“كود” ملابس محتشمة شرط دخول النساء للصلاة .. هل هناك “تيار سلفي” في الكنيسة المصرية؟

- ‎فيتقارير

 

من حين لأخر يثير مسيحيون مصريون جدالا على مواقع التواصل بكتابات غاضبة عما يسمونه "يونيفورم" أو "كود ملابس" تسعى الكنائس الأرثوذوكسية لفرضه على أتباعها في مصر، لحد الحديث عن تعليق منشورات على أبواب الكنائس تحدد الممنوع من الملابس للنساء كشرط لدخول الكنائس.

وفي أوقات سابقة علقت بعض الكنائس بوسترات على أبوابها بقوائم الملابس الممنوعة "الملابس القصيرة، التيشيرتات الكاشفة، والفساتين المكشوفة، والجينز الممزق، الشورت والبرمودا، وغيرها وذلك تحت شعار "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح".

أحد هذه المنشورات التي جرى تعليقها خارج بعض الكنائس مكتوب عليه " ممنوع منعا باتا ارتداء هذه الملابس داخل الكنيسة " مما أثار غضب البعض وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، ووصفها بعضهم بأنها "كود سلفي مسيحي" للملابس.

بدايات هذه الحملة التي وصفها أقباط بأنها تعبير عن التيار السلفي الأصولي في الكنيسة، بدأت مايو 2019 حين انطلقت حملة في الكنائس وعبر مواقع التواصل تنصح فتيات الكنيسة بعبارة "استري نفسك في الكنيسة" بعد تزايد ظهور فتيات بملابس كاشفة.

https://www.facebook.com/mk55555aub/posts/pfbid0rBgAcaPWYmCBUbU9iJ9YugwPagtLyexrtBKwZftdBdnspGNkeYkDcvDLnLaA6XbCl

الحملة المستمرة والتي شارك فيها قساوسة تبنت شعار "استري نفسك في الكنيسة..خلي الناس تعرف تصلي" استند مروجوها إلى عظة للقس داود لمعي، راعي كنيسة مار مرقس في مصر الجديدة شرق القاهرة، انتقد خلالها ارتداء المسيحيات ملابس اعتبرها غير محتشمة.

وقال في خطاب موجه لرجال الكنيسة "أنا شخصيا أعتقد أن أي رجل يوافق على مغادرة زوجته منزلها بهذه الطريقة، سيحاكم أمام الله".

أيضا لم يكتف الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط، بالحديث عن ضرورة الالتزام بالحشمة، لكنه قرر منع النساء من دخول الصلوات أو حفلات الخطوبة والزواج بملابس اعتبرها غير محتشمة، كالبنطلون القصير أو البلوزة قصيرة الأكمام.

بل، وأمر بتفصيل زي محتشم ترتديه المرأة قبل دخولها الكنيسة، وعين بعض النساء حارسات للعقيدة، يقفن على الأبواب ، ويقررن إن كانت الملابس مطابقة للمواصفات أم لا، بحسب ما نشر أقباط غاضبون على مواقع التواصل.

وإن لم تلب شروطه، تُخير النساء ما بين ارتداء البوليرو، وهو جاكت قصير طويل الكمين، فوق ملابسها أو مغادرة الكنيسة.

https://www.facebook.com/Akhbarelkanesa/posts/pfbid08fbLLWqtAKDAYDC4TcyfAAsU4vh3d41Dzw6agTrm8rTWGEMLQYPP3HkeWmHmmpqKl

الباحث الحقوقي المسيحي "إسحق إبراهيم" أكد في مقال نشره بموقع "المنصة" 14 أغسطس 2022 أن مروجي هذه الحملات يتبنون خطابا قائما على أن جسد المرأة "عورة" وأساس لرذائل الرجال، تؤدي إلى التحرش والعنف ضد النساء.

وزعم أن هذا "يبين مدى تأثر بعض رجال الدين المسيحي بالخطاب الإسلامي السلفي الرجعي" وفق تعبيره.

زعم في تغريدة أخرى أن "السلفية المسيحية أسوأ من السلفية الإسلامية وأشد قبحا منها، الثانية واضحة في أهدافها وخطابها، أما الأولى فهي مثل الحرباء متلونة وغير متسقة مع ذاتها".

https://twitter.com/ishakassaad/status/1125338232969998336

ووصف "إبراهيم" محاولة فرض زي معين في الكنيسة بأنه "تعدي على الحرية الشخصية وحرية الاعتقاد، اللتان كفلهما الدستور، بموجب المواد 54 و64 و99".

أكد أن أسباب انتشار هذا الفكر السلفي بين رجال الكنيسة وقطاع واسع من المواطنين، تتعدد ومن أبرزها الخوف المرضي من الانفتاح على العالم، بحجة أنه سيضعف من قوة الكنيسة ونفوذها وتأثيرها، وهذا كان أحد أسباب تراجع دورها التعليمي والتوعوي لصالح دورها التنظيمي والخدمي.

مجموعات تسمي نفسها "التنويريين" انتقدت كهنة الكنيسة بشدة وقالت إنهم  "سلفيون مثل السلفيين الإسلاميين واعتبرت أنصار هذا الاتجاه الكنسي المتشدد يعوقون أيه إجراءات للإصلاح والتجديد في رسالة الكنيسة ودورها وعلاقتها بأعضائها ، مشيرين لأن هذا تسبب في انفصال رجال الكنيسة منفصلين عن شباب وشابات الأقباط وواقعهم".

زعموا أن حملة "استري نفسك في الكنيسة خلي الناس تعرف تصلي " هي حملة على غرار الحملة السلفية "استر بنتك عاوزين نعرف نصوم" .

اعتبر بعضهم ظهور اثنين من خدام الكنيسة (الشمامسة) أحدهما بشعر طويل، والآخر بقصة شعر "كابوريا" أثناء أحد القداسات الدينية بدير الأنبا أنطونيوس في النمسا مؤشر على حدوث تغيير إيجابي في الكنيسة بشأن مظهر الشباب والفتيات.

صراعات داخلية

وتشير كتابات لشبان أقباط لوجود خلافات وصراعات بين تيار البابا السابق شنودة (المحافظين) وتيار البابا الحالي تواضروس (المجددين من أنصار الأنبا السابق متى المسكين).

وأن أنصار شنودة يعترضون على كثير من قرارات البابا الحالي وتساهله في العقيدة وزيارته لدولة الاحتلال كأول بابا مصري يفعل هذا رغم وجود قرار من الكنيسة بعدم زيارتها إلا بعد تحرير الأرض.

فضلا عن توقيع اتفاق 28 أبريل 2017 مع بابا الفاتيكان ينص على "عدم إعادة سر المعمودية" بما يعني سهولة تنقل أي مسيحي بين الكنيستين، ما أغضب أنصار تيار شنودة عليه بشدة، واعتبروه خروج عن تعاليم الكنيسة.

وأثارت جريمة قتل الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير القديس أبو مقار بوادي النطرون، شمال مصر، جدالا كبيرا في مصر، وأرجعتها مصادر كنسية لصراعات داخل الكنيسة بين تياري "المجددين" القريب من البابا تواضروس، والمحسوب عليه الراهب القتيل، وتيار البابا الراحل "شنودة" الذي يوصف بالتشدد.

وقالت مصادر كنيسة أنه بمقتل الأنبا إبيفانيوس فقدت جبهة التنوير المدافع الأهم عنها داخل المجمع المقدس الذي قام بحمايتها من هجمات أتباع البابا شنودة وأنصار الفكر السلفي الأصولي الكنسي.