توفي فجر الأحد 30 يناير المنتهي، المفكر والكاتب جودت سعيد، 91 عاما، في مدينة اسطنبول بتركيا، وهو من أبرز المفكرين المعاصرين، وأحد أبرز تلاميذ ومعاصري المفكر مالك بن نبي رحمه الله، وأحد دعاة "اللاعنف" في العالم الإسلامي وصاحب كتاب "مذهب ابن آدم الأول"، حتى لقبه مراقبون وكتاب بغاندي العالم الإسلامي.
وقال زاهر إحسان بعدارني ناعيا له عبر (Zaher Ihssan Baadarani ) إنه ".. ستحفظُ المكتبةُ العربيةُ والإسلاميةُ علومَ أ.جودت سعيد على أنه أضافَ لها ما يُغنيها ويُميّزها، كما ستذكرُ المساجدُ وقفاتهِ في محاريبها وعلى منابرها يصدحُ بالعِلم، وينادي للسِّلم، وأصبعهُ السّبابةُ مرفوعٌ يموجُ عالياً بحالةِ تَشهُّدٍ للخالقِ وشهادةً على الخَلق..".
ومن جانبه أعرب فؤاد أقطاي، نائب الرئيس التركي، عن تعازيه في وفاة المفكر الإسلامي السوري #جودت_سعيد، عن عمر ناهز 91 عاما.
وفي تغريدة له عبر حسابه على تويتر، دعا أقطاي بالرحمة للمفكر السوري الشهير، وبالصبر والسلوان لأسرته ومحبيه
الآليات السلمية
وكتب عنه الدكتور خالص جلبي -الكاتب المعروف وأحد تلامذته- إن "جودت سعيد ودع الحياة الفانية والتقى بخالقه الأعلى. عاش للعلم. ضرب وعذب وسجن وسرح من وظيفته وعاش بسيطا أقرب للفقر والزهد والعفة".
واضاف أنه "كتب العديد من الكتب الخالدة في ترسيخ ثلاث مفاهيم: العلم والإيمان والسلام. لم ينافق ولم يكن من وعاظ السلاطين. حوصر في قريته فاستمر يدعو إلى فكرته بصبر"، مشيرا إلى أنه "حين اندلعت الثورة السورية كان بجانب الأمة في وجه النظام الطاغوتي ..".
وأشار إلى مصاهرته إياه وزواجه بأخته ليلى سعيد، لافتا إلى استفادته الشخصية منه "بفهم وتطوير آليات الصراع المدني بالطرق السلمية واخيرا دخولنا المشترك إلى معتقلات البعث العبثية.. عاش جودت سعيد طويلا وتجاوز التسعين ومات سريعا فلم يثقل على من حوله. وترك خلفه إرثا فكريا محمديا نقيا لا يمكن لأي فرد مهتم بنهضة الأمة إلا واعترف واغترف من معينه. هو الآن في حضرة الله غير خائف ولا مضطرب ولاحزين بل يرى حبيبته هالة وتلميذته ليلى المفضلة في مقعد صدق عند مليك مقتدر".
الإرث الفكري
وكتبت تلميذته سلوى تشتاو: "توفي العلامة والداعية السوري الشيخ جودت سعيد تاركا وراءه إنتاجا فكريا ضخما وطلاب علم تتلمذوا على يديه، أسس اللاعنف. جودت سعيد من القبائل الشركسية التي سكنت منطقة الجولان وله دروس في الفقه باللغات العربية والشركسية. كنت ممن حصل على شرف اللقاء به والتحدث معه رحمة الله عليه وجمعه مع الصالحين في عليين".
مسيرة حافلة
وأتم جودت سعيد دراسته الابتدائية في القنيطرة جنوبي سوريا، وانتقل للدراسة في الأزهر الشريف في مصر عام 1946، لينهي هناك المرحلة الثانوية، ومن ثم يتم دراسته في كلية اللغة العربية ويحصل على إجازة فيها.
وأصدر العديد من المؤلفات منها: "حتى يغيروا ما بأنفسهم"، "فقدان التوازن الاجتماعي”، "العمل قدرة وإرادة"، و"بحث في سنن تغيير النفس والمجتمع"، تقديم: مالك بن نبي، و"اقرأ وربك الأكرم: تغيير النفس والمجتمع"، و"رياح التغيير"، و"العبودية المختارة"، و"كن كابن آدم"، و"لا إكراه في الدين"، و"لم هذا الرعب كله من الإسلام"، و"مذهب ابن آدم الأول، أو مشكلة العنف في العمل الإسلامي".
ولد المفكر الكبير جودت سعيد في قرية بئر عجم بالجولان عام 1350 هـ/1931م، وعاصر ولادة الأفكار الحديثة والاتجاهات الفكرية في مصر، مما أثر في بنائه العلمي والثقافي. ثم تابع من عنده داعية يتبنى فكرة نبذ العنف والدعوة إلى السلام، متمثلاً فكر مالك بن نبي في موضوع بناء الحضارة والنهوض بالمسلمين، ويدعو للنظر في مشكلات الأمة من منظار العلم والسببية وقوانين الآفاق والأنفس والأخذ بالحوار والشورى وبناء ثقة المسلمين ببعضهم.