انتهاكات بالجملة ضد 142 من النساء والأطفال خلال 2022

- ‎فيحريات

أكدت منظمة بلادي جزيرة الإنسانية أنه بعد مضي 12 عاما على ثورة 25 يناير التي تعالت خلالها الأصوات مطالبة بالانتقال الديمقراطي والعدالة الاجتماعية، إلا أن الشعب المصري لم يجن سوى التضييق المتواصل على الحقوق والحريات العامة والخاصة والقمع.

وأضافت في تقريرها  السنوي حول انتهاكات حقوق الإنسان في مصر  أن عام 2022 لم يختلف عما سبقه من حيث التضييق السياسي و أصبح اليوم من المألوف الحديث عن أساليب القمع ليكون مسار من تخوّل له أو لها نفسه أو نفسها معارضة النظام واضحا وجليا ينطلق من القبض وصولا للاحتجاز وسط غياب كلي لشروط المحاكمة العادلة مع انتهاك صارخ للحقوق وعدم الاكتراث بالقوانين الوطنية ، بما في ذلك دستور الدولة المصرية.

 

اعتقال 142 من النساء والأطفال خلال 2022

وأكد التقرير أن عام 2022 سجل أبشع مظاهر الاعتداء من ساعة القبض وصولا إلى دائرة الاحتجاز بما يحتويه من انتهاكات أولها في أغلب الأحيان الإخفاء القسري وبعد الظهور أمام النيابة والتدوير.

ورصد التقرير المعطيات الخاصة ب 123 امرأة و 23 طفلا تم القبض عليهم و إدراجهم على ذمة قضايا سياسية، أوتدويرهم عقب إخلاء سبيلهم خلال سنة 2022.

كما أكد على تواصل حملات القبض على المواطنين/ات المصريين/ات بسبب آرائهم على غرار السنوات المنصرمة وأشار إلى استمرار معاناة معتقلي الرأي  من المحاكمات الجائرة والاحتجاز في ظروف سيئة للغاية  رصدت بلادي 142 حالة قبض على نساء وأطفال خلال سنة 2022 .

 

ارتفاع معدلات الاعتقال في أكتوبر ونوفمبر 2022

وأرجع التقرير سبب ارتفاع معدل القبض على النساء والأطفال في شهري أكتوبر ونوفمبر إلى دعوات المواطنين للتظاهر في الحادي عشر من شهر نوفمبر 2022 احتجاجا على سوء الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية، حيث قوبلت هذه الدعوات بحملات أمنية استباقية من النظام، فقد رصدت بلادي القبض على 18 امرأة و 7 أطفال خلال شهر أكتوبر و 11 امرأة و4 أطفال خلال شهر نوفمبر.

وأشار التقرير إلى  أن حالات القبض في تزايد مقارنة بسنة 2021، فقد رصدت بلادي حوادث قبض في 2021 ضد 59 امرأة، 23 طفلا  بإجمالى 82  مقبوضا عليهم  ، بينما وصل العدد خلال2022 إلى 142 مقبوضا عليهم   من النساء والأطفال .

 

التهم الموجهة للنساء والأطفال

ورصدت بلادي تمحور التهم الموجهة للأطفال والنساء المقبوض عليهم هن حول ثلاث محاور رئيسية :

الأول تهم ذات طابع إلكتروني على غرار نشر أخبار كاذبة سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي  ، والثاني تهم ذات طابع سياسي على غرار التجمهر وحيازة مطبوعات ، والثالث تهم ذات طابع إرهابي على غرار الانضمام إلى جماعة إرهابية تمويلها .

 

انتهاكات بالجملة شملت كل أنواع العنف وسوء المعاملة ضد النساء والأطفال

ورصدت بلادي جملة من الانتهاكات التي تعرضت لها النساء والأطفال سواء أثناء القبض أو الاحتجاز بينها العنف الجسدي بأساليب عديدة كالضرب المبرح وخلع الملابس والإجبار على السير دون حذاء، وافتراش الأرض والإجبار على الوقوف لفترات طويلة أثناء التحقيق إضافة إلى أساليب أخرى من سوء المعاملة والتعذيب كالاحتجاز في زنزانة مكتظة تفتقر إلى التهوية الكافية والمنع من التريض.

وأشارت إلى أن أبرز مثال على ذلك الصحفية هالة فهمي بخيت دياب التي تعرضت لأغلب هذه الانتهاكات ، حيث تم تعنيفها واحتجازها في عنبر إيراد مكتظ بالسجينات ومفتقر إلى التهوية الكافية، إضافة إلى إجبارها على افتراش الأرض رغم تواجد سرير فارغ يمكنها النوم عليه وإجبارها على السير في العنبر حافية القدمين، علاوة على ذلك تم منعها من التريض لمدة شهر كامل .

إضافة إلى العنف السياسي والمؤسساتي بالاختفاء القسري، الاحتجاز التعسفي، الحرمان من الرعاية الصحية، المنع من القراءة والكتابة والذهاب إلى مكتبة السجن، التحقيق دون حضور محام  والتدوير والاحتجاز مع بالغين بالنسبة للقصر .

وذكرت أن أبرز مثال على ذلك مها حامد محمد حامد حجازي التي أدى الإهمال الصحي المتعمد إلى وفاتها بمحبسها بسجن القناطر، حيث تم القبض عليها في 12 يناير 2022 على ذمة القضية رقم 5 لسنة 2022 بتهم مفادها الانضمام لتيار الأمة، نشر أخبار كاذبة وإساءة إستخدام مواقع التواصل الاجتماعي وتعرضت للاختفاء القسري لمدة 6 أيام في ظروف غامضة بالرغم من أنها كانت تعاني من عدة أمراض تستوجب الرعاية الصحية كالشلل النصفي و ضغط الدم والسكر.

 

الاختفاء القسري

ورصدت بلادي 80 حالة إخفاء قسري بينها 65 امراة و15 طفلا من بين 146 حالة قبض تعسفي خلال عام 2022   بمعدل الاختفاء 72 يوما للمحتجزة الواحدة وبلغت أقصى مدة اختفاء خلال السنة المنصرمة 185 يوما ، وهو ما لا يدع مجالا للشك أن السلطة تخضع المحتجزين/ات للتحقيق والاستنطاق خارج كل الأطر القانونية.

وذكرت أن  أبرز مثال على ذلك نهال حسين أبو القاسم البالغة من العمر 36 أم لبنتين تم القبض عليها و زوجها في 21 مايو 2019 حيث بقيت مختفية قسريا حتى تم عرضها على التحقيق 11 ديسمبر 2022 ليتم حبسها على ذمة القضية 2365 لسنة 2022 حصر أمن الدولة العليا بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية دون فتح تحقيق في إخفائها أو التدقيق في الآجال القانونية للقبض والعرض على النيابة.

و ظلت نهال مختفية قسريا لمدة 1290 يوما لتكون أكثر مسجونة تم إخفاؤها بعد تجاوز مدة إخفائها قسريا منار عادل أبو النجا وطفلها اللذان اختفيا لمدة 714 يوما، وبهذا تؤكد السلطة السياسية أنها قادرة على النيل من أي كان دون محاسبة .

أما بالنسبة للأطفال فلم يختلف الوضع كثيرا إذ نجد الطفل خالد محمد جمعة صالح البالغ من العمر 16 سنة والمحبوس على ذمة القضية

620 لسنة 2021 حصر أمن الدولة قبض عليه في 3 ديسمبر 2019 عندما كان يبلغ 13 عاما عند عودته من المدرسة، وتم اقتياده إلى مقر الأمن الوطني بالعريش و احتجازه خارج إطار القانون حتى عانى حالة نفسية سيئة بعد سنة من الإخفاء القسري، أصيب على خلفيتها بشلل نصفي.

 وتم وضع خالد داخل المستشفى في 23 مارس 2021 وصدر قرار من نيابة أمن الدولة باحتجازه داخلها وعرضه عليها فور تماثله للشفاء، وظل محتجزا في المستشفى من 23 مارس 2021 حتى عرضه على نيابة أمن الدولة في 11 سبتمبر 2022 أي بعد عام ونصف.

 

اعتماد التعذيب وسوء المعاملة لجميع  معتقلي الرأي من النساء وألأطفال

وخلص التقرير إلى أن سلطات النظام الانقلابي في مصر اعتمدت في السنة  الماضية 2022 أسلوبها الروتيني للتعذيب وسوء المعاملة في حق المقبوض عليهم على خلفية سياسية ، كذلك المحاكمات التي تديرها هياكل الدولة بطريقة متناغمة بين محاضر الشرطة واتهامات النيابة وحكم القضاء.

وأن التشابه الذي يصل حد التطابق بين سنوات السلطة السياسية الحالية يعبر على انتهاجها مجابهة جميع الاختلافات السياسية والأيديولوجية بالحل الأمني، فعندما تجتمع السلطات في يد شخص أو جهاز واحد يكون القمع نتيجة حتمية.

وعلى الرغم من أن التشريعات الدولية والقانون المصري ينص على حتمية استقلال القضاء ، إلا أنه في الحقيقة يعيش حالة من التبعية التامة للسلطة التنفيذية ، وهذا ما يحول دون حصول أي توجه نحو بناء ديمقراطي في مصر حاليا.

كما  أن الدولة تخل بواجبها المشدد في حماية أرواح الأفراد المحرومين من حقوقهم ، وهذا ما ينشأ افتراضا بمسؤولية الدولة عن كل ما يحدث في حق المحتجزين/ات من تعذيب وإهمال طبي ووفيات داخل أماكن الإحتجاز.

 

توصيات ومناشدات 

وناشدت منظمة بلادي في ختام تقريرها السلطات المصادقة على المعاهدات الدولية المتعلقة بحماية وضمان حقوق الإنسان وتجريم الإخفاء القسري واعتباره ضربا من ضروب التعذيب وإلزام القضاة بمراقبة شرعية إجراءات القبض والمحاضر قبل الخوض فيها  وتدعيم قانون الطفل بأدوات رقابة ذات فاعلية ، والعمل على إنشاء آلية عدالة انتقالية قوامها مراجعة أحكام المحتجزين دون ارتكاب جرائم.

وشددت على ضرورة عمل الدولة المصرية على ضمان استقلالية السلط وعلوية القانون لتوفير عدالة نافذة وحقيقية وإطلاق سراح سجناء الرأي مع توفير آليات لإعادة التأهيل والاندماج في المجتمع .