تعليق منظومة «خبز التكلفة» لحين عودة الوزير من الخارج.. هي طابونة!

- ‎فيتقارير

تدار مصر بمنطق الطابونة؛ وخير دليل على ذلك هو تعليق العمل بمنظومة «خبز التكلفة» رغم الإعلان عن انطلاق المنظومة التجريبية  قبل أسبوع من جانب وزير التموين بحكومة الانقلاب علي المصيلحي لغير حاملي البطاقة التموينية. وكان من المقرر انطلاق المنظومة الجديدة بشكل تجريبي الأربعاء الماضي (18 يناير23م)، لكن ذلك لم يحدث؛ وفي تبرير عدم بدء تطبيق المنظومة يعزو سكرتير شعبة مخابز القاهرة، خالد صبري، ذلك إلى سفر وزير التموين للخارج، قائلًا: «مينفعش نفعّل المنظومة والوزير مسافر»، فيما نفى عطية حماد، رئيس الشعبة، علمه بأي شيء يخص منظومة الخبز الجديدة، هو ما أكده أصحاب مخابز مدعمة وفق تقرير نشره موقع «مدى مصر» مؤكدين أنهم حتى اليوم لم يصلهم أي معلومات حول طريقة العمل بها.  أما مساعد وزير التموين، إبراهيم عشماوي فقال إن العمل على الشكل النهائي للمنظومة لم ينتهِ بعد، مضيفًا أنه سيجري الإعلان عن المنظومة، عقب انتهاء الفترة التجريبية، التي لم يوضح إن كانت بدأت أم لا.

إطلاق منظومة “خبز التكلفة»، جاءت بعد يومين من تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، التي مهد من خلالها لإقرار زيادات جديدة في أسعار الخبز والوقود والكهرباء. وقال مدبولي، السبت 16 يناير23م خلال جولة في شمال سيناء، إن المواطن ما زال يحظى بدعم الدولة، مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها العالم أجمع، مستشهداً باستمرار بيع رغيف الخبز على بطاقات التموين بقيمة 5 قروش (الجنيه = 100 قرش)، رغم أن كلفته كانت تبلغ 65 قرشاً قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفعت إلى 80 قرشاً بعد الحرب، ثم إلى 90 قرشاً إثر تحرير سعر صرف العملة المحلية أخيراً. وادعى مدبولي أن حكومته تقدم دعماً يفوق ما تتحمله حكومات دول عديدة متقدمة، موضحاً أن مصر تنتج نحو 100 مليار رغيف مدعم سنوياً، بمعدل 275 مليون رغيف خبز في اليوم تقريباً؛ وبالتالي الزيادة الأخيرة في كلفة إنتاج الرغيف، وقيمتها 10 قروش، حملت الموازنة العامة للدولة عبئاً إضافياً بإجمالي 10 مليارات جنيه.

 

ما هي منظومة «خبز التكلفة»؟

منظومة «خبز التكلفة»، أطلقها الوزير وكان يتعين أن تبدأ الأربعاء الماضي (18 يناير23م)، وتعتمد على بيع المخابز التموينية  الخبز  إلى جانب الخبز المدعم لكن بالسعر الحر  لمن لا يملكون بطاقة تموين بسعر التكلفة؛ يُصرف للمواطنين من خلال كارت مسبق الدفع يمكن الحصول عليه من مكاتب هيئة البريد، ليستفيد منه نحو 33 مليون مواطن من غير حاملي البطاقات التموينية، وهو الحل الذي وصفه مساعد وزير التموين، إبراهيم عشماوي، بأنه «تجربة فريدة من نوعها».

حتى اليوم، لم تعلن «التموين» بشكل رسمي عن سعر الخبز الجديد، لكن صرح أكثر من مصدر بالوزارة بأنه سيكون ما بين 80 و90 قرشًا للرغيف (وزن 90 جرامًا) فيما أشار المصيلحي في تصريحاته إلى أن سعر الرغيف سيجري تحديده كل شهر بناءً على سعر التكلفة الحقيقي. وكان المصيلحي، الذي وصف نفسه بداية الشهر الجاري (يناير23م) بأنه وزير «حل الأزمات»، كشف الأسبوع الماضي عن حل جديد من الوزارة بالتعاون مع هيئة البريد، لمواجهة مغالاة مخابز العيش السياحي في أسعارها.

سكرتير شعبة مخابز القاهرة، خالد صبري، قال إن وزارة التموين على مدار الأشهر الماضية التي شهدت ارتفاعات كبيرة في أسعار الخبز السياحي، كانت تبحث عن حل لمواجهة تلك الارتفاعات، التي وصلت بسعر الرغيف إلى جنيه ونصف في بعض المناطق، فقررت الوزارة مد المخابز السياحية بدقيق بسعر عشرة آلاف جنيه للطن، مقارنة بـ15 ألف جنيه للطن في السوق، لتبيع المخابز من جانبها خبزًا بسعر منخفض عن السوق. لكن، بعد الإعلان عن الخطة، اصطدمت الوزارة بواقع كون نحو 90% من المخابز السياحية في مصر غير مرخصة، فقررت، في النهاية، الاعتماد على مخابز العيش المدعم، البالغ عددها 31 ألف مخبز في أنحاء الجمهورية، والمزودة بالفعل بأنظمة لصرف الخبز المدعم، لبيع الخبز الحر، على أن تمدها الوزارة بالتعاون مع هيئة البريد ببيانات المنظومة الجديدة الخاصة بالمواطنين حاملي الكروت مسبقة الدفع، وفقًا لصبري.

ومن جهة أخرى، لم تعلن وزارة التموين كيف ستتحمل فارق التكلفة لدعم إنتاج الخبز الحر، بالإضافة لعبء الخبز المدعم، خاصة وأن عشرة مخابز بمحافظات مختلفة أكدوا أن حصص الدقيق التي توزع على المخابز المدعمة لإنتاج الخبز التمويني في انخفاض مستمر منذ أشهر لأسباب مختلفة.

«يوم يقولوا دي فلوس تأمينات متأخرة، لأ دي فلوس مخالفات، لأ الصرف عندكم قليل، المهم الحصص بتقل كل شوية لدرجة أنه المواطنين اللي معاهم بطاقة تموينية بييجوا مش بيلاقوا عيش ويعملوا معانا مشاكل؛ ويتساءل، مالك مخبز مدعم بالغربية، طلب عدم ذكر اسمه: منين بقى الحكومة هتعرف تجيب دقيق للعيش الحر كمان؟!»!

 

أزمة المخابز الخاصة

وبينما وعد المصيلحي بحل أزمة ارتفاع أسعار الخبز الحر عن طريق المنظومة الجديدة، لم تتطرق الخطة للمخابز السياحية التي تعتمد على شراء الدقيق من السوق الحر بسعر يصل إلى 15 ألف جنيه، ومدى تضررها من المنظومة الجديدة. يقول يقول مصدر بغرفة صناعة الحبوب، مشترطًا عدم ذكر اسمه: «المخبز السياحي بيشتري الدقيق بـ15 ألف جنيه وأكتر. الحكومة دلوقتي لو صدقت في كلامها هتوفر دقيق للمخابز المدعمة بـ10 آلاف جنيه للطن. طيب ما ده معناه إنه المخابز السياحية هيتخرب بيتها لأنها مش هي اللي بتتحكم في سعر الدقيق، هي فقط مشتري. الحكومة بالشكل ده كأنها بتنافس المخابز لكنها بتتشطر على الطرف الغلط. الأولى تتشطر على محتكري استيراد الحبوب».

 

ارتفاع أسعار الخبز

وفي أغسطس 2020م، قرر المصيلحي خفض وزن الرغيف من 110 جرامات إلى 90 جراماً، ليجبر المخابز على إنتاج 1450 رغيفا من كل جوال (شوال) وزن 100 كيلوجرام، بدلا من 1250 رغيفاً. ويبلغ عدد المخابز البلدية، التي تعمل تحت إشراف كامل من الوزارة، نحو 30 ألف مخبز، تنتج ما بين 250 مليوناً و270 مليون رغيف يومياً. وتوزع الإنتاج على 23 مليون بطاقة خبز مدعم، لصالح 72 مليون فرد.. وتصل كلفة الدعم للقمح والخبز إلى نحو 90 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي 2022- 2023، ورفعت المخابز البلدية في مصر، الشهر الماضي، أسعار الخبز الحر (السياحي) إلى جنيهين للرغيف زنة 80 جراماً، و1.50 جنيه للرغيف زنة 60 جراماً، و1.25 جنيه للرغيف زنة 40 جراماً، بدلاً من 1.50 جنيه و1.25 جنيه على الترتيب. وسبق قرار المخابز البلدية رفع سعر بيع الخبز الحر، أي خارج بطاقات التموين الرسمية، تقليص حجم الرغيف ووزنه بنسبة تصل إلى 40 بالمائة.

وتتجه حكومة السيسي إلى تحرير أسعار الخبز والوقود والطاقة، حيث تستهدف الخطة وضع قواعد تدريجية، لتحويل الدعم العيني إلى نقدي، للوفاء بشروط الصندوق المتشددة التي فرضها على الحكومة مقابل الإفراج عن القرض المعطل، الذي يبلغ 3 مليارات دولار.