في الوقت الذي يستأسد فيه نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي على المصريين من خلال القتل والتصفية والإخفاء القسري والمعتقلات والتجويع ينسحب كلية من أمام أثيوبيا التي تواصل بناء سد النهضة وإنهاء مرحلة الملء الثالث التي حالت دون وصول 5 مليارات متر مكعب من المياه إلى مصر دون اعتراض أو اتخاذ موقف من جانب السيسي لوقف هذا العدوان على الحقوق التاريخية للمصريين في مياه النيل.
وإزاء هذه القضية الخطيرة التي تهدد الأمن القومي المصري يكتفي السيسي بعمل شو إعلامي لخداع المصريين بأنه يدافع عن قضاياهم ، ومن ذلك مطالبته الأمريكيين بالضغط على أثيوبيا ، مع أن الولايات المتحدة منحازة إلى أديس أبابا من أجل الحفاظ على مصالحها في القرن الأفريقي.
أيضا لجأ السيسي إلى مخاطبة مجلس الأمن مرة أخرى ومطالبته بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل السد رغم أن المجلس رفض طرح القضية على جدول أعماله من قبل وأحالها إلى الاتحاد الأفريقي ، بل يطالب السيسي إثيوبيا بالتحلي بالمسؤولية والامتثال لقواعد القانون الدولي والمبادئ الحاكمة للمجاري المائية عابرة الدول، رغم انتهاكها لهذه القوانين واعتدائها على الحقوق المصرية التاريخية في مياه النيل بجانب توقيعه على ما يسمى باتفاق المبادئ عام 2015 وموافقته لأديس أبابا على بناء السد دون أي ضمانات لدولتي المصب .
الممر الأوسط
في المقابل تواصل إثيوبيا تصعيد موقفها بإتمام الملء الثالث لسد النهضة ، إضافة إلى استمرار أعمال التعلية بالممر الأوسط، حيث تشير التقديرات الأخيرة وفقا لآخر صور الأقمار الصناعية إلى أن منسوب البحيرة الأن يتراوح بين 589 و 590 مترا، والفيصل النهائي في معرفة منسوب التعلية الفعلي عند مرور المياه من الممر الأوسط خلال فنرة الفيضان الحالي.
كما تشير الصور الأخيرة إلى أن ارتفاع المتر الواحد في البحيرة حاليا يستوعب من 575 إلى 700 مليون متر مكعب من المياه، ووفقا لتقديرات مرور المياه من الممر الأوسط في النصف الثاني من أغسطس، وذلك رغم عدم وضوح أو إعلان تفاصيل ما أرسلته أثيوبيا إلى السودان ومصر حول كمية الملء الحالية للمياه في سد النهضة.
وتسعى إثيوبيا وفق التقديرات الفعلية إلى الوصول لمستوى 595 مترا بسعة إجمالية 18.4 مليار متر مكعب من المياه.
قرار دبلوماسي
حول هذه التطورات توقع الدكتور علاء عبدالله الصادق أستاذ تخطيط وإدارة المياه بالجامعات العربية أن تصل كميات المياه في التخزين الثالث لسد النهضة إلى ما يقرب من 5 مليارات متر مكعب مع نهاية أغسطس الحالي.
وقال الصادق في تصريحات صحفية إنه "من المتوقع أن تمر المياه من فوق الممر الأوسط في 8 أغسطس ، مشددا على ضرورة صياغة قرار دبلوماسي، يحقق مصالح جميع الأطراف على النحو المنصوص عليه في بيان مجلس الأمن في 15 سبتمبر 2021 وفقا للقانون الدولي".
وحذر من استمرار إثيوبيا في التصرف الأحادي في الملء والبدء في تشغيل سد النهضة ، مؤكدا أن هذا يعد خرقا صريحا لاتفاق إعلان المبادئ سنة 2015، وإتمام الملء الثالث للسد دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان.
الملء الثالث
وكشف الدكتور عباس شراقي، خبير المياه وأستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، أن التخزين الثالث خلف جسد السد توقف عند مستوى 4 مليارات متر مكعب من المياه.
وقال شراقي تصريحات صحفية إن "هناك صورا من موقع السد تشير إلى توقف أعمال التخزين الثالث بعبور المياه أعلى الممر الأوسط ، مشيرا إلى أن إثيوبيا ستعلن أن التخزين قد اكتمل وكان المستهدف الوصول إلى منسوب 595 مترا بإجمالي 18.5 مليار متر مكعب ولكن هذا المنسوب يكافئ 14.5 مليار متر مكعب فقط من مياه النيل".
وأضاف ، توقف التخزين عند منسوب 590 مترا على الأكثر، وبلغ التخزين الثالث أقل من 4 مليارات متر مكعب، واقتربت المياه من سد السرج الذي ليس له دور في التخزين هذا العام .
وأشار شراقي إلى أن التخزين الأول من 1-21 يوليو 2020 (21 يوما) بمقدار 5 مليارات متر مكعب دون فتح بوابتي التصريف، والتخزين الثاني من 4 – 18 يوليو 2021 (15 يوما) دون فتح بوابتي التصريف بمقدار 3 مليارات متر مكعب. والتخزين الثالث من 11 – 31 يوليو 2022 (20 يوما) مع فتح بوابتي التصريف بمقدار 4 مليارات متر مكعب من المياه.
وأكد أن متوسط إيراد شهر يوليو بالكامل يبلغ 7 مليارات متر مكعب من المياه ، وحيث إن التخزين بدأ يوم 11 يوليو وتوقف يوم 31 أي استمر نحو 20 يوما بحجم تخزين 4 مليارات متر مكعب بإجمالي تخزين خلال 3 سنوات نحو 12 مليار متر مكعب.
التهديد بالقوة
وقال الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الري الأسبق أن الملء الثالث بقرار منفرد يمثل فصلا جديدا من أحادية الموقف والتعنت ، مشيرا إلى أن أثيوبيا لا تقيم أي اعتبار للأضرار التي ستلحق بدولتي المصب".
وطالب "القوصي" في تصريحات صحفية بضرورة تمسك الجانب المصري والسوداني بحصصهما من مياه النيل وعدم السماح لأديس أبابا بأي تجاوز في هذه المسألة ، مشددا على ضرورة التهديد باستخدام القوة في حالة حدوث أي انتهاك أو انتقاص لهذه الحقوق .
وأشار إلى أن الهطول المطري على الهضبة الأثيوبية منذ يونية حتى منتصف يوليو بشكل مستمر من الأمطار بدرجة عالية، وهذا يعني أن حصص كلا من مصر والسودان لن تتأثر على أن يتم تخزين المياه الفائضة عن احتياج دول المصب.
وتوقع "القوصي" أن تنجح أثيوبيا في تخزين كمية مياه تتراوح بين 3.4 مليار متر مكعب إلى 5.5 مليار متر مكعب في حين أن المستهدف الإثيوبي 10.5 مليار متر مكعب من المياه، مؤكدا أن هذه الكميات تخصم نحو 5 مليارات متر مكعب من الإيراد المائي لمصر وهذه المياه كان يفترض أن تصل بحيرة ناصر خلال العام الجاري.