الشهيد أحمد محمود.. النقابي والبرلماني الذي أحبه أهل السويس

- ‎فيلن ننسى

المهندس "أحمد محمود" أمين حزب الحرية والعدالة بالسويس، والنائب السابق عن برلمان الثورة، رجل أحبه أهل السويس وكثيرا ما طالبوا بحريته ورفعوا صوره في مسيراتهم التي سبق العسكر إلى كبتها بعد أن أسال دماءهم، واعتقل العشرات منهم بشكل متواصل منذ الانقلاب حيث ظهر في 19 ديسمبر 2015، بعد اخفائه قسريا لنحو شهر كامل.

بعد نحو 7 سبع سنوات في المعتقلات، لقي المهندس أحمد محمود محمد إبراهيم، ربه ثابتا صابرا محتسبا عن عمر ناهز الـ64 عاما، في 16 نوفمبر نتيجة الفتك به عبر الإهمال الطبي المتعمد، حيث قضى نحبه بسجن وادي النطرون 440، حيث كان يعاني من عدة أمراض أبرزها تشمع في الكلى تطور إلى فشل كلوي، نتيجة ظروف الحبس السيئة علاوة على آلام بفقرات ظهره وأنيميا البحر المتوسط بعض هذه الأمراض اعتقل وهو مصاب بها.

وكتب عنه الداعية عبد الخالق الشريف:  "توفي شهيدا في سجون الظالمين أمضيت معه سنوات، ومن أجمل ما سمعت منه قوله ماسجدت لله سجدة إلا دعوت لوالداي،  غفر له وأسكنه الفردوس الأعلى، نعم الأخ الخلوق المهذب، أمضيت

معه زمنا فما رأيت منه إلا كل خير وخلق رفيع، كتبه الله عنده من الشهداء الصادقين في قولهم وفعلهم وألهم أهله الصبر والرضا بقدره".

وعن جانب من جهده النقابي لفت الكاتب الصحفي عامر شماخ إلى بداية المعرفة بينهما قائلا: "التقيت الرجل منذ عشرين سنة، وقمت بأعمال صحفية لنقابته دامت لسنوات، وأشهد أنه كان مخلصا، وكان هينا لينا ودودا، دءوبا ذكيا طموحا، اللهم أسعده فى أُخراه، يمن كتابه وثقل موازينه، واجعل محنته ومرضه فى سجل صالحاته، وأخزِ اللهم من ظلمه، ولا تجعل من رحمتك له ولعقبه نصيبا، آمين".

ومنذ أن كان طالبا عرف زملاؤه سمته ومنهم الطالب عبدالجواد (Abdelgawad Konsouh) الذي كتب: "اللهم انتقم من كل جبار عنيد غشوم وأرِحْ العباد والبلاد من الظالمين وأرنا فيهم يوما أسودا ".

وأوضح أن "هذا هو الخلوق النجيب الذكي الهادئ الدؤب المحب لإخوانه ولكل الناس العامل في صمت.. المهندس أحمد محمود ابن السويس ،عرفته منذ أن كان طالبا في هندسة منوف وتزاملنا في العمل الإسلام بالجامعة وخارجها ، كان مثالا للأخوة الصادقة وكان جنديا مجهولا تجده وراء كل عمل خير ، تعرفت عليه عن قرب وتعرفت على الأسرة جميعها الوالد والأخوة والأصدقاء في السويس وخارجها ".

وعن ثباته قال "تقلد عدة مناصب مرموقة وأُشهد الله ما غيرت منه قيد أنملة ، كان عطوفا على إخوانه صلبا في الحق غير هيّاب ولا مبالٍ زاهدا في الدنيا ومتاعها ، توفي اليوم في سجن وادي النطرون ، أسأل الله أن يكون وأمثاله لعنة على كل من شارك في ظلمه وظلم إخوانه وكل مظلوم".

 

بيوت السويس

ويذكر أن شعب السويس بفصائله يحب المهندس "أحمد محمود"  و قد شهد له معارضوه السياسيون قبل مؤيديه بحسن الخلق والاحترام الشديد في التعامل مع الجميع، و أكدوا بأنه من رفقاء ثورة 25 يناير ، وله حنكة سياسية عالية فى احتواء جميع الأحزاب وتوحيد صفوف العمل الثوري ضد الأنظمة الفاسدة على مر العصور.

وكان للراحل دور كبير في التنسيق بين الإخوان والأحزاب والقوى السياسية، وكان رئيس المجلس المحلي للأربعين عام 1992م، وسبق له الترشح في انتخابات مجلس الشعب عام 1995م وقام النظام السابق باعتقاله قبل إجراء الانتخابات بأيام قلائل ، ثم صدر قرار من المخلوع مبارك بتحويله إلى المحكمة العسكرية بعدما قرر القضاء المدني إخلاء سبيله وحُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات من محكمة عسكرية.

ولقن السوايسة النظام درسا قاسيا عندما أعطى المهندس أحمد محمود 1000 صوت في الساعة الأولى من التصويت في الانتخابات ، فصدرت تعليمات برفع اسمه من كشوف المرشحين.

 

لن ينساك محبوك
ولد المهندس أحمد محمود في 19 إبريل 1957، وكان رمزا من رموز الحركة الطلابية من عام 1977م الى عام 1981 م، واعتقل لمدة عام بسبب دوره في العمل الطلابي 1981م وكان رمزا من رموز العمل النقابي النقابي بنقابة المهندسين وعمل مستشارا فنيا لاتحاد المنظمات الهندسية للدول الإسلامية، و مدير المركز الأفريقي للغات والكمبيوتر.

وضمن مسيرته العلمية أضاف لبكالوريوس الهندسة، الحصول على ليسانس حقوق، وليسانس الإعلام، وكلية الآداب ترجمة قسم اللغة الإنجليزية، وشارك في العديد من المؤتمرات المحلية والدولية، وحصل على كثير من الدورات في مجال التنمية البشرية ودورات التحليل السياسي من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

وعن مهامه مع الإخوان تولى الرجل منصب أمين حزب الحرية والعدالة بالسويس، وعضو الهيئة العليا للحزب، ورئيس القسم السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بالسويس سابقا، وعضوا بالقسم السياسي المركزي لجماعة الإخوان المسلمين سابقا، وشارك في العديد من اللجان في مجال حقوق الإنسان ودعم القضية الفلسطينية.

 

عائلة مجاهدة
يشار إلى أن الراحل الكريم، اعتقلت ابنته الكبرى سلمى وخرجت قبل أشهر، ونعته عبر صفحتها كما أن ولده الأكبر نور الدين أحمد محمود، 35عاما، وهو معتقل منذ 28 مارس 2014 وموجود بسجن استقبال طره، ويمتلك موهبة بالرسم يستخدمها للتعبير عن الأوضاع المحيطة به سواء كانت أوضاع المعتقلين أو أوضاع مصر العامة، كما أن من بين معتقلي العائلة زوج ابنته المعتقل أحمد فؤاد.
وأكدت أسرته أن وفاته جاءت بعد صراع طويل مع الفشل الكلوي والعديد من الأمراض الأخرى، والتي اشتدت قسوتها نتيجة ظروف الاعتقال السيئة، وقله الرعاية الطبية والصحية، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة داخل مستشفى السادات التي نقل إليها موخرا من وادي النطرون.
ومنذ اعتقاله تعسفيا من منزله في 15نوفمبر 2015، بحسب مُنظمة "هيومن رايتس مونيتور" احتجز بمعسكر الكيلو 10ونصف، بعد اتهامه بـالانضمام لجماعة محظورة، وكان يعرض دوريا على نيابة السويس، التي تجاهلت معاناته المرضية مع حمى البحر المتوسط وتسمم على الكلى، وسخرت من التعنت في إدخال مُستلزماته الخاصة من الأغطية والملابس والطعام والأدوية وغيرها، وشكاوى أسرته ومحاموه.
وصدر ضده العديد من الأحكام القضائية، حيث أصدرت محكمة الجنايات العسكرية بالسويس بحقه حكما غيابيا بالسجن المؤبد في 3 سبتمبر 2013، ويعتبر أول حكم يصدر من محكمة عسكرية بعد الانقلاب العسكري في يوليو 2013، ففي 8 إبريل 2015 أصدرت محكمة جنايات السويس بحقه حكما بالسجن المشدد غيابيا لمدة 15 عاما.