مع ارتفاع الأسعار في زمن العسكر ..صحة المصريين في خطر بسبب تدوير زيت الطعام

- ‎فيتقارير

 

 

مع ارتفاع الأسعار الجنوني لجأ المصريون إلى تدوير زيت الطعام المستعمل لبيعه بأسعار رخيصة وإعادة استخدامه رغم خطورته الكبيرة على الصحة ، وهو ما يهدد بانتشار السرطانات وأمراض الكبد والكلى بين المواطنين في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي.

وقد انتشرت خلال الآونة الأخيرة، تجارة الزيت المستعمل، حيث يتجول الباعة الجائلون في الشوارع ويحصلون على هذه الزيوت من الأهالي بنحو 20 جنيها للكليو ، وهو ما يثير المخاوف من إعادة تسويقها للمطاعم ، ما ينذر بخطر جسيم يهدد صحة المواطنين.

 

يشار إلى أن مصر تنتج نحو ٣٪ من احتياجاتها من زيوت الطعام سنويا، بينما تستورد الـ٩٧٪ المتبقية، وتشكل زيوت الطعام نسبة ٦٥٪ من الاستهلاك ٧٣٪، منها زيت بذرة القطن وفول الصويا، و١٣٪ زيت الذرة، و١٤٪ زيت دوار الشمس، و٧.٧٪ من استهلاك الزيوت يذهب لصناعة الشوكولاتة والبسكويت.

ويقدر متوسط استهلاك الفرد في مصر من الزيوت بـ ٢٠ كيلوجراما في السنة، وهو ما يقل عن المتوسط العالمي البالغ ٣٢ كيلوجرام.

 

الكبد والكلى

 

من جانبها حذرت الدكتورة نادية حمدي رئيس قسم الكيمياء الحيوية بجامعة عين شمس، من التعامل في تجارة الزيوت المستعملة وعدم التأكد من مصدر الزيوت التي يتم جمعها سواء من المنازل أو المطاعم ، وما إذا كانت تصلح للاستخدام  أم لا .

وكشفت د. نادية حمدي في تصريحات صحفية عن ظهور ورش تقوم بتعبئة الزيوت بعد تدويرها داخل عبوات جديدة للمستهلك، مؤكدة أن هذا له أثارا ضارة على الصحة خاصة على الكبد والكلى.

واوضحت أن استخدام الزيوت المحترقة في صناعة المواد الصلبة والصابون يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، ويجب أن يقتصر استخدامه على الوظائف الصناعية غير البشرية تحت إشراف وزارة البيئة وجهات البحث العلمي، مطالبة الجهات الرقابية بوضع  الضوابط اللازمة على تجميع الزيوت المستعملة حتى لا تتضرر البنية التحتية ويكلف ذلك ميزانية الدولة ملايين طائلة.

وطالبت د. نادية حمدي بإيجاد بنية تحتية تشريعية واجتماعية تسمح باستثمار أكبر لثروة الزيت المستعمل المهدرة، وسط المزاحمة والمنافسة التي يشهدها هذا النشاط مشددة على ضرورة التوصل إلى حلول مؤسسية له بدلا من إلقائه في الصرف الصحي أو بيعه وإعادة تدويره.

 

تغيرات كيميائية

 

وأكد الدكتور محمد عز العرب أستاذ الأمراض الباطنة بالمعهد القومي للكبد، أن إعادة تدوير زيت الطعام بعد استخدامه مرة أخرى ضار للغاية بالصحة بسبب التغيرات الكيميائية التي تحدث نتيجة كسر روابطه طوال فترة الغليان ثم تحلل المادة الغذائية فيه التي ينتج عنها عملية تأكسد ، ويتكون منها مجموعة من الشوائب المضرة ويتسبب استخدامه المتكرر في تلفه نتيجة التعرض لعنصر الضوء والأكسجين  في وقت القلي، وبالتالي يتم تعديل خواصه من حيث اللون والطعم والرائحة وبذلك يصبح غير صالح للاستعمال مرة أخرى.

وقال عز العرب في تصريحات صحفية إن “استخدام زيوت الطعام أكثر من مرة يزيد من احتمالات ارتفاع الخلايا السرطانية داخل الجسم، وكذلك سرطان القولون والغدة والقناة الهضمية والبطن، كما أن تلك الزيوت ترفع نسبة الكوليسترول في الدم، وتكون الدهون الثلاثية الضارة التي تعمل على ارتفاع ضغط الدم وإنزيمات الكبد ، مما يؤدي إلى تصلب في الشرايين وحدوث جلطات.

وحذر من أن بعض المصانع والمطاعم تستخدم الزيت مرة واحدة لكنها تعرضه لدرجة حرارة تزيد على ٢٠٠ درجة، مما يؤثر أيضا على الكلى والكبد.

 

اللون الذهبي

 

وقال أحمد عوض مهندس بشركة كيماويات، إن “الأزمة الحقيقية تكمن في وجود مواد قد تعيد لون الزيوت المستعملة إلى حالتها قبل استخدامها مرة أخرى، ويشار إليها بـ “تراب التبيض” أو بـ “سيليكات الأمونيوم” وتحمل اسم  super one ثم تأتي مرحلة استخدام آلة التنقية “ماكينة التكرير” التي تعيد شكل الزيت مرة أخرى إلى اللون الذهبي وتعتبر هذه المرحلة الأكثر خطورة على صحة الإنسان”.

وأضاف “عوض” في تصريحات صحفية ، أن الزيوت المقلية لمرة واحدة تمثل جملة من المشاكل التي تهدد صحة الإنسان ، فما بالك بالزيوت المستعملة التي تدخل في جميع الأطعمة المنزلية التي يتم تجهيزها، أو التي تطهي خارج المنزل وتعرف بـ الوجبات الجاهزة؟.

وأشار إلى أن استهلاك الإنسان من المقليات يرتفع يوميا بسبب متطلبات الحياة والعمل خارج المنزل ، مما يمثل خطرا على الكبد والجهاز الهضمي، إضافة إلى تخزين السموم في أماكن تخزين الدهون.

 

مشروع مربح

 

وأكد  ناصر المحمدي عامل في مصنع صغير لتدوير الزيوت المستعملة، أن مشروع  تدوير زيت الطعام المستخدم وتحويله إلى وقود حيوي عن طريق ماكينة يتراوح ثمنها بين ١٥ و ٢٠ ألف جنيه، مشروع مربح جدا.

وقال المحمدي في تصريحات صحفية إن “20 كيلوجراما من الزيت تنتج ١٨ لترا من الوقود الحيوي؛ ناصحا الشباب بالحصول علي التراخيص اللازمة وإنشاء مثل هذه المشاريع لأنها مربحة”.

وكشف أن زيوت الطعام المستعملة التي يتم تدويرها تستخدم في العديد من المنتجات، وبعد مرحلة التدوير يتم بيع زيت الوقود الحيوي بأكثر من 50 جنيها للتر الواحد، بالإضافة إلى استخدامه في صناعة الجلسرين والصابون، وأيضا في معظم منتجات مستحضرات التجميل، مما يؤكد أنه مشروع مربح.

وأوضح “المحمدي” أن كميات الزيت المستعمل التي تخرج من البيوت الآن ضئيلة جدا علي عكس الفترات السابقة بسبب ارتفاع أسعار زيوت الطعام في الأسواق ما يجعل ربة المنزل حريصة علي استخدام الزيت بطرق مبتكرة بحيث تجعل الفائض منه بعد عمليات القلي لا يكاد يذكر.

وأشار إلى أن مطاعم الوجبات الجاهزة واللحوم أكثر الأماكن التي نجمع منها حاليا بسبب استحالة استخدام زيوت الطعام في تلك الوجبات أكثر من مرة، لأنها تتسبب في تغير طعمها بعكس محلات الفول والفلافل فيمكنها تدوير الزيت بنفسها باستخدام القطن الأبيض.