خطوة تكرس دولة المليشياوية بالسودان.. “حميدتي” يستضيف وفدا صهيونيا دون علم الجيش والخارجية

- ‎فيعربي ودولي

في خطوة تبرهن على مدى النفوذ الذي تحظى به مليشيات الدعم السريع التي يقودها رجل الحرب محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي نائب رئيس مجلس السيادة في السودان، استضاف حميدتي يومي الأربعاء والخميس الماضيين (19 و20 يناير 2022م) بالعاصمة السودانية الخرطوم دون علم الجيش ووزارة الخارجية.

وينقل موقع "مدى مصر" عن مصادر عسكرية مطلعة بالجيش السوداني، أن الوفد الأمني الإسرائيلي جاء بدعوة من قادة قوات الدعم السريع، مؤكدة أن الجيش ووزارة الخارجية لم يكونا على علم مسبق بالزيارة. وأوضح المصدر العسكري السوداني أن قادة كبار بالجيش لم يكونوا على علم مسبق بزيارة الوفد الإسرائيلي؛ الأمر الذي أثار غضبهم وغضب القيادات الوسطى بالجيش السوداني؛ ومخاوف من احتمال دعم إسرائيل لقوات الدعم السريع من أجل تمكينها من السيطرة على الجيش السوداني.

وينقل التقرير عن مصدر عسكري سوداني آخر، أن قائد الدعم السريع عقد اجتماعًا مع الوفد الأمني الإسرائيلي الذي يشمل ضباطًا بالموساد، بمقر قواته الرئيسي بوسط الخرطوم، تناول خطط التعامل مع التظاهرات، موضحًا، أنه بعد كشف الجانب الإسرائيلي لزيارة الوفد الأمني، اضطر قادة «الدعم السريع» لرفع السرية عنها وإشراك الجيش في تفاصيلها.

وناقشت الاجتماعات، حسب المصدر الأول، الوضع الأمني في البلاد مع استمرار التظاهرات الرافضة للسلطات العسكرية للشهر الثالث على التوالي، ومناقشة الخطة الأمنية للتعامل معها. وحسب المصدر الثاني، فقد استقبل الوفد الأمني بمطار الخرطوم، الأربعاء الماضي، نائب قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو. وكان دقلو ومدير منظومة الصناعات الدفاعية، ميرغني إدريس، زارا إسرائيل قبل نحو أسبوعين من الانقلاب العسكري.

وبينما أكد المصدران العسكريان، لقاء رئيس السلطة العسكرية والمجلس السيادي عبدالفتاح البرهان مع الوفد الإسرائيلي، حيث جرت مناقشة إمكانية عودة الحكم المدني في البلاد، نفى مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السودانية، لـ«مدى مصر»، علمهم بأية تفاصيل، أو تنسيق حول زيارة الوفد الإسرائيلي.  من جانبه، رفض عضو مجلس السيادة، أبو القاسم برطم، أحد أكبر مؤيدي التطبيع مع إسرائيل في البلاد، التعليق حول، ما إذا كان قد التقى بالوفد الإسرائيلي، لكن مصادر مطلعة، رجحت اجتماعه بالوفد.

وتأسست قوات الدعم السريع من خلال قانون أجازه البرلمان السوداني في 17 يناير سنة 2017، في عهد الرئيس السابق الجنرال عمر البشير، وينص القانون على أن تتبع قوات الدعم السريع رئاسة الجمهورية، مع جواز دمجها مع القوات المسلحة. وفي أعقاب إجراءات الإطاحة بالبشير في إبريل 2019م، والتي شارك فيها قائد قوات الدعم السريع حمدان دقلو، كعضو من أعضاء اللجنة العليا التي أجبرت البشير على التنحي في ظل ضغوط ومظاهرات شعبية امتدت لخمسة أشهر، حظيت قوات الدعم السريع على شرعية أخرى في العهد الجديد؛ من خلال تقنين أوضاعها وفقا للوثيقة الدستورية التي تم التوافق عليها بين العسكر والمدنيين لإدارة المرحلة الانتقالية، قبل الانقلاب عليها من جانب الجنرال عبدالفتاح البرهان، وزير الدفاع ورئيس مجلس السيادة، في 25 أكتوبر 2021م. والتي أقرت وجود قوات الدعم السريع ضمن تشكيلات القوات النظامية. لكنها ظلت تعمل بشكل مستقل عن الجيش، رغم خضوع أفرادها لقانونه.

وخلال الفترة الانتقالية عمل حميدتي على تعزيز نفوذ قوات الدعم السريع، عبر تكوين إمبراطورية عسكرية ومالية ضخمة،  حيث تمتلك مناجم وشركات ذهب وعلاقات دولية مستقلة، مع دول مثل روسيا والإمارات العربية المتحدة وتشاد. وأيضًا يرتبط قادتها بعلاقات وطيدة مع قيادات قبلية، خاصة بإقليم دارفور غربي البلاد، وتنفق مليارات الجنيهات السودانية في تحسين سمعتها وشراء الموالين لها؛ من أجل تعزيز نفوذها تمهيدا للسيطرة على الجيش والبلاد.

وتعود قوة العلاقة بين البرهان وحميدتي إلى عملهما معًا في دارفور أثناء الحرب. وكذلك عملهما معًا لاحقًا، في تفويج القوات السودانية للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في إطار حربها في اليمن، حتى قبل إسقاط نظام البشير.

وبعد عقود من المقاطعة في ظل حكم البشير، عادة العلاقات الإسرائيلية السودانية إلى الواجهة من جديد، حيث تطورت العلاقات في أعقاب لقاء رئيس السلطة العسكرية، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، في مدينة عنتبي الأوغندية، في فبراير 2020. ولاحقاً زارت وفود إسرائيلية عديدة البلاد، من بينهم وزير الاستخبارات في حكومة نتنياهو، إيلي كوهين. وفي يناير 2021، وقع وزير العدل السوداني السابق، نصر الدين عبد البارئ، ووزير الخزانة الأمريكي السابق، ستيفن منوشين بمقر السفارة الأميركية بالخرطوم، اتفاقًا للتطبيع مع إسرائيل، في إطار اتفاقات إبراهام. وهو الاتفاق الذي ترفضه الغالبية الساحقة من الشعب السوداني، في ظل استغلال النخبة العسكرية الحاكمة للاتفاق والعلاقات مع إسرائيل من أجل تعزيز نفوذها الدولي وداخل مؤسسات التمويل الدولية.