مفارقة عجيبة.. كيف حذر «بطوط» المصريين من شؤم السيسي؟

- ‎فيتقارير

تلعب الصدفه دورا في حياتنا شئنا الاعتراف بذلك أم أبينا، بعض الصدف تصنع رجالا وبعضها يصنع حروبا والبعض يصنع معجزات أو لنقل اختراعات، والقليل منها يلمح إلى أحداث أو شخصيات تؤثر سلبا أو إيجابا في المستقبل، ومن ذلك ورقة من داخل مجلة "ميكي" للأطفال تداولها نشطاء، تحذر ولو بتلميح من الفقر والديون التي يجلبها "السيسي".

والمقصود بـ"السيسي" في مجلة الأطفال هو الحيوان المعروف بالحصان القصير، والأمر ربما لا يختلف في أن السفاح السيسي الذي قام بالانقلاب وبات يستولي على الحكم وهو في النهاية حيوان شره للدماء، فكل أفعاله من قتل وإعدام واعتقال وإفقار وبيع للوطن بالجزيرة والقطعة وتخريب بيوت المصريين، كلها أفعال لا يقوم بها إلا حيوان منعدم الضمير.

 

حكمة بطوط..!

وفي حوار طريف على صفحات المجلة ، طلبت البطات الثلاثة الصغيرة من عمهم بطوط شراء حيوان السيسي، فاعتذر لهم عن ذلك معللا رفضه بأن حيوانا مثل هذا سيجعلنا مفلسين.

وفي الوقت الذي ألمح فيه "بطوط" بحكمته للمصريين، تروج وسائل الإعلام بمختلف أشكالها لإنجازات السفاح السيسي، فيما أكدت تقارير اقتصادية دولية أن مصر غير قادرة على سداد ديونها الخارجية خلال عام 2022، وطبقا لوكالة "بلومبيرج" الاقتصادية، ينتظر مصر خلال الأعوام القليلة المقبلة جدول سداد مزدحم؛ فبخلاف 26.4 مليار دولار ديونا قصيرة الأجل يتعين سدادها خلال عامين، هناك ديون متوسطة وطويلة الأجل تجاوزت 72.4 مليار دولار خلال المتبقي من 2022 وحتى نهاية 2025.

ومع وصول الديون المستحقة على مصر لأرقام حرجة غير مسبوقة، خرجت تحذيرات من مخاطر الأزمة وانعكاساتها المتوقعة، ليس على الاقتصاد فحسب، بل على المستويين السياسي والاجتماعي، مما فرض تساؤلات حول طبيعة الأزمة، وهل هي ذات مخاطر حقيقية أم أن هناك نوعا من التهويل والمبالغة في الأمر؟

ووفق تقديرات البنك المركزي المصري، فإن إجمالي الدين الخارجي لمصر بلغ 157.8 مليار دولار، بعدما شهد في نهاية مارس 2022 ارتفاعا بنحو 19.9 مليار دولار مقارنة بنهاية يونيو 2021، في حين بلغ إجمالي الودائع لدى البنك المركزي 14.9 مليار دولار.

هذا التضارب الواضح بين إنجازات أو فناكيش السفاح السيسي؛ والأرقام والتقارير الدولية والمحلية عن حالة الاقتصاد في مصر، أدت إلى حالة من الغضب لدى مختلف شرائح الشعب، خاصة أن كثيرا من المشروعات التي يتم الإعلان عنها تم افتتاحها أكثر من مرة، أو أنها عبارة عن مشروعات تكميلية أو تجديدات لمشروعات موجودة وليست مشروعات جديدة، بالإضافة إلى أن معظمها خاص بالقوات المسلحة، وبالتالي لا تمثل عائدا إضافيا للاقتصاد القومي، من حيث توفير فرص عمل أو المساعدة في خفض الأسعار.

وتبلغ نسبة ديون مصر إلى ناتجها المحلي الإجمالي نحو 94% بحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية؛ مما وضعها في أعلى مستوياتها منذ عام 2013  الأمر الذي عزز إضعاف العملة المحلية منذ الخفض المفاجئ لقيمتها عام 2016  وسط مؤشرات حول تخفيض تدريجي جديد.

وفي حين تصف وكالات التصنيف الدولية ديون مصر "بالكارثية" أكد وزير المالية المصري محمد معيط قوة اقتصاد بلاده رغم كل التحديات، منتقدا صدور نحو 150 تقريرا سلبيا عن أوضاع الاقتصاد المصري.

ففي أبريل الماضي، ذكرت وكالة ستاندرد آند بورز الأميركية أن مصر تستحوذ على نسبة تقدر بـ0.6% من إجمالي الديون في العالم، مشيرة إلى أنها نسبة مرتفعة إذا قورنت بالعديد من الدول المماثلة، أو إذا قورنت بالاقتصادات الناشئة.

 

حسدوا القرد..!

وفي تصريحات مستفزة، قال وزير المالية بحكومة الانقلاب إن "اللي برا بيحسدونا" زاعما في تصريحات متلفزة قوة الاقتصاد المصري رغم كل التحديات، وأن البنك المركزي لديه البيانات الخاصة بالتزامات الدولة بالدولار.

وبين تهوين "معيط" والتحذيرات المحلية والدولية، أكد الخبير الاقتصادي مصطفى يوسف، مدير المركز الدولي للدراسات التنموية والإستراتيجية مقره كندا، أن الحلول تكمن في التنمية والاستثمار في الاقتصاد الحقيقي كالزراعة والصناعة وتشجيع الصادرات، وغيرها.

وحذر يوسف من نزيف الاقتصاد المصري جراء الاستحواذات وبيع أصول مربحة وناجحة ومقدرات الدولة التي تقوم بتشغيل عمالة تدفع ضرائب وتزيد الاستهلاك المحلي، مشددا على ضرورة توقف الإسراف الحكومي على مشاريع لا تخدم التنمية البيئية الحقيقية في البلاد.

وفي ما يخص تقليل وزير المالية من تداعيات الأزمة، رأى يوسف أن تصريحات معيط "غير دقيقة" مستشهدا بتقارير دولية تحذر من مخاطر غير طبيعية من الديون والقروض طويلة وقصيرة ومتوسطة الأجل، تستخدم في مشاريع غير إنتاجية.

ويبقى الدعم الخليجي على رأس الوسائل السريعة لدعم الاقتصاد المصري، إذ أشارت "بلومبيرغ" إلى تعهد السعودية وحلفاء الانقلاب الآخرين من دول الخليج العربي بتقديم أكثر من 22 مليار دولار في شكل ودائع واستثمارات.

ولم يتخيل مؤيدو الانقلاب العسكري في مصر منتصف 2013، أن يأتي اليوم الذي يوضع فيه اسم بلادهم بقائمة الدول التي سيطرت الصين على أصولها الإستراتيجية من مطارات وموانئ مقابل الدين الحكومي لشركات وبنوك بكين.

تسريبات صحفية كشفت عن مفاوضات بين السفاح السيسي والصين تحتضنها مدينة جينيف السويسرية، لبحث مبادلة 8 مليارات دولار بديون مستحقة لممولين صينيين.

وأكدت مصادر بنكية موثوقة بسويسرا حدوث لقاء يوم 7 أغسطس 2022، بفندق "كيمبنسكي" بجنيف بين وفد الانقلاب التابع للسفاح السيسي وآخر صيني.

وبحسب المصادر ، عرضت عصابة الانقلاب خلال محادثات استمرت ثلاثة أيام، أصولا أخرى من موانئ ومطارات مقابل 10 مليارات دولار ، لتحصل الصين على أصول مصرية بقيمة 18 مليار دولار.

هذه هي ذات الطريقة التي نفذتها بكين مع دول، منها، سريلانكا، وأوغندا، وباكستان، وكينيا، وأستراليا، واليونان، ومونتينيغرو، وليتوانيا، بالسيطرة على مضائق وجسور حيوية ومطارات وموانئ لتلك البلدان.

الصين استولت على موانئ سريلانكية، واستحوذت على مطار عنتيبي بأوغندا، وميناء مومباسا الكيني، وميناء غوادار الباكستاني، وغيرها، مقابل ديون مستحقة عجزت تلك الدول عن سدادها، فكان الحل التنازل عن أهم أصولها لبكين.

الخبير الاقتصادي والإستراتيجي الدكتور علاء السيد، تحدث عن خطورة تلك المفاوضات، مؤكدا أنها تتوافق مع واقع الاقتصاد المصري المتداعي، ومع توجه عصابة الانقلاب نحو بيع الأصول المصرية المملوكة للشعب مقابل الديون.

وأكد أن "التنين الصيني سيبتلع مطارات وموانئ مصرية كما فعلها مع دول أخرى، معربا عن أسفه الشديد لهذه الخطوة، داعيا الشعب المصري لـلاستيقاظ من غفوته ومقاومة من يسرق أصوله المنتجة".