“ميدل إيست آي”: هل يتخلى حلفاء الخليج عن المنقلب؟

- ‎فيعربي ودولي

نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للمحلل السياسي خليل العناني، زميل أول في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في واشنطن، سلط خلاله الضوء على تطورات العلاقات المصرية الخليجية على وقع الأزمة الاقتصادية في مصر.

وقال التقرير إن "سلطات الانقلاب تواجه حاليا أزمة اقتصادية حادة، حيث فقد الجنيه المصري نصف قيمته منذ مارس من العام الماضي، وقفز التضخم إلى 24.4 في المئة وفقا للأرقام الرسمية، وفي الوقت نفسه، ارتفع الدين الخارجي للبلاد إلى ما يقرب من 170 مليار دولار".

وأضاف التقرير أن العديد من المراقبين والمؤسسات المالية الدولية حذروا من أن نظام السيسي قد يتجه نحو أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وربما حتى الانهيار، وعلى الرغم من ذلك، لا يبدو عبد الفتاح السيسي قلقا، وقد رد السيسي مؤخرا على الشكاوى المصرية من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة بازدراء ولامبالاة، وذهب إلى حد اتهام المواطنين بعدم معرفة أي شيء، والإصرار على أنه الوحيد الذي لديه أي معلومات حقيقية عن الوضع.

وتساءل التقرير، من أين حصل السيسي على الثقة بأن بلاده ستتغلب على الأزمة الاقتصادية الحالية؟ هل هناك علاقة بين معرفته المزعومة والدعم الذي تقدمه دول الخليج؟

 

نهاية "العصر الذهبي"

وأوضح التقرير أنه منذ استيلاء السيسي على السلطة في أعقاب انقلاب يوليو 2013، قدمت الدول العربية في الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، مساعدات مالية كبيرة للنظام.

وأشار التقرير إلى أن هذا الدعم قد تجلى في مجموعة متنوعة من الأشكال، بما في ذلك الودائع في البنك المركزي المصري، والتي تشكل حاليا حوالي 82 في المئة من إجمالي احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية، بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك العديد من الاستثمارات وعمليات الاستحواذ على الشركات والمؤسسات المصرية كجزء من السياسة الاقتصادية للحكومة.

كما قدمت دول الخليج ضمانات للمؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي لدعم الاقتصاد المصري، ومع ذلك، تشير التقارير الأخيرة إلى أن دول الخليج بدأت في سحب دعمها للسيسي بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة في مصر، وقد أدى عجز السيسي عن معالجة الأمر إلى خيبة أمل بين دول الخليج التي استثمرت بكثافة في مصر.

ولفت التقرير إلى أن بعض المراقبين قد ذهبوا إلى أبعد من ذلك ليشيروا إلى أن الدول العربية تتخلى عن السيسي بسبب فشله في إدارة البلاد وتحوه إلى عبء مالي عليها، لذلك، فهم لا يقدمون له الدعم الكافي للخروج من الأزمة المالية، ويضغطون على المؤسسة العسكرية لإيجاد بديل للسيسي.

وتكتسب هذه النظرية أهمية خاصة في ضوء إحجام دول الخليج عن تزويد السيسي بنوع المساعدة المالية التي قدمتها بعد انقلابه في عام 2013.

وونوه التقرير بأن هناك أيضا استعداد متزايد لمعارضة تمويل مصر علنا بين المسؤولين الخليجيين، على سبيل المثال، حذر النائب الكويتي أسامة الشاهين حكومته من تمويل نظام السيسي كجزء من الصفقة الأخيرة لصندوق النقد الدولي، كما انتقدت شخصيات إعلامية مقربة من بعض القادة العرب في الخليج، مثل الصحفي المعروف عمرو أديب، سياسات السيسي الاقتصادية وأدائه. يبث برنامج أديب اليومي، الحكاية، على قناة إم بي سي مصر الممولة من السعودية.

 

أعداء مشتركون

وتساءل التقرير، لكن هل صحيح أن الخليج تخلى عن السيسي؟ مضيفا أنه من المهم فهم خلفية العلاقة بين السيسي ودول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وتابع  "دعمت هذه الدول السيسي خلال السنوات القليلة الماضية لثلاثة أسباب رئيسية ، أولا اعتبرت السعودية والإمارات العربية المتحدة سياسات السيسي القمعية مفيدة، لأنها أحبطت مطالب التغيير الديمقراطي في مصر ومنعت إمكانية حدوث ثورات أو انتفاضات جديدة، كانت هذه البلدان تنظر إلى انتفاضات الربيع العربي على أنها تهديد وجودي، وسعت إلى منعها بأي وسيلة ضرورية".

وأردف "ثانيا، كان موقف السيسي القوي ضد الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة محظورة، عاملا رئيسيا في دعمهما له. وهذا يتماشى مع سياساتهم الداخلية وجهودهم لمكافحة الإسلام السياسي في المنطقة".

وأكمل التقرير "أخيرا، ينظر إلى السيسي على أنه شريك موثوق به في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وقد أظهر استعدادا للقيام بدور قيادي في العالم العربي. وهذا مهم بشكل خاص للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث تسعيان لمواجهة نفوذ إيران في المنطقة".

 

تغيير الأولويات

وواصل التقرير، السؤال الآن هو هل هذه المصالح المشتركة بين نظام السيسي ودول الخليج لا تزال قائمة الآن؟

وأضاف التقرير أنه من الأهمية بمكان تقييم ما إذا كانت هذه المصالح المتبادلة كبيرة بما يكفي لتبرير الدعم المالي والاقتصادي الذي قدمته دول الخليج للسيسي، يمكن القول إن مصالح دول الخليج في مصر شهدت تحولا في السنوات الأخيرة، وقد تكون عدة عوامل قد ساهمت في هذا التغيير أولا، ربما لم تعد دول الخليج ترى أن هناك تهديدا كبيرا بحدوث ثورة أو انتفاضة في مصر بسبب ضعف أي معارضة سياسية وتشرذمها داخل المشهد السياسي المصري.

ويمكن أن يعزى ذلك، جزئيا، إلى القمع الشديد والخوف الذي مارسه نظام السيسي على مدى العقد الماضي، وربما يكون فك الارتباط السياسي واللامبالاة لدى الشعب المصري نتيجة لهذه السياسات قد قلل أيضا من التهديد المتصور للثورة، علاوة على ذلك، ربما ساهم انشغال الشعب المصري بتلبية احتياجاتهم الأساسية وانعدام الأمل في التغيير في هذا التحول في الأولويات.

وأوضح التقرير أنه هناك عامل آخر ربما يكون قد ساهم في التحول في مصالح دول الخليج في مصر، وهو تراجع التهديد الذي تشكله جماعة الإخوان المسلمين، ويمكن أن يعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك الحملات الأمنية المستهدفة التي نفذها نظام السيسي على مر السنين والانقسام الذي شهده التنظيم داخليا وخارجيا، ولم يعد ينظر إليها على أنها تهديد كبير لأي نظام في المنطقة العربية، كما كانت قبل الربيع العربي ".

 

السيسي الأضعف

وأخيرا، من الممكن أن تكون دول الخليج قد وجدت خيارات بديلة لموازنة إيران، الأمر الذي ربما أدى إلى تحول في مصالحها في مصر، وقد تشمل هذه الخيارات تشكيل تحالفات مع الولايات المتحدة وحلفائها، وخاصة إسرائيل، أو استخدام مختلف الجماعات والميليشيات الوكيلة في المنطقة.

وربما تكون دول الخليج قد أصبحت ترى في هذه البدائل خيارات أكثر قابلية للتطبيق أو تفضيلا من الاعتماد على مصر لتحدي نفوذ إيران.

ويمكن أن يعزى هذا التحول في المصالح إلى المشهد السياسي والاستراتيجي المتغير في المنطقة وإعادة تقييم دول الخليج لأولويات أمنها القومي.

ومع ذلك، في حين أن النظرية القائلة بأن دول الخليج ستتخلى عن نظام السيسي قد تبدو منطقية، إلا أنها تظل في النهاية تخمينية. وعلى الرغم من الإحباط والغضب تجاه السيسي بين مؤيديه الخليجيين، فمن غير المرجح أن يتخلوا عنه، لأنه لا يزال يمثل رصيدا قيما من حيث حماية مصالحهم في مصر والمنطقة.

وأشار التقرير إلى أن استبدال السيسي يمكن أن يؤدي إلى حالة من الارتباك والفوضى من شأنها أن تؤثر سلبا على المنطقة وتهدد في نهاية المطاف مصالحهم الخاصة، وقد لا يزال ينظر إلى السيسي الأضعف على أنه الخيار المفضل لأنه يسمح بمزيد من التلاعب والاستغلال لتحقيق أكبر فائدة لمصالح دول الخليج.

وهكذا، في حين أن العلاقة بين دول الخليج ونظام السيسي قد تكون متوترة، فمن غير المرجح أن تنتهي تماما.

 

 

https://www.middleeasteye.net/opinion/egypt-gulf-leaders-abandoning-are