“عملية إلعاد” تطور نوعي مرعب بعد تجاوز الشعب الفلسطيني توازنات مقاومة الفصائل

- ‎فيعربي ودولي

في عملية نوعية للمقاومة الفلسطينية، نفذ مقاومان فلسطينيان، عملية  نوعية نتج عنها قتل 3 إسرائيليين في عملية طعن بـ”بلطة” وإطلاق نار في منطقة إلعاد شرق تل أبيب، مساء الخميس الماضي.

العملية التي نفذها فلسطينيان في مستوطنة "إلعاد" المقامة على أراضي بلدة "المزيرعة" المهجرة في نكبة فلسطين عام 1948، أثارت الكثير من ردود الفعل والتكهنات المستقبلية.

ونفذ مستوطنون في وقت متأخر من ليل الخميس، وفجر الجمعة، اعتداءات بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم في عدة مناطق من الضفة الغربية،  وأضرموا النيران في أربع مركبات للأهالي، لكن الشبان تصدوا للمستوطنين الذين فروا من المكان، فيما تمت السيطرة على الحريق وإخماده.

وهاجم مستوطنون، فجر الجمعة، مركبات الفلسطينيين بالحجارة أثناء مرورها على شارع القدس – الخليل جنوب بيت لحم إلى الجنوب من الضفة الغربية، من دون أن يبلغ عن إصابات.

كذلك هاجم مستوطنون مركبات الفلسطينيين بالحجارة في وقت متأخر من ليل الخميس، عند مدخل قرية مخماس شمال القدس، فيما أصيب عدد من الفلسطينيين بجروح ورضوض إثر هجوم للمستوطنين عليهم وعلى مركباتهم بالحجارة، قرب حاجز حوارة العسكري المقام جنوب نابلس شمال الضفة الغربية.

من جانب آخر، أشار مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس إلى أن عددا من المستوطنين قد شرعوا أمس في بناء بؤرة استيطانية على أراضي قرية جالود جنوب نابلس، كما سرقوا خزانات المياه من الأراضي الزراعية القريبة، ووضعوها في المنطقة.

إلى ذلك، قطع مستوطنون مساء الخميس، أشجار زيتون في أراضي بلدة سنجل شمال رام الله وسط الضفة الغربية، وفق تصريحات لرئيس بلدية سنجل معتز طوافشة.

في غضون ذلك، أصيب فلسطينيان بجروح برصاص الاحتلال الإسرائيلي المعدني المغلف بالمطاط الليلة عند مدخل قرية دير أبو مشعل غرب رام الله.

 

دوافع مشروعة

وتأتي العملية ردا على الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى وتنفيذ المستوطنيين الصهاينة بحماية الشرطة الإسرائيلية  مسيرة الأعلام داخل المسجد الأقصى وسط صدامات ومقاومة من قبل المرابطين بالأقصى، وسط مخططات لبناء الهيكل الثالث داخل المسجد الأقصى ، وصولا إلى تقسيم مكاني وزماني بالأقصى، مرفوض فلسطينيا ودوليا.

كما تأتي العملية ردا على الممارسات القمعية الإسرائيلية ضد الأسر الفلسطينية في البلدات القديمة والضفة الغربية وأحكام المحاكم الإسرائيلية بهدم المنازل والمؤسسات الفلسطينية في القدس والضفة لصالح بناء المستوطنات، كان آخرها حكم المحكمة العليا الإسرائيلية بتهجير ألف أسرة من منطقة مسافر ياطا.

بجانب اعتقال أكثر من ألف فلسطيني خلال شهر إبريل الماضي، وفق منظمات حقوقية فلسطينية.

 

حصار إسرائيل

وتمثل العملية النوعية الناجحة تطورا نوعيا للعمل المقاوم  ضد إسرائيل، إذ  تفرض مزيدا من الضغوط الأمنية على إسرائيل، التي باتت ترزح تحت سطوة المقاومة الفلسطينية، سواء من قبل صواريخ غزة أو سكاكين المقاومين الذين لم يتوقفوا عن التهديدات المباشرة للإسرائيليين بالداخل وفي مناطق التماس وفي المستوطنات والمغتصبات الصهيونية.

حيث تخضع رؤوس الصهاينة لضربات متعددة ومختلفة من قبل الفؤوس والسواطير والخناجر وفوهات المسدسات الصغيرة، بينما تتحسس رؤوسها خشية انهمار الصواريخ الجنوبية عليها. سواء من مناطق 48، وعلى حسها في القدس المحتلة والضفة الغربية، وعلى مداها في قطاع غزة، فيما تتحرك خيوط غائمة في الجنوب اللبناني قد تندفع دون توقعات لأدنى سبب غير مفهوم، وهناك جبهة نائمة رغم أن النيران تشتعل فيها على الحدود مع الجولان، يمكن أن ينقذف منها اللهب إذا تعقدت العلاقة مع روسيا، وفتحت روسيا بوابة نار تأديبية على الإسرائيليين، إذا استمروا في اللعب بالنار في سياق الحرب الروسية الأوكرانية.

هذا الواقع الأمني الذي يمس المجتمع الداخلي الإسرائيلي في قلاعه الحصينة، ويهزه بشدة، يرهق السياسيين الإسرائيليين المتوترين أصلا، ويدفعهم نحو مزيد من التشدد العدمي الذي لطالما استخدموه للحفاظ على إستراتيجية بقائهم وبسط سيطرتهم، وهم كلما غاصوا في هذا النمط العقابي، فإنهم يتورطون في الوحل أكثر، فكما أن المقاومة تبدو أنها لا تستطيع استثمار صمودها سياسيا في ظل انحطاط سياسي بالغ يكتنف المنطقة برمتها؛ فإن القوة الإسرائيلية محدودة الفاعلية في أتون منطقة ملتهبة أصلا، ولا تكاد تحتمل إشعال فتيل نار أخرى تقذف بالمنطقة نحو الفوضى في ظل هذا الاختلاط العالمي في صراع النفوذ والإرادات الدولية.

ولكن الأرق الكبير الذي تعيشه منظومة الأمن الإسرائيلية هو في كيفية السيطرة على هذه الأنماط المقاتلة، التي تستخدم القليل المتاح في مناطق الفراغ الأمني غير المتوقعة؛ حيث تعجز الدبابات والطائرات ومنظومات الإنذار المبكر وانتشار السلاح في الجيوب الواسعة عن مواجهة قرارات ميدانية تَقْدح زناد إيمان عميق بعدالة قضية وشعور عميق بالظلم وانفعال أعمق بالكرامة، وهو المزيج الحار الذي تنضجه استفزازات المستوطنين المتكبرة الغبية في المسجد الأقصى، وسياسات الاحتلال العصبية التي لا يمكن تعديل اتجاهاتها.

 

الإنجاز النوعي

وتعد عملية العاد إنجازا نوعيا، لأسباب إستراتيحية أخرى، إذ أن سياسة إضعاف الفصائل الفلسطينية وحصارها، ووضعها في خيارات ردع قاسية، أو حبسها في منظومة خيارات سياسية بائسة، قد جعلت عامة الفلسطينيين بلا عنوان مباشر يمكن التعامل معه، فتحول كل الشعب إلى فكرة منظمة على قدمين تحمل أهدافا مباشرة تقع أمام عينيها، وهذا يعني أن المجتمع الفلسطيني الآن قد استوعب تجارب تاريخ الصراع مع المحتل، ونسج خيوط المقاومة الشعبية المسلحة التي تجتذب أحلام الشباب التواقين إلى النزال بلا حسابات تردعهم. 

وهو ما يمثل تطورا مرعبا للمجتمع الصهيوني، ويكشف عمالة الأنظمة العربية التي تمارس ضغوطا شتى على الفصائل الفلسطينية من أجل إخماد عملياتها المقاومة ضد الحليف الصهيوني للنظم المتواطئة ضد الفلسطينيين وقضيتهم.