دراسة: حكومات الانقلاب ضخمت سوق العقارات وتخلت عن محدودي الدخل

- ‎فيتقارير

قالت دراسة إن “الدولة ممثلة بحكومات الانقلاب تخلت عن محدودي الدخل وجمعياتهم التعاونية الإسكانية، بينما تشجع القطاع الخاص في إقامة وإنشاء القرى السياحية والأبنية الفخمة في المدن الجديدة”.
وأضافت الدراسة التي أعدها الباحث عمر سمير خلف، للمعهد المصري للدراسات بعنوان “مصر الحق في السكن، نظام مشوه وسياسات قاصرة” إن “اتجاه الحكومة لطرح وحدات إسكان متوسط بسعر يصل إلى 400ألف جنيه ساهم وبشكل كبير في رفع أسعار السكن المطروح من قبل القطاع الخاص في الأعوام الأخيرة ، وخلق تضخما كبيرا في سوق العقارات الرسمي وغير الرسمي إذ بينما لا تتجاوز تكاليف الوحدة السكنية “على الطوب الأحمر” بالتعبير الدارج 60 ألف جنيه بما تشمله من أعمال خرسانية وحصة في الأرض ، إلا أنها تباع بأسعار تتجاوز ضعف وربما ضعفي هذا المبلغ في الكثير من المناطق الشعبية”.

خلل جوهري
وأشارت الدراسة إلى أن “هناك خلل جوهري في السياسات المتبعة إذ لا يتعلق الأمر فقط بتشجيع الاستثمارات بل بدور أكبر للدولة في تحديد أي المجالات يجب تشجيع الاستثمار فيه بالإضافة لدور مباشر للدولة في إنفاق عام استثماري يستهدف تغييرا ديموغرافيا حقيقيا، يهتم بشكل أكبر بتنمية الدلتا ومناطق الصعيد والصحراء الغربية وخلق مجتمعات عمرانية جديدة حقيقية وليست تجمعات سكنية دون استيعاب للعمالة والتعليم والصحة التي تستلزمه هذه المدن”.
ونبهت إلى أن “ثمة حاجة ماسة على المدى المتوسط والبعيد لنظام قومي للسكن هو جزء من نظام أو مشروع قومي تنموي، نظام السكن هذا يفترض فيه أن يتضمن بالتحديد المعلومات الدقيقة لعدد طالبي الوحدات السكنية الذين هم بالضرورة كل الشباب الذين أنهوا تعليمهم الفني أو الجامعي ممن لا يملكون وحدات، ويشمل أيضا عدد من يملكون أكثر من وحدة سكنية كإسكان خاص- تعاوني- اجتماعي”.
وأوضحت أنه “يفترض في هذا النظام أيضا أن يتعامل مع العقارات الآيلة للسقوط ومع سكان المقابر والعشوائيات من منطلق الحق في السكن وليس من منطلق اعتبارهم مشكلة يجب مواجهتهم، يتم هذا من خلال حصر دقيق للعقارات القائمة وتواريخ إنشائها وتقارير هندسية دورية حول حالتها”.

إعلانات وهمية
ولفتت الدراسة إلى أن “ثمة فجوة كبيرة بين ما تعرضه الدولة من وحدات سكنية في صيغة مشروعات إسكان مليونية يتم الحديث عنها أثناء الماراثونات الانتخابية ثم نكتشف وهميتها عقب انتهاء هذه الماراثونات ، لكن يبقى التساؤل لماذا لا تسد سياسات الإسكان الاجتماعي الفجوة بين العرض والطلب؟ من تستهدف هذه السياسات وكيف تنجز أهدافها؟ أية رقابة على أجهزة الإسكان وهل ثمة نظام إسكاني ؟ هناك تراكم للفجوة السكنية التي تتجاوز 7 مليون وحدة سكنية، حيث بينما تقدر احتياجات السوق المصري بـ 8 مليون وحدة سكنية، فإن أقصى ما تم عرضه من قبل الأنظمة المختلفة في مصر منذ عهد مبارك هي مشروعات مليونية لا تكتمل غالبا”.
وأوضحت أنه “يمكن تفهم هذه الفجوة في ظل ظاهرة تسقيع الأراضي والشقق والعقارات، إذ توجد الكثير من الوحدات السكنية الخاصة سواء التي يمتلكها الأفراد فوق احتياجهم أو التي تمتلكها الشركات وتعرضها بأسعار مبالغ فيها وتفوق طاقة المقبلين على الزواج ومن ثم يحتاجون للسكن وبالذات من فئة الشباب”.

تضارب مركزي
وأشارت الدراسة إلى تضارب تقديرات عدد الوحدات السكنية الفارغة تتضارب من جهة لأخرى إذ بينما يرصد آخر إحصاء أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن هناك نحو 7.7 مليون وحدة سكنية غير مستغلة، فإن قطاع الإسكان بوزارة الإسكان يقرر أن هناك نحو 5.7 مليون وحدة سكنية غير مستغلة منها تابعة للحكومة ومنها تابع للأهالي”.
وأوضح الباحث أن أسباب ذلك كثيرة منها؛ عدم توصيل المرافق لهذه الوحدات وهو ما تسبب فى عدم استغلال هذه الوحدات كسكن، وأسباب أخرى يأتي في مقدمتها عدم قدرة أصحاب هذه الوحدات على تشطيبها واستكمالها نتيجة لعدم وجود موارد مالية لديهم، وعدم قدرة الكثير من أصحاب العقارات على تأجيرها أو بيعها لسوء الخدمات والمرافق فيها لوقوعها على أطراف المدن مع عدم وجود نقل عام جيد في الكثير من التجمعات السكنية الكبري داخل المدن، يضاف إلى ذلك تسقيع هذه الشقق سواء باعتبارها استثمارا مستقبليا أو باعتبار أن التضخم في قطاع العقارات هو الأعلى من بين القطاعات الأخرى ، ومن ثم العائد على الاستثمار فيه أعلى من غيره من القطاعات.

نمو ونمو
وقالت الدراسة إن “ثمة نمو غير مسبوق في قطاع العقارات منذ بداية الألفية الثالثة وتضاعف هذا منذ ثورة 25 يناير نتيجة الانفلات الأمني وضعف سطوة المؤسسات التنفيذية القائمة على تصاريح البناء أو انتشار الفساد فيها ، بما سمح بتعلية مباني موجودة عدة أدوار بالمخالفة وكذلك البناء بالمخالفة لقوانين البناء سواء داخل المدن أو على حوافها أو على أراضٍ زراعية محظور البناء فيها، وهو ما يعني زيادة المعروض من الوحدات السكنية ومع ذلك ثمة تضاعف في أسعار الوحدات السكنية المطروحة من قبل القطاع الخاص والعام على حد سواء نتيجة للتضخم ولعدم وجود سياسات واضحة للإسكان”.
ونبهت إلى دراسة حديثة رصدت نمو قطاع العقارات بنسبة 420% منذ 2001، وأن 40% فقط من المصريين يمتلكون منازلهم وأن القطاع الخاص نفذ 95% من إجمالي الاستثمارات منذ ذات الفترة، بينما لم يتزايد السكان بأكثر من 22% في نفس الفترة (من 66.14 مليون نسمة عام 2001 إلى 80.72 مليون نسمة عام 2012) والسياسة المصرية للبناء تعتمد على جذب الاستثمارات الخاصة هذه الشركات الاستثمارية الخاصة فقط تركز فقط علي تعظيم الأرباح، وبالتالي، فقد استهدفت بناء العقارات الراقية.

يفترض ويفترض
وافترض الباحث مراعاة الظروف المادية لجميع طالبي السكن بحيث يستطيع تحديد القدرات المالية لهم، وإيجاد نظام عادل لتوزيع الوحدات السكنية وتقدير الإيجارات للمناطق المختلفة وقدر من الرقابة على هذه الإيجارات بحيث لا يتعدى الإيجار 25% من دخل المواطن.
وقال إنه “يفترض وجود قانون موحد للسكن ينظم الإيجارات ويضمن دورا للدولة في وضع حدود قصوى للإيجارات وفقا للمناطق ومستويات التشطيب وتكاليف البناء ، ويرتبط أيضا بدخول المستأجرين ويضمن للدولة حقها في الضرائب التصاعدية على الإيجارات ورقابتها الصارمة على النشاط العقاري برمته”.
وأوضح أن ذلك “يوفر لها موارد مالية ضخمة ويحقق عدالة في التعاقدات بين المستأجرين وأصحاب العقارات ويجرم المضاربات العقارية وإغلاق الوحدات السكنية الخاصة الثانية لمدة تزيد على العام دون تأجيرها”.
وأشار إلى أنه ثمة مبادرات قيّمة أطلقها المجتمع المدني المصري في إطار حراك سياسي ودستوري بعد الثورة ولا يمكن تجاهلها مثل وثيقة دستور العمران، هذه المبادرات يمكن الاسترشاد بها والاستعانة بالمراكز والمنظمات الأهلية التي قامت بإعدادها إذا أردنا فعلا وضع نظام إسكاني عادل ومستديم يضمن حق المصريين في المشاركة وإدارة عمليات التخطيط والتنمية العمرانية.

 
https://eipss-eg.org/%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%82-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%83%d9%86-%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85-%d9%85%d8%b4%d9%88%d9%87-%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d9%82%d8%a7%d8%b5%d8%b1%d8%a9/