“زي امبارح”.. الحكم بمصرية تيران وصنافير وبطلان تنازل العسكر للسعودية وإسرائيل

- ‎فيتقارير

في مثل هذه الأيام… وبالتحديد يوم 16 يناير 2017 قضت المحكمة الإدارية العليا المنعقدة برئاسة المستشار الراحل أحمد الشاذلي برفض طعن هيئة قضايا الدولة على حكم القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين مصر والسعودية.

وقال رئيس المحكمة  "الشاذلي" في منطوق حكمه إن "سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها"، موضحا أن هيئة المحكمة أجمعت على هذا الحكم، وأكد أن الجزيرتين مصريتان، كما أصدر حكما نهائيا ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.

 

الجزيرتان مصريتان 

في أعلى شمال البحر الأحمر وتحديدا في مدخل خليجيّ العقبة وأمّ الرشراش المحتلة، نقطة اتّصال البحر الأبيض المتوسّط بالبحر الأحمر، ونقطة تبادل البضائع من أوروبا وأفريقيا إلى آسيا والعكس؛ تقع جزيرتي تيران وصنافير المصريتين.

كلّ هذه المميّزات تجعل من 90 كم 2موقعا استراتيجيا، وجاء التنازل عن الجزيرتين مع وضع قاتم في البلاد؛ فالأغلبية الكبيرة من المصريين يعيشون إحساسا بالتهديد في حياتهم ومستقبلهم وأرزاقهم منذ عقود، لكنهم الآن يشعرون بتهديد وجودي.

وحصة مصر من مياه النيل يهددها سد يوشك جيرانها في الجنوب على إتمامه، وتربة الوادي مجهدة، وموارد البلاد مستهلكة، وكثير من المواطنين مرضى، وهواء المدن ملوث، يضاف ذلك كله إلى سنوات وسنوات من الحكم العسكري الدموي.

وتسبب الانقلاب في انقسام وعداء المجتمع المصري بشكل لم يعرفه من قبل، وبات لا يرحب بالنازحين واللاجئين، وطاردا حتى لأولاده الذين يقذفون بأنفسهم هربا في الصحاري والبحار، وذلك نتيجة عقود من الحكم العسكري الفاسد والمفسد.

وكانت ثورة يناير ٢٠١١ استجابة ورد فعل لهذا التهديد الوجودي، ولهذا خرج إليها الملايين من الشباب والكبار، والأغنياء والفقراء، وذوي المرجعية السياسية الدينية، وذوي المرجعية السياسية المدنية، وغيرهم، بهدف إنقاذ البلاد وإنقاذ أنفسهم.

وبدأت الثورة المضادة التي قادها العسكر منذ تنحي المخلوع مبارك في فبراير ٢٠١١، وفشلت تماماً في مواجهة هموم وشواغل المصريين، وكان تركيزها على التمكن من السلطة والاستفراد بها، والقضاء على كل ما تتصور أنه يمكن أن يهددها.

ويشعر المصريون اليوم بخطورة وخسارة وعار فقد تيران وصنافير، رغم أن المعارضة مستمرة في مواجهة حملة التضييق المتصاعدة في البلاد ولن تتوقف ولن تصمت.

 

آخر القضاة المحترمين

ولد المستشار الشاذلي عام 1955 في مركز بسيون بمحافظة الغربية، منتميا لأسرة الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973، وتلقى تعليمه القانوني في كلية الحقوق بجامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1976 بتقدير جيد جدا، ثم حصل على دبلومين في القانون الدولي العام والعلوم الإدارية.

والتحق الشاذلي بمجلس الدولة دفعة 1976، ثم تنقل في القسم القضائي بالمجلس لمدة زادت على 30 عاما بين هيئة المفوضين ومحكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا، كما أنه كان من أوائل قضاة مجلس الدولة الذين كتبوا أحكاما قضائية في الإفراج الشرطي والإفراج الصحفي وحقوق الأسرى وكذلك المحاكمات العسكرية.

كما كان القاضي الراحل عضو اليمين بالدائرة الأولى في المحكمة الإدارية العليا التي أصدرت أحكاما بتأييد بطلان خصخصة عدد من شركات القطاع العام مثل شركتي "عمر أفندي" و"طنطا" للكتان، وتولى رئاسة المحكمة الإدارية العليا "فحص"، وأصدر العديد من الأحكام القضائية الخاصة بالنقابات المهنية والعمالية.

وقد شارك القاضي الراحل في إصدار حكم قبل سنوات لصالح حق عمال مصانع الغزل والنسيج بالمحلة في الإضراب، كما شارك في إصدار أحكام مهمة أبرزها بطلان سحب أرض جزيرة القرصاية من الأهالي المقيمين عليها، وبأحقية الجمعيات الأهلية في تلقي التمويل الأجنبي المشروع المرسل إليها تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي دون أن يكون للوزارة حق في حجب التمويل عن الجمعيات.

كما أصدر حكما بأحقية الأبناء الفلسطينيين للمرأة المصرية في الجنسية المصرية تبعا لجنسية والدتهم، مؤكدا بطلان تعسف وزارة الداخلية معهم بسبب جنسية والدهم الفلسطينية. وأصدر الشاذلي أيضا حكما برفض حجب موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي مؤكدا أن الوسائل المعرفية والإعلامية في حد ذاتها أصبحت جزءا من حق الإنسان في المعرفة والتعلم.

وكذلك فقد سبق للمستشار أحمد الشاذلي أن حكم برفض إسقاط الجنسية عن الرئيس الشهيد محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، والذي غدر به الجيش في انقلاب 3 يوليو 2013.