قالت ورقة بحثية إن "القضية الفلسطينية بالنسبة لبعض الدول العربية ورقة مساومة وقربان يتم تقديمه لتحقيق مصالحها الخاصة".
ورأى الباحث في ورقته مستشهدا بدخول مصر على خط الوساطة ومنع التصعيد بين المقاومة والاحتلال يأتي في ظل توقع مصري لتعامل أمريكي مماثل عبر دعم موقفها في القضايا الإقليمية الرئيسية ولا سيما سد النهضة الأثيوبي وليبيا، وفي محاولة لتهدئة الغضب الأمريكي خلال إدارة بايدن، والتي أظهرت تجاهلا معينا لحكومة السيسي بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان.
وأضاف أن التقدير في مصر هو أن المساعدة على إنهاء الصراع بين حماس والصهاينة الذي اندلع العام الماضي من شأنها تحسين اتصالاتها مع واشنطن، فبعد أشهر من الصمت عقب تنصيب بايدن ، اتصل الرئيس الأمريكي بالسيسي مرتين خلال القتال، في 20 و24 مايو، ولكن الرئيسين لم يتحدثا بشكل مباشر منذ ذلك الحين، على الرغم من محاولات السيسي للقاء بايدن على هامش مؤتمر المناخ في نوفمبر، وفقا لبعض التقارير.
العصا والجزرة
واتهمت الورقة، التي جاءت بعنوان "أحداث المسجد الأقصى وحالة التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قراءة في الدوافع وردود الأفعال " نشرها موقع الشارع السياسي، الأنظمة بأنها "التي تقف في المقدمة دفاعا عن الأمن الإسرائيلي، وأوضح بلعب مصر وقطر دور الوساطة لمنع المقاومة من التصعيد بما يهدد أمن الاحتلال، وذلك عبر ممارسة سياسة العصا والجزرة حيث تقوم مصر بالضغط عبر إغلاق معبر رفح، فيما تقوم قطر بتقديم المساعدات المالية".
ورأى أن الدول العربية باتت على أُهبة الاستعداد دوما للوساطة عندما تكون إسرائيل في أزمة، بينما تغيب عندما يحتاج الفلسطينيون هذه الوساطة، لافتا إلى أن الدول العربية التي سارعت منذ بداية شهر رمضان للعمل من أجل التهدئة في القدس المحتلة وتخفيف الاحتقان في المسجد الأقصى، كانت شبه غائبة العام الماضي عن حرب ضروس بدأت في القدس، ثم امتدت إلى كل الأرض الفلسطينية، وشهدت أعنف عدوان على قطاع غزة استمر 14 يوما متواصلة، ثم تدخلت للوساطة من أجل التهدئة بعد أن فشل الصهاينة في تحقيق أي من أهدافهم، ولم يعد أمامهم سوى البحث عن مخرج.
مواقف الخذلان
ولخصت الورقة ردود الفعل العربية فيما يتعلق بالتصعيد حاليا في فلسطين المحتلة بالتعريض لموقف جامعة الدول العربية التي أصدرت بيانا تحث فيه تل أبيب على عدم اقتحام المسجد الأقصى، وقد جاء توقيت البيان بعد انتهاء أعياد اليهود، وبعد أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية رسميا أن المتطرفين الصهاينة لن يقتحموا المسجد الأقصى في العشر الأواخر من شهر رمضان.
وأضافت لتلك النقطة غياب الدعم العربي حتى على المستوى اللفظي للشعب الفلسطيني في وجه العدوان الصهيوني اليومي، وحتى عندما صدرت تلك الإدانات بعد تأخر لافت لمدة يومين، فقد جاءت بصيغة خجولة مقارنة بمواقفهم من السنوات الماضية، حين دأبوا على إدانة الاحتلال بلغة قاسية.
وأشارت إلى أن يضاف لهذه المواقف؛ عدم إقدام أي دولة عربية على قطع علاقتها مع دولة الصهاينة، ولم يتم طرد أي سفير من الدول العربية، ولم يتم سحب أي سفير عربي من تل أبيب.
ورصدت الورقة عدم التفاعل الجماهيري العربي مع أحداث المسجد الأقصى، وباستثناء بعض المسيرات والحشود الشعبية في الأردن، مع بعض الدعاء في الكويت وبعض البلاد، دون ذلك؛ لم تسجل تحركات جماهيرية كبيرة.
ولفتت إلى انتشار مفهوم في ظل القبضة الأمنية في الدول العربية الرافضة لخروج أي مظاهرات ، حتى لو كانت مناصرة للقضية الفلسطينية فقط.
تحالف ممجوج
ورصدت الورقة تخاذل الموقف الرسمي العربي الحالي فى ظل تصاعد وتيرة التطبيع، والذي وصل إلى حد التحالف بين الكيان الصهيوني والدول العربية المطبعة، وخصوصا الإمارات والبحرين، وصور المسؤولين العرب في تل أبيب وصور المسؤولين الصهاينة في العواصم العربية. معتبرة أن ذلك إشارة إلى انسداد أفق الدعم العربي لنضال الشعب الفلسطيني، ومع بداية عام 2022، تصاعدت موجة التطبيع من خلال القمم العربية الإسرائيلية، في أبو ظبي والمنامة وشرم الشيخ وعمان والنقب.
ورأت أن التطبيع والخذلان العربي امتد بدول الخليج الموقعة على اتفاقيات أبراهام، إلى أن تساهم في تمويل وتغذية ميزانية جيش الاحتلال بنحو 770 مليون دولار، دفعتها الإمارات والبحرين ثمنا لأسلحة ومنظومات عسكرية اشترتها خلال العام الماضي من دولة الاحتلال.
ولفتت إلى أن ذلك مساهمة عربية خليجية غير مباشرة في حالة القمع التي يقوم بها الجيش الصهيوني ضد الفلسطينيين.
إفرازات التطبيع
ورأت الورقة أن الانحياز العربي الأخير للكيان الصهيوني على حساب المصالح الفلسطينية، هوأحد إفرازات موجة التطبيع العربي الأخيرة مع الاحتلال، وهي الموجة التي كشفت عن تحالف بعض الأنظمة العربية مع إسرائيل وممارستها الضغوط على الفلسطينيين.
وأضافت أنه بفعل التطبيع أصبح الصهيوني يتجول في عواصم عربية من دون الحاجة لتأشيرة دخول ولا إقامة ولا كفيل، بينما لا يجد الفلسطيني مكانا سوى السجون السرية وأقبية التحقيق.
وأشارت إلى أن الأنظمة العربية ذاتها تُمارس الضغوط والابتزاز على السلطة الفلسطينية من أجل دفعها لتقديم مزيد من التنازلات بدلا من ردعها عن التنازل أمام الاحتلال.