بدلا من دعمه: فرض رسوم جديدة على حلج القطن.. ماذا يريد السيسي من الفلاحين؟

- ‎فيأخبار

في تدمير جديد لصناعة وزراعة الأقطان المصرية، فرضت حكومة السيسي رسما جديدا على حلج الأقطان، بواقع 10 حنيهات لكل 50 كيلو يتم حلجها. وهو ما يمثل ضغطا جديدا على المزارعين والتجار، بدعوى تطوير الأقطان المصرية.

وهي الحجة والذريعة التي يقدمها نظام العسكر، لتبرير سياسات الهدم وفرض الرسوم والضرائب الجديدة على المصريين، والتوسع في الجباية ونهب أموال الشعب، وقضم الدعم الحكومي المعمول به في كل المجالات وفي كل الدول لصالح الصناعات الوطنية وأيضا الزراعات المحلية.

إلا أن الانقلاب العسكري، لا يفهم سوى النهب من جيوب المواطنين، لتمويل ديون السيسي وفوائدها التي تبتلع ما يقرب من 100% من الناتج القومي.

الأربعاء الماضي،  وافق مجلس نواب الانقلاب على مشروع قانون مقدم من حكومة العسكر بشأن إنشاء صندوق تحسين الأقطان المصرية، في مجموع مواده، والذي نص على دمج صندوق تحسين الأقطان المصرية في معهد بحوث القطن التابع لمركز البحوث الزراعية، بحيث تؤول إلى المركز جميع حقوق الصندوق، وأمواله الثابتة والمنقولة وحساباته المصرفية ويتحمل التزاماته.

 

جباية جديدة

وفرض القانون رسما إضافيا بواقع 10 جنيهات عن كل 50 كيلو جراما من القطن الشعر يتم حلجه من جميع الأصناف، بما فيها القطن "الإسكارتو" المستخدم في أغراض التنجيد، وتؤول حصيلة هذا الرسم الإضافي إلى مركز البحوث الزراعية، بغرض إعادة تخصيصها لمعهد بحوث القطن.

ونص القانون على نقل العاملين في الصندوق إلى المركز بذات مراكزهم، وأوضاعهم الوظيفية، ومستوياتهم المالية، ويسري في شأن تنظيم شؤونهم الوظيفية ما يسري على العاملين في المركز، مع احتفاظ المنقولين بجميع المزايا الوظيفية التي كانوا يتمتعون بها في جهة عملهم.

 

أزمات القطن المصري بعهد السيسي

يشار إلى أن القطن المصري، يواجه العديد من التحديات عل مستوى الزراعة والتسويق والتصنيع والتصدير.

بل يعيش الذهب الأبيض أسوأ أيامه منذ الانقلاب العسكري، فبعدما كان الأول عالميا بين الأقطان بات مطرودا وسط عزوف من الفلاحين عن زراعته، لكثرة الخسائر وتكبدهم آلاف الجنيهات خسائر بسبب تدني الأسعار التي يبيعون بها المحصول.

وكان نقيب الفلاحين، الذي سبق أن جمّد عمل النقابة، حسين أبو صدام، أكد  عدم زيادة مساحة زراعة القطن في موسم 2021 الذي بدأ زراعته أبريل الماضي،  عن الموسم السابق 2020 معترفا بانخفاض مساحة زراعة القطن إلى 183 ألف فدان مقابل 236 ألف فدان في الموسم السابق له، 2019، الذي كان منخفضا أيضا عن الموسم السابق له 2018، الذي كانت المساحة المزروعة فيه من القطن 336 ألف فدان.

ويُرجع تراجع المساحات المزروعة بالقطن إلى تخلي الحكومة عن دعم مزارعي القطن، وعدم وضع سعر ضمان لشراء الأقطان والاعتماد في بيع وتسعير القطن علي نظام المزايدة الذي ثبت عدم جدواه، وتخلي المصانع المحلية علي استخدام القطن المحلي واعتمادها على الاستيراد.

وأوضح نقيب الفلاحين أن تشجيع المزارعين علي زيادة المساحات المزروعة بـالقطن، يستوجب تفعيل الزراعات التعاقدية ووضع سعر ضمان لشراء الأقطان قبل موسم الزراعة، مع الاهتمام بمصانع الغزل والنسيج المحلية وتطويرها بما يتناسب مع الأقطان المزروعة محليا، والتزام الحكومة بشراء الإنتاج المحلي من القطن بهامش ربح مُجزٍ للمزارعين طبقا للمادة 29 من الدستور، وتوفير المعدات الآلية لجني القطن، مع العمل علي الحد من تصدير الأقطان الخام بدون تصنيعها ، حرصا علي زيادة العائد الاقتصادي والاستفادة من القيمة المضافة، وإنشاء صندوق تكافل زراعي لتعويض الفلاحين عند حدوث أية أضرار نتيجة لكوارث طبيعية.

وتابع، تعرض مزارعو القطن لخسائر متلاحقة نتيجة تدني أسعار منتجاتهم خلال المواسم السابقة إلى أقل من سعر التكلفة مع ارتفاع كبير في أسعار مستلزمات زراعة القطن، وغياب معدات الجني الآلي وارتفاع تكلفة الجني اليدوي الذي يستحوذ وحده علي ثلث العائد الاقتصادي من المحصول، مؤكدا أن القطن المصري فقد مكانته العالمية، وتعتمد أكبر الدول المصنعة للنسيج حاليا كالهند والصين علي زراعتها المحلية، وأن سياسة تصدير القطن الخام تفقده القيمة المضافة ما يؤدي إلى انخفاض أسعاره.

 

شهادة وفاة

 وفي  أكتوبر، 2018، نشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرا عن انهيار زراعة القطن في مصر، بعدما كان بمثابة مصدر دخل كبير لخزينة الدولة، مما دفع كثيرين لإطلاق مصطلح “الذهب الأبيض” عليه، مشيرة إلى أن مصر كانت من أهم الدول العالمية في إنتاج القطن طويل التيلة، وكانت تصدره إلى أسواق كبرى، إلا أنها فقدت تلك الأسواق.

وقالت الوكالة “في دلتا النيل في مصر في قلب الحقول الخضراء، أمضى فتوح خليفة، نحو ثلاثين عاما، وهو يزرع “الذهب الأبيض”، لكن ابن محافظة كفر الشيخ يصطدم اليوم بأزمة البقاء التي يعاني منها القطن المصري".

وقف “خليفة” وسط حقله في قرية محلة موسى محاطا بمزارعات ارتدين القبعات لحماية رؤوسهن من أشعة الشمس الحارقة، وهن يجمعن المحصول الأبيض بأصابعهن.

قال فتوح خليفة الخمسيني “أنا أزرع 100 فدان من القطن تكلف الكثير، لكن السعر هذه الأيام ضعيف جدا ولا نحقق ربحا”.

واشتهر القطن المصري، خصوصا في منطقة الدلتا شمال القاهرة، بجودته في أنحاء العالم لما يتميز به من طول التيلة، وكان يمثّل مصدرا للثروة والتنمية في البلاد.

وخلال القرن التاسع عشر، جعلت جودة القطن العالية مصر مرجعا للعالم لهذا “الذهب الأبيض”، أما اليوم فباتت هناك دول أخرى تنتج نفس النوع من القطن تحت مسمى “القطن المصري”.

كذلك عقود من المنافسة العالمية الشرسة، بما في ذلك القطن قصير التيلة الذي يشتهر به عمالقة صناعة النسيج، أدت إلى تراجع هذه الصناعة المصرية، وتعتبر الولايات المتحدة والهند والبرازيل وأستراليا من بين المصدرين الرئيسيين في العالم.

وانخفضت الصادرات المصرية بشكل ملحوظ، فبعدما كانت تشكل ما بين 5 و15% من إجمالي الصادرات العالمية خلال الفترة 1960-1980، باتت اليوم تسجل حوالي 1% من هذا الإجمالي خلال السنوات الأخيرة.

وخلال السنوات الماضية، أثرت الفوضى الاقتصادية والسياسية على جودة إنتاج القطن المصري، وهي القيمة المضافة الوحيدة له حين كانت تكلفة إنتاجه باهظة الثمن، لذلك فإن القطاع يحاول جاهدا استعادة هيبته السابقة.

وتم تحرير تجارة القطن التي كانت تخضع لسيطرة الدولة في عام 1994، إلا أن الحكومة المصرية لا تزال تضمن أدنى سعر يبيع به الفلاحون محصولهم.

كما تسيطر الدولة على جميع الجوانب الأخرى في قطاع القطن، بما في ذلك زراعة الحقول ونوع المحصول ومنطقة زراعته، والحوافز المستخدمة مؤخرا لمحاولة إصلاح القطاع.

وفي سبتمبر الماضي، وافقت حكومة الانقلاب بشكل تجريبي على زراعة قطن منخفض الجودة (قصير التيلة)- باستثناء مناطق زراعات الدلتا – “لتلبية احتياجات المصانع”، ولكن القرار لم يقابل بالترحيب من الجميع؛ ذلك أن الخبراء يعتقدون أن مصر لن تكون ذات وزن ثقيل بمواجهة الدول الأخرى في هذه الحالة، كما أن المزارعين يخشون هذه المنافسة الجديدة.

ومع ذلك الوضع المزري للقطن المصري، ياتي السيسي ليفرض رسوما جديدة على حلج القطن المحلي، بدلا من دعمه، وهو ما يؤثر سلبا على سعره، ومن ثم زراعته التي تتقلص كل موسم.