«إغلاق مكتب الجزيرة في السودان».. متى تنتقل الشعوب المقهورة من دور المفعول به إلى الفاعل؟

- ‎فيعربي ودولي

في سادس أيام الثورة المصرية وتحديدا يوم الأحد 30 يناير 2011 ، أصدر المخلوع الراحل حسني مبارك قرارا بسحب تراخيص قناة الجزيرة، كما قامت شركة نايل سات المملوكة للدولة بإيقاف بث القناة، واقتحمت قوات أمن بزي مدني مكتب القناة في القاهرة وحطمت محتوياته وأغلقته.

وعلى خطى المخلوع مبارك في العداء لقناة الجزيرة وتحميلها مسؤولية ما يجري في السودان، سحبت سلطات الانقلاب التي يقودها الجنرال البرهان وتابعه حميدتي، ترخيص مكتب قناة "الجزيرة مباشر" بعد اتهامها بـالتناول غير المهني للشأن السوداني، ومخالفة سلوكيات وأعراف وأخلاقيات المهنة.

وسبق أن أغلقت سلطات الانقلاب السودانية في 30 مايو 2019 مكتب قناة الجزيرة، لكنها تراجعت عن القرار بعد شهرين من إصداره، وسمحت للقناة بالعودة للعمل.

ومنذ 25 أكتوبر الماضي، يشهد السودان احتجاجات ردا على إجراءات استثنائية اتخذها قائد الانقلاب عبدالفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما تعتبره قوى سياسية انقلابا عسكريا، يحاكي ما جرى في مصر.

 

مبارك والسيسي والبرهان..!

سار قائد الانقلاب عبدالفتاح البرهان على خطى السفاح السيسي، والذي بدوره يسير على خطى المخلوع مبارك، ففي مساء يوم 3 يوليو 2013، وبعد أن ألقى السفاح السيسي الذي كان وزيرا للدفاع آنذاك خطابه الشهير الذي أعلن فيه الغدر بالرئيس الشهيد محمد مرسي، وإعلان خريطة للطريق، داهمت ميلشيات الانقلاب مكتب قناة الجزيرة الإخبارية ومقر قناة الجزيرة مباشر مصر.

وخلال الليلة الأولى من عمر الانقلاب في مصر، قامت ميلشيات الانقلاب باحتجاز مدير قناة الجزيرة مباشر مصر أيمن جاب الله ومدير مكتب الجزيرة الإخبارية عبد الفتاح فايد مع عدد من العاملين بينهم اثنان من مهندسي البث، قبل أن تفرج عنهم لاحقا، كما قامت بإغلاق القناتين ومصادرة معداتهما وقطع إرسالهما من القمر الصناعي نايل سات.

في 15 يوليو 2013 اعتقلت قوات الأمن مصور قناة الجزيرة مباشر مصر محمد بدر أثناء تغطيته اعتداء ميلشيات الانقلاب على مظاهرة رافضة للانقلاب في ميدان رمسيس وسط القاهرة، ووجهت له اتهامات جنائية، مثل الشروع في القتل وتعطيل حركة المرور وحمل سلاح أبيض وسلاح ناري، وبعد سبعة أشهر قضت محكمة جنايات القاهرة ببراءة بدر من التهم المنسوبة إليه.

وخلال فض اعتصام رابعة العدوية يوم 14 أغسطس 2013 اعتقلت ميلشيات الانقلاب مراسل الجزيرة عبد الله الشامي، وفي 21 يناير 2014 دخل الشامي في إضراب عن الطعام اعتراضا على طول فترة حبسه الاحتياطي من دون محاكمة، واستمر إضرابه عن الطعام 130 يوما حتى أصدر النائب العام قرارا بإخلاء سبيله في يونيو 2014 لأسباب صحية.

وفي أكتوبر 2014 أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بالسجن المشدد 15 عاما بحق المذيع بقناة الجزيرة أحمد منصور بتهمة "تعذيب محام" إبان ثورة 25 يناير 2011، الأمر الذي اعتبرته شبكة الجزيرة الإعلامية محاولة اغتيال معنوي وتشويه أخلاقي لمنصور.

 

الانقلاب عورة!

من جهته، يقول مدير مكتب الجزيرة في السودان، المسلمي البشير الكباشي إن " في أمسية 30 مايو 2019؛ زارتنا في مكتب الجزيرة بالخرطوم لجنة مكونة من ممثلين عن جهاز الأمن والمخابرات، والاستخبارات العسكرية، وإدارة الإعلام الخارجي في وزارة الإعلام".

مضيفا: "أخبرتنا اللجنة بحضور الزملاء، بأن قرارا قد صدر من المجلس العسكري الانتقالي بإغلاق مكتب شبكة الجزيرة الإعلامية في الخرطوم، دون تحديد أسباب القرار، وأن مهمة اللجنة تنفيذ القرار والتحفظ على المكتب بما فيه من معدات ومقتنيات".

وتابع "لم نرد على اللجنة إلا بإبداء الأسف على القرار، والتأكيد على نهج شبكة الجزيرة الإعلامية في التزام الرأي والرأي الآخر، وتأكيد التزامنا بقوانين وقرارات الدولة المستضيفة، وأملنا في المراجعة العاجلة لهذا القرار، بما يمكن الجزيرة من تغطية قضايا السودان بموضوعية وتوازن".

وأعلنت كيانات صحيفة، وقوى سياسية بالسودان، إدانتها لقرار سلطات الانقلاب بسحب تراخيص قناة الجزيرة مباشر في السودان، ومنع طاقمها من العمل بالبلاد.

وتذرعت سلطات الانقلاب في قرارها بما اسمته التناول غير المهني للشأن السوداني، ومخالفة سلوكيات وأعراف وأخلاقيات المهنة.

ودرجت القناة التابعة للجزيرة القطرية، على تغطية الاحتجاجات في السودان بشكل مباشر، مع إفراد مساحات كبيرة للشأن السوداني.

ويقول الاعلامي السوداني أيمن جاب الله "في حيثيات قرار إغلاق مكتب الجزيرة مباشر  غير الموجود من الأساس في السودان ، بث محتوى ضار بالنشء، هل باتت حرية التعبير في حكم  العورة ؟

ويقول الإعلامي نورالدين شكر الله "و دائما الجزيرة  هي ضحية الانقلابين والطغاة. إغلاق مكتب قناة الجزيرة مباشر في الخرطوم وسحب تراخيصها، وسام آخر يضاف على صدر الجزيرة، و يؤكد أنها أصبحت صوت الشعوب العربية التواقة إلي الحرية رغم أنف أعداء النجاح".

وأدانت شبكة الصحفيين السودانيين، وهي نقابة مستقلة، قرار وزارة إعلام الانقلاب، ووصفته بـالسلوك الإجرامي، المنافي للمواثيق الدولية بشأن حرية التعبير والصحافة والإعلام.

واشتكت الشبكة في بيان مما وصفته بالعمل الممنهج لسلطات الانقلاب لاستهداف الصحفيين والإعلاميين، لخنق وإخماد حرية الصحافة والإعلام بالسودان، وحذرت من نوايا الانقلاب لـتحويل البلاد لنقطة معتمة، تمهيدا لارتكاب مجازر وحشية ضد الثوار السلميين.