“مودرن دبلوماسي”: نظرية “مصر أكبر من أن تفشل” باتت على المحك

- ‎فيأخبار
People walk through Eshash el-Sudan slum in the Dokki neighbourhood of Giza, south of Cairo, Egypt September 2, 2015. Residents of the slum clashed with police in late August, when about 50 ramshackle huts were destroyed and at least 20 people were injured by teargas, local media reported, as authorities attempt to clear the area and rehouse residents. The slum dwellers, some of whom have called Eshash el-Sudan home for 50 years, say there are not enough apartments built nearby to house them. The residents of the slum eke out a living by disposing of rubbish or baking bread. Schooling is too expensive for most of their children, who play with salvaged rubbish amid shacks made out of discarded wood and leather. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh TPX IMAGES OF THE DAY SEARCH “ESHASH EL-SUDAN� FOR ALL PICTURES TPX IMAGES OF THE DAY

قالت مجلة مودرن دبلوماسي إن  “مصر أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان، شهدت هجرة جماعية لحوالي 20 مليار دولار من رأس المال الأجنبي، في أعقاب السياسة النقدية المتشددة لبنك الاحتياطي الفيدرالي لعام 2022 ، وهو إنجاز مارس ضغوطا على قيمة الجنيه مقابل الدولار ، مما أدى إلى خفضه بمقدار النصف تقريبا، وأدى ذلك إلى تراكم 12 مليار دولار من التجارة في موانئ مصر بحلول ديسمبر 2022”.

وأضافت المجلة في تقرير لها إنه في الوقت نفسه، وسط ديون خارجية تقترب من 170 مليار دولار أمريكي، وارتفاع التضخم إلى رقمين، والعجز المزمن في ميزان المدفوعات، أصبحت مصر غير صالحة هيكليا لتحمل الصدمات العالمية، وشهدت البلاد ارتفاع ديونها الخارجية إلى 35٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، مما تسبب في فجوة التمويل عند 20 مليار دولار أمريكي.

وأوضح التقرير أنه في حين أن الأمر قد يبدو كئيبا ، فقد سارع أصدقاء السيسي من دول مجلس التعاون الخليجي إلى ضخ الأموال في الدولة الأكبر من أن يسمح لها بالإفلاس ، وهو مصير يمكن القول إنه “انعكس بشكل جيد في هوامش عائدات سندات اليورو ومقايضات التخلف عن سداد الائتمان، وهو إجراء يقيم مخاطر التخلف عن السداد السيادي”.

وللسبب نفسه في أوائل عام 2023، أبرم صندوق النقد الدولي صفقة بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي، مع حكومة السيسي، التي فتحت مصادر تمويل إضافية بقيمة 14 مليار دولار من المؤسسات متعددة الأطراف، والصناديق السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي، لملء جزء كبير من فجوة الصرف الأجنبي السنوية، وإن كان هناك مبلغ كبير يبلغ متوسطه 6 مليارات دولار أمريكي سنويا لم يتم الحصول عليه بعد من استثمارات الحافظة. 

وأشار التقرير إلى أنه مع تدخل صندوق النقد الدولي، وافقت حكومة السيسي على برنامج إصلاح هيكلي يتطلب نظام سعر صرف مرن، حيث من المقرر أن يتداول الجنيه المصري ضمن الحدود اليومية مقابل الدولار الأمريكي، وترشيد الإنفاق الحكومي، خاصة في المشاريع التي تتطلب العملة الأجنبية، والأهم من ذلك أن البرنامج ينطوي على بيع حصص في الأصول المملوكة ملكية عامة، مما يمهد الطريق للقطاع الخاص للعب دور أكبر في الاقتصاد.

وفي الوقت المناسب، خططت سلطات الانقلاب، من خلال صندوقها السيادي، لطرح أسهم أولية في شركات تتراوح قيمتها بين 5 و6 مليارات دولار، ووسعت بيع أسهمها في البنوك المحلية وحيازات الحكومة إلى صناديق الاستثمار الخليجية.

وخلال الفترة المحدودة لتنفيذ هذه الإصلاحات، سجل الجنيه 32 جنيها مقابل الدولار، وحدث تدفق لاستثمارات المحافظ بقيمة 1 مليار دولار، وفقا للبنك المركزي المصري.

وتابع التقرير “في الوقت نفسه ، أشار سيتي بنك إنترناشيونال إلى نهاية محتملة لانخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي،  كما أوصى ستاندرد تشارترد في تقرير للمستثمرين، بشراء أذون خزانة مصرية، وأشار إلى عودة تدفقات المحافظ إلى سوق الدين المحلي في الأيام الأولى من يناير 2023، كما أشارت فيتش إلى قدرة القطاع المصرفي المصري على مواجهة تداعيات انخفاض قيمة الجنيه، وأن نسب الاحتياطي الإلزامي داخل البنوك المصرية قادرة على تحمل أي انخفاضات في قيمة الجنيه لأنها مدعومة بتدفقات داخلية سليمة لرؤوس الأموال”.

وأردف “في حين يبدو أن الأمور مهيأة للتعافي، فإن الآفاق على المدى الطويل قد تفتقر إلى الاستدامة،  وتحتاج حكومة السيسي إلى تسريع خططها لتحويل التوجهات نحو اقتصاد تشغيلي حقيقي قادر على تحمل الصدمات والتعامل مع أي تحديات عالمية، ومع ذلك فإن سلطات الانقلاب تمسكت ضمنيا بالرواية القائلة بأن البلاد أكبر من أن تفشل، وينطبق هذا إلى حد كبير على الأهمية الجيوسياسية للبلاد، ولكن حتى هذا له حدوده عندما يفوق ثمن الإنقاذ بكثير ثمن الفشل”.

وأكمل “روجت إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش لمبدأ “أكبر من أن يفشل” (TBTF) بشكل خاص خلال الأزمة المالية لعام 2008، وكثيرا ما استخدمت إدارة بوش هذا المصطلح لوصف سبب تدخلها لإنقاذ بعض الشركات المالية لتجنب الانهيار الاقتصادي العالمي”.

وفي كتابه “أسطورة أكبر من أن تفشل” قدم عماد موسى حججا ضد استخدام الأموال العامة لإنقاذ المؤسسات المالية الفاشلة، وفي نهاية المطاف زعم أن المؤسسة المالية الفاشلة لابد وأن يسمح لها بالإفلاس من دون خوف من نتيجة مروعة بالنسبة للبلدان ، تواجه نظرية TBTF تحديا كبيرا.

وواصل التقرير “في أغسطس 1982، لم تتمكن المكسيك من خدمة التزامات ديونها الخارجية، مما شكل بداية أزمة الديون، فبعد سنوات من تراكم الديون الخارجية، وارتفاع أسعار الفائدة العالمية والركود العالمي والانخفاض المفاجئ في قيمة البيزو، تسبب في ارتفاع فاتورة الديون الخارجية بشكل حاد، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى التخلف عن السداد”.

واستطرد “بعد ست سنوات من الإصلاح الاقتصادي في روسيا، شهدت الخصخصة واستقرار الاقتصاد الكلي بعض النجاح المحدود. ولكن في أغسطس 1998، وبعد تسجيل عامها الأول من النمو الاقتصادي الإيجابي منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، اضطرت روسيا إلى التخلف عن سداد ديونها السيادية، وخفض قيمة الروبل، وإعلان تعليق مدفوعات البنوك التجارية للدائنين الأجانب”.

وأشار التقرير إلى أنه في مصر، على الرغم من أن البلاد لا تزال تواجه عددا من التحديات، إلا أن المؤشرات لا تزال أقل إثارة للقلق نسبيا من عام 2022، حيث تشير المشاعر العالمية إلى أنه سيتم توفير الرافعة المالية على المدى القصير على الأقل، مضيفا أن اقتصاد مصر المتنوع وحجمها ونفوذها الإقليمي النسبي قد يجنب البلاد مصير لبنان، ومع ذلك ، إذا لم تحدث الإصلاحات بالسرعة الكافية ، فقد يتم استنفاد درع أكبر من أن تفشل تماما.

واختتم التقرير “من أجل تجنب سيناريو التداعيات الاقتصادية، لا بد من تقديم دعم كامل لنشاط التصنيع المحلي والسياحة في القطاع الخاص، فإن السياسات الفعالة الموجهة نحو القدرة التنافسية إلزامية، ويلزم تقديم تنازلات ضريبية وتصديرية لإطلاق العنان لأقصى إمكانات القطاع الخاص وتحويل مصر إلى حالة تأهب”.

 

https://moderndiplomacy.eu/2023/01/26/egypts-too-big-to-fail-theory-once-again-at-test/