مشاحنات يومية حول احتياجات ا|لأسر.. مافيا الأسعار تشعل أزمات داخل البيوت المصرية

- ‎فيتقارير

ارتفاع الأسعار الجنوني في الأسواق خاصة السلع الأساسية والمواد الغذائية والخضراوات والفاكهة، تسببت في حالة من الحزن والكآبة في البيوت المصرية نتيجة عجز المواطنين عن تلبية احتياجات أسرهم في ظل ارتفاع الأسعار من ناحية وتراجع دخول الكثيرين من ناحية أخرى. 

هذه الأزمة تسببت في مشاحنات يومية تشهدها الأسر بسب غلاء المعيشة، بل تسببت في تفكك بعض الأسر وتزايد حالات الطلاق بمعدلات لم تشهدها مصر من قبل . 

وتشهد وسائل المواصلات ومقرات العمل والمنازل العديد من القصص المأساوية اليومية التي يكشف عنها المصريون بسبب ضغوط الحياة. 

 

متطلبات البيت 

 حول هذه الأزمة قال أحمد سالم، موظف، يعمل في إحدى الشركات الخاصة فترة صباحية ومسائية في مقر عمل آخر  "أنا عندي أتعب ليلا ونهارا في الشغل ولا محدش يقول لي في البيت على طلب وأقول له مش معي فلوس". 

وأضاف «سالم» أنه كان حريصا على العمل ليلا ونهارا لكي يستطيع توفير المال اللازم لبناء مستقبله الأسرى ، لكن مع مرور الوقت أصبح راتبه من الوظيفة الصباحية والمسائية لا يكفي احتياجات أسرته. 

وتابع، الواحد بيستحمل حاجات في الشغل على أعصابه وميقدرش يمشي علشان متطلبات البيت، مشيرا إلى أن الحياة أصبحت عبئا على جميع المواطنين ، فالجميع يبحثون الآن عن أعمال إضافية بجانب العمل الرئيسي بهدف زيادة الدخل للحد الذي يتيح توفير متطلبات المنزل. 

وكشف سالم أن المشاحات تبدأ حينما يعود لمنزله، فمع يوم طويل من العناء يحتاج لبعض الوقت يتنفس فيه ويخلي عقله من مشاحنات اليوم ، لكن الزوجة تعتبر ذلك نوعا من الإهمال لها ولا تتفهم أنه يتحمل فوق طاقته من أجلها والأبناء. 

 

ضغوط يومية 

وانتقد صابر دسوقي موظف، سخرية النساء من جهد أزواجهن، مشيرا إلى أن الزوج لا يريد سوى كلمة دعم في آخر يوم من العناء والمشاحنات داخل العمل والذي أصبح يحمل العاملين أعباء عمل تفوق قدراتهم بعد تصفيه الكثير من العمالة بحجة الأزمات المالية. 

وقالت سوسن السيد ربة منزل، أن الزوجة أيضا في ضغوط يومية مع أبنائها خاصة لو كانوا في سن الرضاعة أو أقل من 5 سنوات، ما بين أكل ولبس ومدارس وحضانة وغيرها، وتصبح فاقدة للطاقة وتريد عون زوجها فور عودته من العمل لكي تشعر ببعض الراحة. 

 

توترات نفسية 

من جانبها قالت الدكتورة إيمان عبدالله، الاستشاري النفسي والإرشاد الأسري، أن عددا كبيرا من الأسر تعيش حالة من الغضب ناجم عن الضغوط الاقتصادية، فسواء الأمهات أو الآباء والأبناء جميعهم يعانون من توترات نفسية يومية بسبب المشاحنات التي تنشب بين الأب والأم أمامهم. 

وأضافت إيمان عبدالله في تصريحات صحفية أن ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير تسبب في تفاقم الصراع بين الأزواج، ومع شعور البعض من الرجال بالعجز عن سد احتياجات منازلهم يتبادر إلى أذهانهم فكرة الانتحار، وغيرها من قضايا الخلع والعزلة النفسية داخل المنازل. 

وأشارت إلى أن حالة الكبت المنتشرة داخل الأسر تسببت في انتشار حالة الخرس الزوجي، وهو نفور الزوج أو الزوجة عن الحديث داخل المنزل لعدم تقبل الفرد منهم للأخر نتيجة المشاحنات التي وقعت بينهما وغيرها من الضغوط التي يرى كل طرف منهما أنه هو فقط الذي تحمل المسئولية كاملة وعلى الطرف الآخر تحمل ما يصدر منه. 

وطالبت إيمان عبدالله الأزواج بضرورة إعادة حساب الأولويات المادية حتى يتسنى لهم القدرة على استكمال الشهر بدون حاجة إلى الاستلاف أو الدين وغيرها من المشكلات المرتبطة بالماديات والتي تتسبب في نشوب المشاجرات اليومية. 

 

ناقوس خطر 

وحول أزمة الأسعار قال الخبير الاقتصادي الدكتور السيد خضر إن "الفترة الحالية حرجه للغاية على أداء الاقتصاد في ظل تزايد حدة الصراعات والأحداث الدولية وانعكاسها على الأوضاع الداخلية، موضحا أن مؤشرات الاقتصاد تشهد تصاعد وتيرة معدل التضخم وارتفاع الأسعار بشكل مخيف". 

وانتقد خضر في تصريحات صحفية ممارسات التجار التي أدت إلى تزايد أسعار السلع ، مما يؤدي إلى خلق أزمات داخلية ، محذرا من أن استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية تمثل ناقوس خطر لأنها تحول دون توفير حياة كريمة للمواطن. 

وأوضح أن موجة التضخم تسببت في ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وبالذات أسعار الغذاء، حيث أدى ارتفاع معدلات التضخم إلى تفاقم مشكلة النقص في الغذاء العالمي والارتباك في سلاسل الإمداد، والذي عادة ما يصاحبه ارتفاع في أسعار السلع والخدمات، وبالأخص السلع الأساسية. 

وطالب خضر بضرورة إحكام السيطرة الكاملة على الأسواق الداخلية وتفعيل دور جميع الهيئات والقطاعات على أرض الواقع ليكون لها دور حقيقي في محاربة ظاهرة ارتفاع الأسعار مع وضع آليات لضبط تلك الممارسات والقضاء على ظاهرة استغلال الأزمات في صنع الثروات. 

وشدد على ضرورة سن تشريع لمنع احتكار واستغلال الأزمات في زيادة الأسعار مؤكدا أن المسئولية مشتركة بين جميع الأطراف من بينها أجهزة  العسكر المعنية برسم السياسة النقدية المناسبة الكفيلة بكبح جماح التضخم، وكذلك الرقابة الصارمة للضرب بيد من حديد على الأسواق وأيضا التجار والمستهلكين النهائيين الذين يتجهون إلى الترشيد الإجباري والاتجاه إلى حالة التقشف الزائد. 

 

زيادة القدرات الزراعية 

وأكد خضر أن من أهم السبل لمواجهة أزمات الغذاء المتتالية هو وضع استراتيجية علمية لزيادة القدرات الإنتاجية واستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية وضخ مزيد من الاستثمارات الضخمة فيها، لأن أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار ستتفاقم بشكل كبير خلال السنوات المقبلة. 

ولفت إلى ضرورة وضع استراتيجية علمية لتطبيق البحوث في مجال الزراعة في شكل خطط لزيادة الإنتاج، وتوفير الدعم للفلاح والإفراج الفوري عن جميع السلع الغذائية الموجودة في المخازن لإغراق السوق، موضحا أن المعادلة الاقتصادية الأساسية للأسعار هي الوفرة أو الندرة، ولا يهم ارتفاع سعر صرف الدولار، المهم أن تتوافر السلع في الأسواق فتنخفض أسعارها إضافة إلى منع الاحتكار والجشع السائد من قبل التجار، فعملية المضاربة لن تكون على الدولار، بل على السلع الغذائية في الفترة المقبلة.