تعمل الإمارات على نشر صورتها باعتبارها مركزا للتسامح عبر احتضان كنائس ومعابد مسيحية وبوذية ويهودية وسيخية وغيرها، بدعوى أنها تدعم الحرية الدينية والتنوع الثقافي.
إلا أنها تقمع المسلمين بشدة وتقيد أنشطة الجمعيات الإسلامية وتعتقل قادتها برغم أن غالبية الشعب مسلم، ولا تسمح بمعارضة أحد لهيمنة الأسرة الحاكمة، وتنتقدها جماعات حقوقية بسبب سجنها نشطاء.
تستعد دبي لافتتاح أول وأضخم معبد هندوسي في دبي يوم 5 أكتوبر 2022 لخدمة 1.4 مليون هندوسي يقيمون في الإمارات بعد وضع حجر الأساس له في أبريل 2019، بحسب مدير المعبد "ن. موهان" لموقع المونتور الأمريكي 21 أغسطس 2022.
وسيكون معبد Sindhi Guru Darbar هو ثاني معبد هندوسي، لكنه أول معبد ضخم مستقل يتم افتتاحه رسميا في 5 أكتوبر بحضور شخصيات دينية ورسمية وتم اختيار هذا التاريخ لأنه يتزامن مع مهرجان Dussehra الهندوسي، الذي يحيي ذكرى انتصار راما (إله هندوسي) على الشيطان ذي الرؤوس العشرة وفق معتقداتهم.
وتستعد الإمارات أيضا لافتتاح أكبر معبد يهودي في البلاد بجانب معبد أخر كان مقاما بالفعل عام 2018 لصلاة الوافدين اليهود، لكن المعبد الجديد سيكون الأكبر من نوعه بعد تسارع التطبيع مع دولة الاحتلال حسبما احتفى بذلك حساب "إسرائيل في الخليج" أحد حسابات الخارجية الإسرائيلية على تويتر.
وكانت صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية أوضحت خلال تدشين المعبد 22 سبتمبر 2019، أنه سيقع ضمن نطاق مجمع للأديان يطلق عليه "بيت العائلة الإبراهيمية" في أبو ظبي، وسيقام به أيضا مسجد وكنيسة سيكتمل بناؤهما عام 2022.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست 18 أبريل 2022، عن الحاخام الأكبر في الإمارات أيضا أن محادثات جارية لإنشاء أول حي يهودي في دول مجلس التعاون الخليجي، يضم كليات ومؤسسات لآلاف اليهود الذين اتخذوا من الإمارات مقرا لإقامتهم.
ولم يوضح الحاخام مع أي الجهات يجري محادثاته، لكنه قال إنه "تحدث مع عدد قليل من مطوري العقارات حول هذا الموضوع ، ولم تعلن الإمارات من قبل عن خطط لإنشاء حي يهودي، لكنها لزمت الصمت ما يؤكد بناء هذا الحي اليهودي".
ويقود الحاخام الأكبر للمجلس اليهودي الإماراتي، إيلي عبادي، ما تعرف برابطة المجتمعات اليهودية الخليجية (AGJC) التي تأسست عام 2021 لتجمع يهود البحرين، الكويت، عُمان، قطر، المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.
وحول تطبيع دبي إلى وجهة سياحية إسرائيلية كبيرة، استقبلت الإمارات وحدها أكثر من 200 ألف سائح يهودي منذ اتفاق السلام.
وتنوي الإمارات افتتاح ما يسمى "البيت الإبراهيمي" نهاية هذا العام 2022 في أبو ظبي وزعمت أن بيت العائلة الإبراهيمية يحظى بمتابعة وثيقة من كل من شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، حسب صحفها، 15 يونيو 2021.
وسبق لشيخ الأزهر التأكيد في الاحتفال بالذكرى العاشرة لتأسيس "بيت العائلة المصرية" 8 نوفمبر 2021 أن ما يسمى الديانة الإبراهيمية أضغاث الأحلام وانتقد فكرة التطبيع عبرها.
لكن صحف الإمارات تروج أن تصميم بيت العائلة الإبراهيمية في أبو ظبي حصل على مصادقة شيخ الأزهر وأنه سيحضر افتتاحه برغم توقع حضور الافتتاح حاخامات ومسئولين إسرائيليين بعد التطبيع الإماراتي الإسرائيلي الحميم.
ويجري العمل على إنشاء المشروع الذي تشرف عليه "اللجنة العليا للأخوة الإنسانية" على جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي، وينتظر افتتاحه في أخر العام 2022.
ويضم تصميم المشروع الذي نفذه المُصمم العالمي ديفيد أدجاي مسجدا وكنيسة وكنيسا يهوديا، بدعوى إبراز القيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية واليهودية.
وأثارت هذه الخطط الإماراتية غضبا شعبيا محليا وإسلاميا ، بسبب احتضان الإمارات لأعداء الإسلام والتنسيق معهم بصورة كبيرة خاصة قادة الاحتلال ورئيس الوزراء الهندوسي المتطرف مودي الذي يسعى لتحويل الهند لدولة هندوسية خالصة وطرد ملايين المسلمين.
حيث دفع احتضان أبو ظبي للصهاينة والهندوس المتطرفين لزيادة العداء والقمع ضد المسلمين في الهند وفلسطين.
كما أثارت تساؤلات عن خطط الإمارات للتعاون مع أعداء الإسلام كخطوة لاحقة لقيامها بدعم الثورات المضادة في العالم العربي ، لقمع الربيع العربي الذي جاء بالحركات الإسلامية للحكم في انتخابات ديمقراطية.
وتسعى الإمارات للعب دور ديني مزدوج يقوم على تقديم ما يمكن تسميته "الإسلامي الأمريكي" الذي سبق أن دعا له مركز راند الأمريكي عام 2009 والذي يقوم على تشجيع مظاهر التدين وليس جوهره أو شريعته.
والسعي بالمقابل لإظهار ما يسمى "الإسلام السياسي" أو التيارات التي تتمسك بالشريعة على أنها تيارات عنيفة إرهابية ، واحتضان اليهود والهندوس والمسيحيين لإظهار تسامحها الديني رغم قمعها المسلمين وفق وول ستريت جورنال 18 يناير 2019.
ويقول الباحث المصري أحمد سمير، الذي اعتقل في مصر وحكم عليه بأربعة سنوات ونال عفوا رئاسيا 29 يوليو 2022 في دراسة بموقع "درج" 8 أغسطس 2018 إن "الإمارات سعت عقب الربيع العربي عام 2011 إلى تشكيل نسخة خاصة بها من الإسلام، نسخة مغايرة للنسخة السعودية السلفية وللنسخة القطرية الداعمة للإخوان".
أوضح أن هذه النسخة الإماراتية تدعم إسلاما ليبراليا علمانيا يعادي جماعة الإخوان المسلمين والديمقراطية ويحاول تطويع مؤسسات دينية كبرى مثل الأزهر.
توريط شيخ الأزهر
حاولت الإمارات توريط شيخ الأزهر بالقول إن "اسم مسجد بيت العائلة الإبراهيمية سيحمل اسم "الإمام الطيب" مقابل اسم "القديس فرنسيس" على الكنيسة، أما الكنيس اليهودي فيحمل اسم "موسى بن ميمون" وهو من أشهر علماء التوراة في العصور الوسطى".
وفي محاولة لخلط الأوراق، والتشويش على الهدف المستتر من تأسيس ما يسمى «البيت الإبراهيمي» بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي، ألقى المستشار محمد عبد السلام مستشار شيخ الأزهر السابق المقيم في الإمارات قنبلة دخان للتغطية على جوهر الأزمة التي تصاعدت أصداؤها عقب هجوم شيخ الأزهر على ما يسمى «الديانة الإبراهيمية» قبل أسابيع.
في مقاله «بيت العائلة الإبراهيمية .. حوار وتعايش لا اندماج وانصهار» المنشور على موقع «العربية نت» 12 يناير 2022 اعتبر عبد السلام أن الربط بين ما يسمى «الدين الإبراهيمي» ومبادرة «بيت العائلة الإبراهيمية» التي تشرف عليها لجنة الأخوة الإنسانية وهو أمينها العام حاليا، ما هو إلا محاولة مغرضة وزائفة لاستهداف هذا المشروع النبيل.
وقال عبد السلام إن "ما يجرى الترويج له على أن المبادرة هي محاولة لدمج جميع الديانات الإبراهيمية، أبعد ما يكون للحقيقة» ويزعم أن «بيت العائلة الإبراهيمية رمز لاحترام التنوع الديني وخصوصياته، وليس محاولة لإذابة الفوارق والاختلافات بين الأديان أو محو الهُوِيَة المتفردة لكل دِين".
ويحاول عبد السلام عبر منصبه في الإمارات توريط شيخ الأزهر والتمهيد لتشجيعه على المشاركة في افتتاح بيت العائلة ، زاعما إقناع الرأي العام بأن مشروع بيت العائلة الإبراهيمية تم تأسيسه على مرتكزات إنسانية وهدفه «إبراز قيم السلام والتسامح والعدالة والمحبة» مسقطا عن عمد الأبعاد الأخرى للمشروع الذي طفا إلى السطح في ظل سياقات سياسية وجيوسياسية مرتبطة بإعداد المسرح لتوقيع اتفاقات إبراهام بين عواصم خليجية وإسرائيل برعاية أمريكية نهاية عام 2020.
ولا يمكن فصل بيت العائلة الإبراهيمية عن المحاولات الحثيثة لتسويق إسرائيل في المنطقة، فالمشروع الذي يبدو في ظاهرة إنساني وديني ويتم تصديره على أنه محاولة لنبذ التعصب، يهدف لكسر الحاجز بين شعوب المنطقة وإسرائيل وتصوير وجود الصهاينة في مدن دول الخليج على أنه أمر طبيعي.
وقد دفع هذا محمد عبد الحفيظ عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين للتحذير من أن حضور الإمام الطيب حفل افتتاح البيت الإبراهيمي الذي من المتوقع أن يشارك فيه مسئولون ورجال دين إسرائيليون، سيضعه في خانة المساهمين في خطة تسويق التطبيع مع دولة الاحتلال".