نزاع الداخلية والجيش والصندوق السيادي على ملكية أراضي السجون.. هل يفاقم صراع أجنحة السلطة داخل الانقلاب؟

- ‎فيتقارير

كشفت التسريبات الأخيرة حول بزنس مستشاري رئيس عصابة الانقلاب السيسي والفساد الضارب بأعماق القصور الرئاسية، عن صراعات كبيرة داخل أروقة النظام على النفوذ والمشروعات والمناقصات وكعكة الأموال والثروات المنهوبة منذ الانقلاب العسكري، والتي تسببت في إفقار عموم الشعب وثراء ثلة اللواءات والمقربين من السيسي ونظامه، وفاقمت عجز الموازنة العامة للدولة إثر حرمانها من الرسوم والضرائب والدمغات والجمارك ، والمفترض أن تدفعها الأنشطة والاستثمارات الاقتصادية التي يسيطر على أكثر من 60% منها العسكر بالمخالفة للقوانين والدساتير.

 

صراعات وخلافات 

حيث أشارت تقارير متواترة ، عن صراعات وخلافات بين ثلاث جهات على كعكة الاستثمارات بمصر، بين الجيش الممثل بالهيئه  الهندسية للقوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة ووزارة الداخلية بحكومة الانقلاب .

حيث اشتكت وزارة الداخلية الانقلابية من تغول كلا من الجيش والمخابرات على كعكة المشروعات الاستثمارية والمناقصات الحكومية، ما حرمها من موارد مالية كانت تسيطر عليها منذ شاركت في الانقلاب العسكري على الرئيس الشهيد محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب لمصر في عام 2013، وتحملت عبء مواجهة المظاهرات وقتل المتظاهرين ومطاردة النشطاء والمعارضين.

وأمام غضب الداخلية حاول  السيسي إرضاء الداخلية بتوجيه بعض المشاريع إليها وإلى شركاتها الاستثمارية ، إلا أن المخابرات كشفت عن غضبها، فحاول  السفيه السيسي إرضاء المخابرات بخصم بعض المشاريع من الداخلية مبتعدا عن الجيش، الذي لا يقدر على إغضابه، وهو ما أثار غضب الداخلية مجددا، وهو ما عبّرت عنه بكشف بعض التسريبات عن الفساد في داخل قصور الرئاسة ، والتي تضمنتها التسريبات الأخيرة للفنان عبد الله الشريف .

 

أراضي السجون

وأثارت الكعكة الكبيرة التي تقدر بنحو 60 مليارجنيه، ممثلة في أراضي  نحو 12 سجنا مركزيا سيجري إخلاؤهم، وتوجيه السجناء إلى مجمع السجون الضخم الموجود بوادي النطرون، أثارت شهية أطراف سلطة السيسي، التي ينصب تركيزها على ابتلاع أموال الشعب، مهملة دورها الأساسي في مواجهة تحديات الأمن القومي المصري، سواء في سد النهضة أو في مواجهة مخاطر المخدرات وتجارة الأعضاء البشرية وغيرها من مهددات حياة المصريين.

وكشف باحث اقتصادي في مركز حكومي للدراسات والأبحاث، عن خلافات مسربة بين مسؤولي الصندوق السيادي المصري ووزارة الداخلية على ملكية أراضي السجون المغلقة. 

 

الداخلية على خطى عصابة الجيش 

فعلى خُطى الجيش الاستثمارية في العديد من المجالات، يسعى مسؤولو وزارة الداخلية للاستفادة من الأراضي الشاسعة المقام عليها عدد من السجون القديمة، التي تقرر إغلاقها مؤخرا، بشكل استثماري.

ومع بداية العام الجديد بدأ تنفيذ القرار الذي أعلنت وزارة الداخلية عنه في أكتوبر الماضي، بإحالة 12 سجنا قديما إلى المعاش على أن تتم الاستفادة من الأراضي المقامة عليها تلك السجون، والتي يقع أغلبها في مناطق سكنية مرتفعة القيمة، وتضم قائمة السجون المحالة للمعاش كلا من، استئناف القاهرة وليمان طرة والقاهرة بطرة  وسجن القاهرة  وبنها والأسكندرية وطنطا العمومي والمنصورة وشبين الكوم والزقازيق ودمنهور القديم ومعسكر العمل بالبحيرة  والمنيا العمومي.

ووفق مصادر بقطاع السجون، فإن التوجه الأقرب للتنفيذ، أن يجري  تقسيم الأراضي الناتجة عن إغلاق السجون القديمة بين الصندوق السيادي وشركة التحسين للاستثمار، خصوصا في ضوء التوجهات الجديدة بضرورة اعتماد الوزارات  على نفسها في تدبير نفقاتها، وهي التوجيهات التي دفعت الوزارة لرفع رسوم كل الخدمات التي تقدمها، مثل رسوم ترخيص السيارات ورخص القيادة ورسوم استخراج الشهادات المختلفة إلى آخره.

كما أن هناك عددا من المشروعات العقارية موجودة بالفعل لدى شركة التحسين في انتظار الحصول على الموافقات من السلطات العليا لبدء تنفيذها على الأراضي التي سوف يتم تخصيصها للشركة، وهي في غالبها  مشروعات عقارية مماثلة على كل الأراضي التي سوف يجري إخلاء السجون منها، بالنظر إلى مواقعها المتميزة في قلب المناطق العمرانية في المحافظات المختلفة.

وانتهت الدراسات التي تمت في الوزارة حول الموضوع إلى أن استثمار تلك الأراضي في إقامة مشروعات عمرانية، يحقق استفادة مزدوجة، منها المساهمة في حل مشاكل الإسكان في تلك المناطق عبر إقامة أبراج أو مجمعات سكنية مميزة، وكذلك الاستفادة من ارتفاع أسعار الأراضي في هذه المناطق لتحقيق أعلى ربح ممكن لصندوق تحسين خدمات الرعاية الاجتماعية والصحية لأعضاء هيئة الشرطة، باعتبار أنه يتولى تمويل برامج الرعاية للضباط الحاليين والمتقاعدين.

هذا إلى جانب المساهمة في توفير دخل لوزارة داخلية الانقلاب تنفق منه على التزاماتها، ومنها الإنفاق على مجمعات السجون الجديدة بعيدا عن الموازنة العامة للدولة.

وأمام كعكة العوائد الكبيرة لتلك الأراضي، تبدو الخلافات المسربة بين مسؤولي الصندوق وداخلية الانقلاب منطقية جدا، في ظل القيمة السوقية للأراضي المقام عليها السجون القديمة، والتي قد تتجاوز 30 مليار جنيه، وهي القيمة التقديرية.

 

ضم أراضي ليمان طرة ومصنع الإسمنت

ووفق  التقديرات الاقتصادية، لن تقل قيمة أرض سجن ليمان طرة التي تطل في جانب منها على النيل في منطقة طرة الواقعة بين المعادي وحلوان على سبيل المثال عن 17 مليار جنيه بسبب مساحة السجن التي تناهز 1.7 مليون متر مربع.

ووفق تصريحات لمسئولين لـ"عربي بوست" فإن  تلك المنطقة سوف تنضم إلى أراضي مصنع أسمنت طرة الذي تمت تصفيته العام قبل الماضي (2020)، بنية استثمار مساحة أرضه قبل أن تؤجل الحكومة الأمر في سبتمبر المنقضي بدعوى اعتراض مجلس النواب، لكن هناك مَن سرب بأن التأجيل سببه الانتظار لإخلاء سجون ليمان طرة (المجمع يضم 5 سجون) لضم أرضه على أرض مصنع الأسمنت، وبالتالي توفير فرصة لإقامة مجمعات سكنية راقية بمواصفات أوروبية في تلك المساحة الهائلة.

ووفق مصادر بالصندوق السيادي ،، تبلغ قيمة الأراضي التي أعدوا تقييمات لها تفوق 30 مليار جنيه إذا تم بيعها كأراضٍ فقط، بينما يمكن الوصول إلى ضعف الرقم في حالة البناء عليها وبيعها كوحدات سكنية.

 

المنقلب وعصابته 

وفي وقت سابق، قالت تقارير صحفية إن  "السفاح السيسي عقد اجتماعات غير معلنة مع وزير الداخلية "محمود توفيق" ووزيرة التخطيط "هالة السعيد"، وعدد من قيادات القوات المسلحة، لبحث طريقة استغلال أراضي ومنشآت السجون المركزية الكبرى التي سيتم إخلاؤها، مشيرة إلى وجود خلاف بين مسؤولي الصندوق من جهة ووزارة الداخلية من جهة أخرى لرغبة الأول في الاستحواذ على كل السجون، بينما ترغب وزارة الداخلية في الاحتفاظ ببعضها، سواء لأغراض أمنية أو للاستفادة منها لحسابها الاستثماري الخاص".

وتبقى الأيام المقبلة حُبلى بالكثير من التطورات والتسريبات والصراعات على حساب جسد الوطن، ليس لحمايته من المخاطر بل لتقطيعه وبيعه بالقطعة لمن يدفع ،ويبقى المواطن هو الخاسر الأكبر، إذ أن تلك الأراضي من المفترض أن تدخل موازنة الدولة أو توجه للمشاريع الاجتماعية والاقتصادية التي تخص المواطن، أو تقلص عجز الموازنة أو الديون التي تهدد مصر، بدلا من ابتلاعها من قبل ضباط وعساكر لا  يتورعون عن نهب الأموال وإفقار الشعب الذي يضن عليه السيسي برغيف الخبز أو التموين الذي يتقلص يوما بعد الأخر.