في ظل النهج الرأسمالي لنظام الانقلاب تعالت صرخات العمال والموظفين ، إثر تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية الجديد.
وفي هذا الصدد يؤكد شعبان خليفة الأمين العام للعمال والفلاحين بحزب المحافظين، المؤيد للانقلاب، أن “قانون التأمينات الاجتماعية الجديد أثبت أثره العكسي” لافتا إلى وجود عدد من الملاحظات ظهرت بعد تطبيقه.
وأوضح أن القانون “خرج بالأساس مشوها، إذ إنه لم يأخذ في الاعتبار المكتسبات القانونية التي حصل عليها المؤمن عليهم وفقا لقانون التأمينات رقم 79 لسنة 1975” مطالبا بوضع القانون على رأس أجندات المجلس لتعديله، لإنصاف ملايين العمال وأسرهم.
وأضاف خليفة أن قانون 148 لسنة 2019 أثار غضب العاملين بالقطاع الخاص، بعد أن تم رفع سن المعاش إلى 65 عاما، وزيادة المدة التأمينية التي يستحق بموجبها العامل الحصول على المعاش المبكر، ووضع شروط تعجيزية للحصول عليه، مع ضياع حقوق العمال المشروعة المكتسبة من تطبيق القانون السابق رقم 79 لسنة 1975.
وشدد على أن حق العمال في أموال التأمينات التي اقتُطعت على مدار سنوات طويلة من رواتبهم وقوت أبنائهم ضاع مع هذا القانون الذي لم يأخذ في الاعتبار طبيعة العمل بالقطاع الخاص ، وما يتعرض له العمال من إصابات عمل تؤدي إلى عدم قدرة العامل على العمل في سن مبكر، أو حالات الفصل التعسفي للعمال فوق سن 50 سنة والذين لا يجدون عملا بالقطاع الخاص بسبب السن”.
القطاع الخاص
فيما قال علاء عبدالنعيم، العامل في القطاع الخاص “كنت أعمل في شركة أمريكانا وتم تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية بأثر رجعي، ما يؤثر علينا بشكل سلبي جدا خاصة في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها”.
وقال ياسر عبدالقادر، أحد المتضررين من قانون 148 “نطالب بمد الفترة الانتقالية لقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 لمنح فترة انتقالية مدتها 5 سنوات تبدأ من تاريخ العمل بالقانون في يناير 2020”.
وتحدث وزير القوى العاملة الأسبق أحمد البرعي عن مميزات وعيوب صندوق التأمينات الاجتماعية.
وقال “إنشاء هيئة مستقلة لإدارة مجلس التأمينات الاجتماعية هو أمر إيجابي قانونيا، وإن القانون يقرر لأول مرة استقلال هيئة التأمينات الاجتماعية، ولكن كان يجب تحديد كيفية تشكيل هيئة المجلس”.
وأوضح البرعي “لا بد من إجراء تعديلات في قانون التأمينات الاجتماعية، ما يتعلق بسن المعاش ومواعيد التطبيق”.
يشار إلى أنه في جميع دول العالم، لا يوجد قانون يطبق بأثر رجعي، وما ينص عليه قانون التأمينات الاجتماعية يتعارض في عدد من مواده مع منطوق الدستور المصري، وأي محام سيطعن على قانون التأمينات الاجتماعية في المحكمة الدستورية سيتم وقفه.
مذابح القانون
و جاء قانون التأمينات الجديد، ليمارس هواية السيسي في إفقار الشعب المصري، الذي بات عليه أن يتلقى الصفعة تلو الأخرى، من رسوم تصحيح أوراق الثانوية العامة يدويا مقابل 300 جنيه للورقة إلى رسوم قانون المرور الجديد وقانون السايس ورسوم الري وضرائب القيمة المضافة والرسوم المتصاعدة على الأوراق الحكومية والخدمات، بجانب خصومات الرواتب من أجل شهداء الجيش والشرطة وخصومات من أجل كورونا ومن أجل بناء العاصمة الإدارية ومنجعات الجلالة والعلمين والطرق والكباري وصناديق السيسي المستحدثة كتحيا مصر وغيرها.
وتحاصر قانون التأمينات الجديد الكثير من المخاوف والانتقادات من قبل قانونيين وقيادات عمالية ووزراء وبرلمانيين، إلا أن السيسي الذي لا يهمه غضب الشعب المقهور واصل مسيرة القهر بإقرار القانون عبر برلمان العسكر، وصادق عليه، رافضا اقتراحات بتعديلات على بعض مواد القانون.
وتجاهل القانون الجديد رقم 148 للقانون رقم 112 لسنة 1980 والخاص بالعمالة غير المنتظمة ، أنه جاء متغافلا بعض العاملين في قطاعات غير منتظمة مثل السياحة والمقاولات والنقل البري والصيادين والمناجم والمحاجر ومحلات الترفيه والمقاهي.
وفي هذا المضمار كانت دار الخدمات النقابية والعمالية اقترحت إضافة هذه الفئات إلى المادة 2 في البند الرابع.
ولعل الأخطر في قانون السيسي للتأمينات الاجتماعية، اشتراط المادة 21 من القانون مدة اشتراك قدرها 120 شهرا، وتصبح 180 شهرا بعد 5 سنوات من بداية تطبيق القانون كشرط أساسي للحصول على معاش في تاريخ استحقاقه، رغم مطالبات العمال وقياداتهم بإلغاء شرط العشر سنوات على أن ينطبق ذلك على العاملين الوارد ذكرهم في البند رابعا مادة 2.
وفيما يخص المعاش المبكر في القانون، وجهت دار الخدمات النقابية والعمالية انتقادا لاشتراط القانون مدة اشتراك فعلية لا تقل عن 240 شهرا تزاد إلى 300 شهر بعد خمس سنوات من بدء تطبيق القانون، وقالت إن “الأسوأ من هذا اشتراط القانون ألا يقل المعاش المستحق عند الخروج إلى المعاش المبكر عن 50% من أجر التسوية الأخير بعد تطبيق العامل الوارد بجدول 5و65% من الحد الأدنى للمعاش، وبهذا لا يستطيع المؤمن عليه البالغ عمره ما بين الخمسين إلى ٥٥ سنة تحقيق هذه الشروط”.
وينص قانون الخدمة المدنيةعلى تشجيع الخروج إلى المعاش المبكر ، وكذا ما يتم في شركات قطاع الأعمال العام التي يتم تصفيتها وإحالة عمالها إلى التقاعد الجبري، وهذا يشير إلى التضارب الواضح في التشريعات.
وحول نظام المكافأة في المادة 36 من القانون والتي حولت النظام إلى نظام ادخاري يتم فيه استثمار المبالغ الموجودة في حساب المكافأة الشخصي للمُؤمّن عليه ويحصل عليه عند استحقاق الحقوق التأمينية، طالبت دار الخدمات النقابية والعمالية، بالعودة للقانون 79 لسنة 75 في النص على المكافأة ، والتي كانت تنص على حصول المُؤمّن عليه على شهر من الأجر التأميني عن كل سنة اشتراك في التأمينات الاجتماعية.
هضم حقوق العاطلين
وبخصوص تأمين البطالة ناقش مجموعة من النقابيين وخبراء القانون، المادة 85 من القانون والتي أخرجت كل العمال المؤقتين من التغطية التأمينية لتامين البطالة ولم يروا أي مبرر لاستثناء عمال المقاولات والتراحيل والعمال الموسميين وعمال الشحن والتفريغ والنقل البري والزراعة والصيد، وكذا المادة 88 في تأمين البطالة، حيث طالب نقابيون وخبراء قانون بضرورة أن يكون صرف التعويض لمدة 28 أسبوعا، وإلغاء شرط الاشتراك لمدة 36 شهرا للحصول على تعويض البطالة.
وكذا المادة 89 من القانون التي تتدرج في نسب صرف تعويض البطالة للمُؤمّن عليهم من 75% إلى 45% إذ طالب نقابيون وخبراء القانون بتعديله لتصبح النسبة 75% من أجر الاشتراك الأخير لكامل المدة وهي 28 أسبوعا.
وكذا أيضا المادة 90 والتي تقر تخفيض تعويض البطالة إلى 40% في بعض الحالات التي يقوم فيها العامل بمخالفات أثناء العمل تؤدي إلى فصله أو إنهاء خدمته من جانب صاحب العمل، فقد رأت دار الخدمات النقابية والعمالية، أن النزاعات العمالية تستمر لوقت طويل حتى يثبت العامل حقوقه أو عدم ارتكابه الأفعال التي قد ينسبها إليه صاحب العمل، وخلال تلك الفترة فترة النزاع يُحرم العامل من حقوقه، وبالتالي لا يمكن أن يحرم أيضا من تعويض البطالة الذي يمكن أن يلبي فقط حاجاته الضرورية.
ويوما وراء الآخر تزاد معاناة الموظفين والعمال فيما تفتح خزائن الدولة للعسكريين والشرطة والقضاة وإعلامي البغال لينهشوا أموال الدولة ويستحوذون عليها.