انتصار أهالي الوراق على “السيسي”..إطلاق سراح 23 معتقلا  مقابل فك الحصار عن ميلشياته المحاصرة بالجزيرة

- ‎فيتقارير

 

 

في انتصار للمقاومة ، وثبات أصحاب الحقوق في وجه النظام وبطشه، والذي لا يراعي أي قيم أو قانون أو دستور، نجح أهالي جزيرة الوراق في الإفراج عن معتقليهم الـ 23 مقابل سماحهم بمغادرة قوات الأمن الذين حاصرهم الأهالي في الجزيرة، بعد نفاد ذخيرتهم والقنابل المسيلة للدموع على مدار اليومين الماضيين.

ووفق شهادات لأهالي الجزيرة لوسائل إعلام، فإن عمليات رفع قياسات منازل في الجزيرة تمهيدا لنزع ملكيتها توقفت أمس، بعد يومين متتالين من محاولة إتمامها بالقوة وسط مقاومة اﻷهالي، وأفرجت قوات الأمن في وقت متأخر من مساء أمس عن 23 من أهالي الجزيرة كانت ألقت القبض عليهم أمس  الأول لمقاومتهم عمليات رفع القياسات.

وأدت المواجهات العنيفة بين الأهالي الذين تجمعوا احتجاجا على الاعتقالات إلى نفاد ذخيرة القوات الأمنية من القنابل المسيلة للدموع التي استخدمت بكثافة طوال اليوم، ما اضطر القوات لمحاولة التراجع السريع في مواجهة الاحتجاجات وصولا إلى حصار العشرات منهم في حيز مغلق بين بعض المساكن.

ما اضطر قيادات أمنية محاصرة لتدخل  في تفاوض امتد لعدة ساعات مع عدد من ممثلي الأهالي للسماح بمغادرة القوات للجزيرة، مقابل الإفراج عن المعتقلين من الأهالي، وهو الاتفاق الذي تم بالفعل بالإفراج عن المعتقلين من الأهالي من مقر جهاز الأمن الوطني في منطقة الكيلو عشرة ونصف، بعد مغادرة القوة اﻷمنية المحاصرة.

وكان قد تم نقل المعتقلين معصوبي الأعين إلى جهة غير معلومة، قبل نقلهم إلى مقر جهاز الأمن الوطني ، حيث حقق معهم معصوبي الأعين في ظل معاملة حسنة نسبيا، قياسا لما تعرضوا له من اعتداءات  قبل نقلهم من الجزيرة، وفق شهادات الأهالي.

 

وكانت قوات الأمن حاولت الثلاثاء،  التوسع في عمليات رفع القياسات لتتعدى منطقة حوض القلمية وصولا لما يعرف بمناطق الثلاثين متر، التي تقع في نطاق ثلاثين مترا من شاطئ النيل والتي كانت هيئة المجتمعات العمرانية أعلنت نيتها نزع ملكية سكانها.

 

واقتحمت  قوات الأمن جزيرة الوراق، في محاولة لإتمام عمليات رفع قياسات منازل في منطقة حوض القلمية، الملاصقة لمنطقة مشروع الأبراج الحكومي هناك، تمهيدا لنزع ملكيتها، وسط مقاومة شديدة من الأهالي واجهتها الشرطة بقنابل مسيلة للدموع فيما رد الأهالي برشقها بالحجارة.

 

طمع حكومي

 

وبدأت أزمة جزيرة الوراق سنة 2000 بين السكان والحكومة، بعدما أعلنت الحكومة أنها تسعى لإنشاء مجتمع عمراني جديد على أرض الجزيرة تابع لـ"هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة".

 

وفي 2020 كلف عبد الفتاح السيسي، وزارة الإسكان، بإعادة إحياء مخطط تطوير الجزر النيلية، على أن تكون البداية بجزيرة الوراق، بهدف تحويلها إلى مركز للمال والأعمال.

 

بعدها صدر تقرير رسمي لمجلس الوزراء يقول فيه إن "جزيرة الوراق أرض زراعية جرى التعدي عليها من 15 سنة من طرف المواطنين، وحولوها إلى منطقة سكنية عشوائية، تتستر على مشاكل عدة".

 

حينها، قالت الحكومة إنه "سيتم تعويض سكان الجزيرة إما ماديا، يعني مقابل الأراضي والمنازل التي ستؤخذ منهم، أو يحصلوا على قطع أرضية ومنازل بديلة بما نُزع منهم من الجزيرة".

 

وفي سبتمبر 2021، أصدر رئيس الوزراء قرارا لنزع ملكية الأراضي الكائنة في نطاق 100 متر على جانبي محور روض الفرج بمنطقة جزيرة الوراق، والأراضي الكائنة في نطاق 30 مترا بمحيط الجزيرة، لاستغلالها في أعمال المنفعة العامة.

 

بعدها بعام تقريبا، وفي 8 أغسطس 2021، أعلنت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ضم حوالي 71% من أراضي الجزيرة في ملكية هيئة المجتمعات العمرانية بوزارة الإسكان، وذلك باسترجاعها أراضي تابعة للأوقاف.

 

واستعرض عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية خلال اجتماع ترأسه رئيس الوزراء تفاصيل الأراضي التي تم استرجاعها، وقال إن "مساحتها تبلغ 888.65 فدانا من إجمالي المساحة العامة لجزيرة الوراق".

 

وأضاف الوزير أنه تم استرجاع 2458 منزلا، وكل الأراضي التابعة لهيئة الأوقاف بالكامل، ما عدا مساحة 23.5 قيراطا، و32.5 فدانا من الأراضي المحسوبة أملاك الدولة، والبالغة مساحتها 68 فدانا، من أصل 103.5 فدان في الجزيرة.

وبدأت الحكومة إخلاء الجزيرة، وأجلت العملية  أكثر من مرة، بعد تكرار المواجهات بين قوات الشرطة والمدنيين، ففي 2018 سقط قتيل وعشرات الجرحى، وانتهت القضية بإصدار أحكام سجنية ثقيلة ضد السكان المعرقلين لعملية الإزالة.

لكن في نهاية يوليو الماضي، قامت السلطات الأمنية بهدم كل من مستشفى جزيرة الوراق، ومركز الشباب الوحيد الموجود في المنطقة، إيذانا ببدء عملية إخلاء جديدة لاستغلال الأرض في المشروع الجديد.

 

مقابل عمليات الإخلاء هذه يواجه سكان جزيرة الوراق السلطات في كل مرة تبدأ فيها تنفيذ الهدم، آخرها اعتقال 23 شخصا، الثلاثاء 16 أغسطس من أهالي الوراق المعترضين على نزع ملكية منازلهم، والذين قاوموا عمليات رفع مقاسات المنازل.

 

 

 

 

وفي 17 أغسطس الجاري، استعملت السلطات الغاز المسيل للدموع في منطقة "سكة أولاد عبناسة" في الجزيرة لتفريق الاشتباكات التي منعت وصول مستلزمات مشروع الأبراج نُقلت للجزيرة بمعديات تابعة للحكومة.

 

وقبل 5 سنوات، أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بالسجن المؤبد لمتهم، والسجن المشدد لـ34 آخرين من سكان الجزيرة، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"أحداث شغب جزيرة الوراق".

 

واتهمت محكمة جنايات القاهرة سكان جزيرة الوراق المحكومين في القضية نفسها بـ"منع موظفين عموميين من ممارسة أعمالهم التي يفرضها عليهم الواجب، والبلطجة، واستعراض القوة، وقطع الطرقات".

 

تعويضات هزيلة

 

ومؤخرا، كشف رئيس جهاز تنمية جزيرة الوراق الجديدة خلال اجتماع مع رئيس الوزراء عن تفاصيل التعويضات المخصصة لأهالي جزيرة الوراق مقابل المنازل والأراضي.

وقال إن "هناك تعويضات عينية ستشمل تسليم 56 وحدة سكنية بمدينتي العبور وحدائق أكتوبر، ضمن المرحلة الأولى من التعويضات، والتي تتضمن 75 وحدة سيستفيد منها أهالي الجزيرة".

 

 

وفيما يتعلق بتعويضات المرحلة الثانية، البالغة 112 وحدة، قال إنها "ستكون في مدينة حدائق أكتوبر، ويجري تسليم 25 وحدة منها، وسداد جانب من الالتزامات المالية المتعلقة بباقي الوحدات".

 

أما في المرحلة الثالثة والأخيرة، فسيتم تسليم 80 وحدة سكنية لأهالي جزيرة الوراق، فإنه يجري اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليم الوحدات المخصصة للمستحقين.

 

وسبق أن أعلن سكان الجزيرة في تصريحات لوسائل إعلام ، أن هذه التعويضات حينما تُقسم بينهم ستُصبح هزيلة جدا، مقارنة مع القيمة الحقيقية لكل قطعة أرض في الجزيرة، بالإضافة إلى مداخيل المشاريع المنتظر إقامتها.

 

تفاصيل المشروع الجديد

 

ومن المنتظر أن يُقام مشروع جديد أطلقت عليه الحكومة "مشروع تطوير جزيرة الوراق" وسيتضمن 22 منطقة، بينها 6 مناطق استثمارية، ومنطقتان بهما أبراج ومراكز تجارية (مولات).

 

يضم المشروع الجديد منطقة سكنية ممتازة، وحديقة مركزية فاخرة، ومناطق خضراء، وساحل وقوف يخوت (مارينا) والكورنيش، بالإضافة إلى مرافق عمومية كالطريق والمسارات.

 

مشروع تطوير جزيرة الوراق، حسب وسائل إعلام يضمن إنشاء 94 برجا سكنيا بإجمالي 4012 وحدة سكنية، أشرف على إنجاز مخططه مكتب (آر إس بيه) للهندسة العقارية في الإمارات.

 

وبدأت الحكومة في تنفيذ جزء من مشروع تطوير جزيرة الوراق، وذلك بتشييد حوال 40 برجا تتوفر على 1744 وحدة سكنية، بالإضافة إلى خدمات ومرافق أخرى، كالتطبيب والمدارس ومراكز الشباب.

 

ومن المتوقع أن ينتهي مشروع تطوير جزيرة الوراق بعد عامين، وسيتم تسليمه مباشرة بعد انتهاء هذه المدة للملاك الجدد.