“المونيتور”: الانقلاب يعوّل على اتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا لحل أزمة الخبز

- ‎فيتقارير

تعلق حكومة السيسي آمالا كبيرة على الاتفاق الروسي الأوكراني الذي ترعاه تركيا والأمم المتحدة في 22 يوليو لرفع الحظر عن صادرات أوكرانيا من الحبوب في البحر الأسود بعد نحو خمسة أشهر من القتال الذي أوقف الصادرات.

وتأمل حكومة الانقلاب أن يسمح لها الاتفاق التاريخي باستئناف وارداتها من القمح، وستسمح الصفقة للشحنات المحتجزة في الموانئ الأوكرانية بالتوجه إلى دول مختلفة حول العالم، بما في ذلك مصر.

وفي تصريح متلفز لقناة صدى البلد في 27 يوليو، وصف وزير التموين والتجارة الداخلية بحكومة السيسي علي المصيلحي الاتفاق بأنه “بصيص أمل”.

وقال إن “سفينة محملة ب 63 ألف طن من القمح تتوقعها مصر ترسو في ميناء أوكراني منذ اليوم الثالث من الحرب الروسية على أوكرانيا، مشيرا إلى أن الاتفاق الجديد سيسمح بالإفراج عن الشحنة”.

وتابع المصيلحي “ستنتقل هذه الشحنة من أوكرانيا إلى مصر عبر الطريق الآمن من موانئ البحر الأسود إلى مضيق البوسفور ثم إلى البحر الأبيض المتوسط، وتم الاتصال بوزارة الخارجية لتسريع خروج تلك الشحنة من أوكرانيا”.

تغطي واردات مصر من القمح ما يقرب من 62٪ من إجمالي احتياجات البلاد من القمح، ويأتي نحو 85٪ من هذه الواردات من كل من روسيا وأوكرانيا، وفقا لوثيقة أرسلتها حكومة الانقلاب إلى البنك الدولي في مايو الماضي، في محاولة للحصول على تمويل بقيمة 500 مليون دولار يهدف إلى إدارة احتياجات الانقلاب من القمح المستورد في ظل التداعيات المستمرة للحرب الروسية في أوكرانيا على الأسواق العالمية، ووافق البنك الدولي على التمويل في أواخر يونيو.

ووقع مشتر الحبوب الحكومي في مصر المعروف باسم الهيئة العامة لسلع التوريد عقدا في نهاية يونيو مع فرنسا ورومانيا وروسيا وبلغاريا لشراء 815 ألف طن من القمح في أكبر عملية شراء من نوعها منذ 2012.

وقال رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي أحمد كمال العطار للمونيتور إن “مصر تعول على الاتفاق الروسي الأوكراني الأخير لتسهيل استئناف استيراد القمح من أوكرانيا إلى مصر، وهذا لن يحدث إلا إذا تم تنفيذ الاتفاق على الأرض والتزمت روسيا به”.

وفي 3 أغسطس، تفقد خبراء أتراك وروس وأوكرانيون في إسطنبول السفينة التي حملت أول شحنة من الحبوب التي تصدرها أوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير، قبل أن تواصل طريقها من تركيا إلى لبنان، حيث ستضع حمولتها البالغة 26 ألف طن من الذرة.

وأشار العطار إلى أن “مصر لن ترسل مفتشين لفحص القمح المستورد من الموانئ الأوكرانية إلا بعد الحصول على تأكيدات كافية بشأن استقرار الوضع هناك، سيتم فحص كل شحنة على حدة، فعلى سبيل المثال  تعتبر الشحنات من ميناء على الحدود البولندية آمنة وسنرسل مفتشين لفحص البضائع، لن نرسل مفتشين إلى موانئ داخل مناطق النزاع الحالية”.

وعادة ما ترسل حكومة الانقلاب مفتشين من الإدارة المركزية للحجر النباتي لفحص شحنات القمح في ميناء المنشأ قبل أن تبحر السفن.

وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر قد ذكر في مارس الماضي أن واردات البلاد من القمح بلغت 2.4 مليار دولار خلال الأشهر ال11 الأولى من عام 2021، بمعدل 6.1 مليون طن. وتصدرت روسيا قائمة الدول العشر التي استوردت منها حكومة السيسي القمح خلال الأشهر ال11 الأولى من عام 2021، حيث استوردت مصر 4.2 مليون طن بقيمة 1.2 مليار دولار من موسكو، وهو ما يمثل 69.4٪ من إجمالي القمح المستورد من مصر، وجاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية، ب 651,400 طنا، بقيمة 649.4 مليون دولار، وهو ما يمثل 10.7٪ من إجمالي الواردات.

وأضاف العطار “الاحتياطيات الاستراتيجية من القمح في مصر آمنة في الوقت الحالي، ولم تكن هناك مشاكل في إدارة احتياجات البلاد مؤخرا”.

في مؤتمر صحفي متلفز في 29 يوليو، أكد رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي أن احتياطيات مصر الاستراتيجية من القمح كافية لتغطية احتياجاتها لمدة أربعة أشهر.

وقالت أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس يمن الحماقي ل”المونيتور” عبر الهاتف إن “الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا يجلب ميزتين لحكومة السيسي، وأضافت الاتفاقية ستعيد فتح السوق الأوكرانية لتصدير القمح إلى مصر مرة أخرى وخفض أسعار القمح والحبوب، وهذا يدعم الاقتصاد المصري، بالنظر إلى أن مصر هي أكبر مشتر للقمح في العالم”.

وفقا لتقرير بلومبرغ في 28 يوليو  “ألغت مصر أربع شحنات من القمح الأوكراني التي تعاقدت على شرائها قبل الغزو الروسي، ألغت شركة GASC الحكومية شراء 240 ألف طن لتسليم فبراير ومارس والتي لم يتم تحميلها أبدا في أوكرانيا “.

ومع ذلك، قال ميخايلو نيبران، النائب الأول لرئيس غرفة التجارة والصناعة الأوكرانية، لقناة هرومادسكي التلفزيونية الأوكرانية في 1 أغسطس إن “مصر لم تتخل عن شحنات القمح الأوكرانية، لكنها ستبرم عقدا جديدا لتصديرها”.

وأوضح نيبران أن بلاده غير قادرة على الوفاء بالعقد في الوقت المناسب بسبب الحصار المفروض على الموانئ، وأضاف لذلك تم اتخاذ قرار حضاري تماما على المستوى التشريعي، إغلاق العقد الذي لا يمكن الوفاء به وفتح عقد جديد يتم بموجبه الشراء”.

وقال مصدر في وزارة التموين بحكومة الانقلاب ل”المونيتور” طالبا عدم الكشف عن هويته “مصر تعول على نجاح الاتفاق الروسي الأوكراني، وتدرس استيراد شحنات القمح من أوكرانيا في الفترة المقبلة، نظرا لجودتها العالية”.

وأضافت الحماقي “لا تزال الحكومة المصرية تدعم الخبز الذي يحصل عليه المواطنون، والذي يأتي بتكاليف باهظة، لذلك، كلما ارتفعت تكلفة استيراد القمح، زادت الإعانات التي تمنحها الحكومة المصرية لدعم الخبز، الأمر الذي يفرض عبئا أكبر على ميزانية الدولة”.

وفي 21 يونيو، وافق برلمان الانقلاب على زيادة دعم السلع الغذائية، بما في ذلك الخبز، في الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2023 لتصل إلى 90 مليار جنيه مصري (4.7 مليار دولار)، بزيادة قدرها نحو 3 مليارات جنيه مصري (0.15 مليار دولار) مقارنة بالسنة المالية 2022.

وقال رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية رشاد عبده، للمونيتور إن “الاتفاق الذي ترعاه إسطنبول بين روسيا وأوكرانيا بشأن تصدير الحبوب سيكون مفيدا للعالم أجمع، ولمصر على وجه الخصوص، التي تعتمد بشكل كبير على واردات القمح من أوكرانيا لتلبية احتياجاتها المحلية، ومثل أي سلعة أخرى، عندما يزيد المعروض من القمح ستنخفض الأسعار، مما يؤدي إلى الاستيراد بأسعار أقل”.

وقال “هذه الخطوة من شأنها أن تخفف من حدة الأزمة الاقتصادية في البلاد، خاصة وأن القاهرة اضطرت لشراء العديد من شحنات القمح بأسعار مرتفعة منذ اندلاع الحرب بين موسكو وكييف في فبراير الماضي”.

 

https://www.al-monitor.com/originals/2022/08/egypt-pins-hopes-russia-ukraine-grain-agreement