غضب عالمي من واقعة الهرم.. التحرش بالسائحات يفضح غياب الأمن والفوضى بزمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

في الوقت الذى تواجه فيه السياحة المصرية ضربات قاصمة منذ جائحة فيروس كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية وحظر عدد من دول العالم سفر مواطنيها إلى مصر بسبب أجواء الفوضى والبلطجة وانعدام الأمن جاءت واقعة التحرش بالسائحات فى منطقة الهرم لتضيف كارثة جديدة على هذا القطاع الذى تراجعت عائداته من 13 مليار دولار إلى 3 مليارات دولار فقط العام الماضى بسبب انخفاض أعداد السياح الذين يزورون مصر بنسبة تزيد على 70% .

كان رواد مواقع التواصل الاجتماعى قد تداولوا مقطع فيديو، يظهر تحرش عشرات المراهقين بسائحتين في منطقة أهرامات الجيزة ومحاولة إجبارهما على التقاط صور في ظل حالة غضب ورعب منهما، ومحاولتهما الهرب من ملاحقة الصبية لهما دون جدوى وهو ما أثار ردود فعل غاضبة في العالم كله بسبب انشغال قوات أمن الانقلاب بمطاردة الرافضين لانقلاب السيسي وعدم اهتمامها بتأمين السياح وحمايتهم .

ولم تتدخل أجهزة أمن الانقلاب إلا بعد اعلان عدد من دول العالم عن غضبها مما يحدث من انتهاكات فى مصر فى زمن الانقلاب ما دفع مصور الفيديو، الذي انتشر علي مواقع التواصل الاجتماعي، الى مطالبة خالد العناني وزير السياحة والآثار  بحكومة الانقلاب، بالتدخل الفوري لوقف مهزلة التحرش بالسائحين في عيد الفطر بالهرم، أمام إصرار مجموعة من المراهقين ممن لا يتجاوز أعمارهم 15 عامًا على اللحاق بالسائحتين، ومحاوطتهما والتقاط الصور عنوة ورفضهم الانصياع لمطلب المرشد المرافق للسياح بالابتعاد.

 

مراجعة الكاميرات

وكشف مصدر مسئول بسياحة الانقلاب عن إحالة الواقعة للتحقيق ومراجعة كاميرات المنطقة الأثرية وفتح تحقيق داخلي بالمنطقة مع مفتشي الآثار العاملين خلال التوقيت المذكور في الفيديو للتثبت من توقيتها .

وحسب المتداول حدثت هذه الواقعة خلال إجازة عيد الفطر، حيث عمد الشباب إلى اعتراض طريق السائحات بشكل أثار حفيظة كثيرين.

وعقب الانتشار الواسع للفيديو، والذى يتضمن 13 طالب " أعمارهم تتراوح ما بين13- 15 عاما"  اضطرت أجهزة أمن الانقلاب – التى زعمت أن السائحات لم يبلغن الجهات المعنية بالواقعة إلى القاء القبض على عدد من الشباب المتورطين فى التحرش .

 

فيديوهات للشهرة

من جانبه أدلى المتهم فى واقعة فيديوهات التحرش بالسائحات في منطقة الأهرامات بالجيزة، باعترافاته أمام شرطة سياحة الانقلاب بعد القبض عليه، كاشفًا السبب الذي دفعه إلى ذلك.

وقال المتهم في التحقيقات، إنه كان يرغب في تحقيق نسب مشاهدات كبيرة من الفيديوهات والصور التي التقطها برفقة السائحات في الأهرامات، بنشرها في موقع «يوتيوب»، طمعًا في مكاسب إعلانية وتحقيق شهرة واسعة.

ولفت إلى أنه لم يقصد بتلك الفيديوهات أن يتحرش بالسائحات أو يغازلهن، إنما هدفه هو الشهرة فقط، واستغلال عمله في النشاط السياحي بالإهرامات من خلال بيع بعض الهدايا، منوهًا بأنه كان يختار السائحات الجميلات للتصوير معهن؛ حتى تكون تلك الفيديوهات ملفتة للمشاهدين وتحقق نسب مشاهدة عالية.

وأكد المتهم أنه نشر مجموعة من الفيديوهات التي تظهر فيها صوره مع السائحات في منطقة الأهرامات، لافتًا إلى أنه كان يذهب إلى

منطقة الأهرامات بشكل شبه يومي حتى تمكن من جمع عدد كبير من الفيديوهات والصور مع السائحات، وكان يقوم بنشرها تباعًا على قناته في موقع "يوتيوب".

 

غياب الأمن

حول تداعيات حادثة الهرم حذر الدكتور محمد زيدان الشربينى خبير سياحى ، من خطورة ظاهرة التحرش بالسائحات على قطاع السياحة مؤكدا أن هذه الظواهر تدفع السياح الى التوجه الى دول أخرى ورفض المجئ إلى مصر بسبب غياب الأمن والأمان وانتشار التحرش والبلطجة .

وأكد الشربينى فى دراسة أعدها بعنوان "أثر التحرش على الصورة الذهنية للمقصد السياحى المصرى". أن التحرش يؤثر على معدلات إنفاق السائح، حيث يحتاج السائح لشراء بعض الهدايا التذكارية والتحف، فإذا وجد سلوكيات سلبية سيئة تضره سواء من الباعة الجائلين أو أصحاب المحال والبازارات السياحية، فلن يتعامل مرة أخرى مع هذه الفئة، ما يؤدى إلى قلة معدلات إنفاقه، مما يؤثر على الإيرادات السياحية.

وكشفت الدراسة، أن المرأة أكثر عرضة للتحرش من الرجل، حيث تعرضت نسبة 56.6% من السيدات للتحرش مرة أو مرتين، خلال العينة التى تم إجراء البحث عليها بمنطقة الأهرامات، بينما الرجال الذين تعرضوا للتحرش مرة أو مرتين بلغت نسبتهم 28%.

واشارت الى أن أكثر الأماكن التى يتعرض فيها السائح للتحرش، هى الشوارع، تليها أماكن إقامتهم بالفندق، ثم المزارات السياحية.

وأوضحت الدراسة أن مظاهر التحرش تتنوع كما يتنوع المتحرشون ، كاشفة أن أكثر المتحرشين بالسائحين هم: المتسولون، وتنوع تحرشهم بين تحرش جنسى وتحرش جسدى، ثم يأتى بعدهم بائعو المخدرات ثم الباعة الجائلين.

 

لا نشعر بأمان

من ناحيتهم أكد السائحون الذين استطلعت اراءهم الدراسة أنهم لا يشعرون بأمان، ولا يشعرون بسعادة، كما أنهم يغضبون أشد الغضب ممن يتحرش بهم، بالإضافة إلى شعورهم بالضيق والضجر.

وحذرت الدراسة من أن التحرش يؤثر على عدم رضاء السائح عن الرحلة السياحية ككل بنسبة 76.6%، ويؤثر التحرش على شعور السائح بعدم الأمان بنسبة 75.3%، وينتج عن تعرض السائح للتحرش تقليل معدل الإنفاق السياحى بنسبة 53.3%، ويؤدى التحرش بالسائحين إلى خلق صورة سيئة عن المقصد السياحى المصرى بنسبة 66%.

وكشفت عدم وجود رقابة على السلوكيات السلبية فى مصر بنسبة 33.3%، وأن الاستجابات لنداءات واستفسارات ورغبات السائحين بنسبة 26.6%، وأن التحرش يفقد المقصد القطاع السياحى لمميزاته بنسبة 60%.

وطالبت الدراسة بتكثيف التواجد الأمنى بالمناطق السياحية والمزارات والشواطئ والأسواق السياحية وتحديث القوانين المجرمة للتحرش وتغليظ العقوبات على المتحرشين، ورفع معدلات التوعية السياحية خاصة التوعية الدينية، وتحديث وسائل تلقى شكاوى السائحين عن المشكلات التى تواجههم، وإحكام الرقابة على المزارات والمناطق السياحية خاصة المناطق المفتوحة،.

وأوصت بالرقابة على المواقع الإباحية التى تنشر الرذيلة والسلوكيات السيئة، وتفعيل دور الإعلام السياحى فى نشر الوعى السياحى بين المواطنين، وعمل دورات تدريبية للسلطات التى تتعامل مباشرة مع السائحين، للتدريب على حسن التعامل معهم وحمايتهم من الأشكال المختلفة من التحرش التى يتعرضون لها، وتنمية دور المرشد السياحى فى تحسين الصورة الذهنية لمصر أمام السائحين، وإبراز المميزات الفريدة للمجتمع المصرى الأصيل.