حكومة الانقلاب لا تترك شاردة ولا واردة لفرض ضرائب ورسوم واستنزاف المصريين إلا أمسكت بتلابيبها، ولم تفلتها إلا بعد الحصول على "الرز" أو الغلة، وابتزاز المواطنين الغلابة الذين يبذلون كل ما يستطيعون من جهود من أجل الحصول على لقمة العيش، من ذلك ما تسميه تطوير الأسواق العشوائية وحصر البائعة الجائلين في سياق ما تطلق عليه الاقتصاد غير الرسمي، وتزعم أن هذه الأسواق تهدر على دولة العسكر حوالي 50% من الضرائب.
وتتهم حكومة الانقلاب الباعة بسرقة التيار الكهربائي، وتعترف بغياب الرقابة على المنتجات المباعة بحجة أنه غير مرخص ببيعها، بالإضافة إلى ما تتسبب فيه الأسواق العشوائية من انتشار المخلفات في الشوارع، بجانب الضجيج والزحام وكذلك انتشار البلطجة وفرض الإتاوات على البائعين وفق تعبيرها.
5 ملايين بائع
الإحصاءات تشير إلى أن عدد الباعة الجائلين يبلغ نحو 5 ملايين و400 ألف بائع متجول ، ويوجد بمحافظة القاهرة وحدها 164 سوقا عشوائيا، بينما يصل عدد الأسواق العشوائية في الجيزة إلى 83 سوقا.
كان عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي، قد زعم أنه وضع خطة لتطوير الأسواق العشوائية بتكلفة تقديرية 44 مليار جنيه لإنشاء أسواق حديثة مطورة بديلة لهذه الأسواق، لكن الهدف الأساسي هو الابتزاز واستنزاف الباعة الجائلين .
هذه الاجراءات أثارت نوعا من الغضب والسخط بين الباعة الجائلين، مؤكدين أن نظام الانقلاب الدموي يتعمد حرمانهم من الحصول على لقمة العيش .
وقالوا إنهم "لا يستطيعون دفع الرسوم والضرائب التي تفرضها حكومة الانقلاب على الباعة في الأسواق، التي تزعم أنه تم تطويرها، لأن إمكاناتهم محدودة وما يتحصلون عليه من مكسب ضئيل".
التشرد هو البديل
من جانبه قال محمد حسن بائع متجول "ليس لدي أي مورد رزق إلا البيع في الشوارع، وأنفق منه على أسرتي المكونة من زوجتي وأربعة أبناء، ولولا هذه المهنة ورغم ضآلة المكسب منها لتشردنا جميعا في الشوارع".
وتساءل حسن في تصريحات صحفية ماذا تريد منا حكومة الانقلاب ؟ ولماذا تتجاهل الأغنياء ورجال الأعمال وتتفرغ لنا وتعلن الحرب علينا ؟ هل تريد حرماننا من مصدر رزقنا وقطع لقمة العيش عنا ؟
وأكد أنه يتمنى السفر إلى الخارج للعيش بعيدا عن مضايقات حكومة الانقلاب، لكنه لا يجد من يساعده في الحصول على فرصة عمل في الخارج .
قطع الأرزاق
وأشار عبدالحميد عباس بائع متجول إلى أن كل ما يتحصل عليه في اليوم يتراوح بين 50 و 100 جنيه لا تكفي للإنفاق على أسرته، مؤكدا أن حكومة الانقلاب من المفترض أن تخصص له مساعدة وليس أن تطارده وتلاحقه في الشوارع وكأنه يرتكب جريمة.
وقال عباس في تصريحات صحفية إذا كانت حكومة الانقلاب تريد القضاء على الأسواق العشوائية، فعليها أن تخصص لنا باكيات في الأسواق التي سوف تقيمها بالمجان، لأننا لا نستطيع دفع أي مقابل".
وأكد أن حكومة الانقلاب ليس هدفها التطوير ولا الحفاظ على الصورة الحضارية، وإنما هدفها التدمير والخراب وقطع الأرزاق وحسبنا الله ونعم الوكيل.
سوق الجمعة
من جانبه انتقد الدكتور صبري الجندي، خبير التنمية المحلية، إجراءات الانقلاب التي تستهدف شن حملات على الأسواق العشوائية وإزالتها، مؤكدا أن الأسواق العشوائية والباعة الجائلين سيعودون إلى أماكنهم بعد توقف الحملات، خاصة الباعة الجائلين ثقافة وعادة مصرية من الصعب القضاء عليها بالإضافة الى عدم توفير بديل لهم.
وقال «الجندي» في تصريحات صحفية أن هناك حملات شنت لإزالة سوق الجمعة، لكنه عاد مرة أخرى بعد أسبوع، لعدم وجود بديل، مطالبا وزارة التنمية المحلية بحكومة الانقلاب بإيجاد بديل حتى لا تكون هناك حجة أمام البائع، لأن السبب من وجهة نظره هو (عايز أكل عيش) .
وأشار إلى أن أكبر مثال على ذلك ما حدث في سوق الترجمان والذي تم نقل الأسواق العشوائية في وسط البلد إليه بعد ثورة 25 يناير، ولكن عاد الباعة مرة أخرى إلى أماكنهم القديمة، بحجة أن الزبون لم يتأقلم مع المكان الجديد، إضافة إلى تراجع المبيعات وانخفاض ما يتحصل عليه الباعة من مكاسب.
وشدد «الجندي» على ضرورة أن يكون هناك مخطط للأماكن البديلة مجهز على أكمل وجه من دورات مياه وصرف صحي وكهرباء، بجانب شن حملات مستمرة، وليست متقطعة مثل ما يحدث الآن، لإثبات الجدية في القضاء على الظاهرة أمام البائع والمواطن .
فساد المحليات
وأوضح أن الحملات التي تشنها شرطة المرافق وداخلية الانقلاب، لا تكلف دولة العسكر أي أعباء مادية، قائلا «لسبب بسيط موظفي المحليات أو مجالس المدن ده شغلهم الأساسي هو إزالة الباعة الجائلين، لأنهم يعطلون المرور ويتعرض المواطن إلى مضايقات من الباعة، من ألفاظ وإجبار على الشراء، مؤكدا أن هذه الأجهزة لا تقوم بدورها المكلفة به".
ولفت «الجندي» إلى أن العملية ما هي إلا تنظيم لحركة المجتمع من خلال القضاء على الأسواق العشوائية والباعة الجائلين، معربا عن أسفه لوجود فساد بالمحليات يعوق تطوير الأسواق العشوائية، فهناك موظفون بحكومة الانقلاب يخبرون الباعة بمواعيد الحملات، بالإضافة إلى ما يتحصلون عليه من رشاوى وإتاوات وكل هذا يعوق أي تطوير أو تغيير .