي خلال خمس سنوات، وفوائد الديون تمثل ثلاثة أضعاف الدخل السنوي لقناة السويس وثلاثة أضعاف إيرادات السياحة سنويا .

 وأشار الولي إلى أن الصادرات المصرية في العام الحالي أقل مما كانت عليه عام 2008،  مؤكدا أن بيان حكومة الانقلاب حول مؤشرات تحسن الاقتصاد المصري في الخمس سنوات الماضية بعد قرار تعويم الجنيه عام 2016 تعمد تجاهل الكثير من المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد المصري رغم الوعود بتحسنها بعد تعويم الجنيه.

وتابع إذا قارنا سعر صرف الجنيه بين نهاية يونيو 2016 قبل التعويم بأشهر وبين بداية نوفمبر 2021 ستجد أن نسبة انخفاض الجنيه أمام الدولار هي 79% وليس كما تدعي حكومة الانقلاب، مؤكدا أن هناك فارقا كبيرا بين ما تقوله حكومة الانقلاب عن تعويم الجنيه وآثاره الإيجابية، وبين حقيقة الأمر وهو التعويم المدار بمعنى تدخل البنك المركزي لتحديد السعر، مع ترك هامش ضئيل للحركة لا علاقة له بالعرض والطلب .

وأوضح الولي أن الدليل على ذلك هو انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنسبة 2.4 % فقط خلال الربع الثاني من عام 2020، والذي شهد ذروة تداعيات فيروس كورونا السلبية على الاقتصاد المصري، حيث انخفضت موارد النقد الأجنبي بنسبة 12 % بالمقارنة بالربع الأول من نفس العام، رغم تضمن الموارد 7.926 مليار دولار قروضا خارجية خلال الربع الثاني.

وقال إن "التوسع في القروض الخارجية ساهم في إمكانية تدخل البنك المركزي للحفاظ على سعر الصرف الذي يرغب فيه، والتي زادت من 79.033 مليار دولار بنهاية 2017، إلى 137.860 مليار بنهاية يونيو 2021 وهي آخر بيانات متاحة".