بطريقتين فضحت دوائر إعلامية إماراتية طلب المنقلب عبدالفتاح السيسي من أبوظبي التوسط لدى ولي العهد السعودي الحاكم الفعلي في المملكة لمواصلة إمداد الانقلاب بالمنح والقروض التي يحولها مباشرة على "الملاذات الآمنة" في أوروبا وأمريكا، ولا يستفيد منها المصريون، بحسب تقديرات لسفيرة الولايات المتحدة السابقة في مصر آن باترسون.
صحيفة العرب
وكانت الطريقة الأولى لإظهار الفضيحة، تقرير نشرته صحيفة العرب الصادرة في لندن والممولة إماراتيا، قالت إن "السيسي ندب الإمارات للوساطة في تهدئة خواطر السعودية بشأن المساعدات، مدعية أن السيسي يثق بقدرة أبوظبي على التوصل إلى حل لهذه الأزمة مع السعودية لمتانة العلاقة بين قيادتي البلدين".
واعتبرت صحيفة العرب، أن مقصود حديث السيسي عن متانة العلاقات المصرية الخليجية كان الهدف منه تهدئة الخواطر مع السعودية بعد صدور انتقادات في الإعلام المصري لموقفها القاضي بوقف تقديم المساعدات بالشكل التقليدي القائم على الهبات.
وقالت "العرب" إن "أبوظبي تسعى لتطويق تداعيات هذا الأمر الطارئ على العلاقات بين القاهرة ودول الخليج، منبهة إلى أن الإمارات تدرك خطورة حدوث تباعد بين مصر والسعودية، أو أن تترك الأمور لتصيدات الإعلاميين من هذا الطرف أو ذاك، وهو ما قد يقود إلى توتر في غير صالح المنطقة".
هبات ومساعدات
وأوضحت الصحيفة أن عبدالفتاح السيسي كان مدركا خلال حديثه في فعاليات القمة لواقع التعاطي الإعلامي في بلاده مع قضية المساعدات، موضحة أنه حاول خلال مداخلته إلى نفي أي علاقة رسمية بهذه الهجمة الإعلامية على السعودية، واعتبارها تصرفات فردية معزولة تماما عن توجه الدولة.
ولفتت إلى أن السيسي أمام القمة في جلسة حضرها كل من رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن "أول ما أسلط الضوء عليه هو الدعم الذي تلقيته من أشقائنا، وإن كل ما قلته لم يكن ليكون ممكنا لولا الدعم الذي تلقيناه".
مصدر دبوماسي
ونقلت الصحيفة عن مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير جمال بيومي حديثا عن هدف مشاركة السيسي في القمة العالمية للحكومات، وكونها جاءت في إطار ما يمكن وصفه بـالترضية لدول الخليج بعد الزوبعة الإعلامية الأخيرة، وحرصه على أن يكون هناك تقدير رسمي من رأس الدولة للمواقف الخليجية السابقة تجاه مصر.
وأشار بيومي أن السيسي سعى لوضع نقطة نهاية مناسبة للجدل الذي أثير حول قضية المساعدات الخليجية واستهدف أيضا التأكيد على حجم التعاون بين مصر ودول الخليج مستقبلا، وأن القاهرة لديها مصالح إستراتيجية يجب ترسيخها، وبعث برسائل مفادها أن علاقة مصر بدول الخليج أكبر من مجرد مقالات أو أقلام تحدثت عنها بشكل سلبي.
مستشار بن زايد
الطريقة الثانية لكشف أسباب حرص السيسي على حضور القمة العالمية للحكومات بدبي، ما كتبه الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله مستشار محمد بن زايد الذي ركز على تصريحات السيسي التي تحدث فيها عن دعم أبوظبي لبلاده وأثارت تفاعلا واسعا ولم تخلُ من السخرية.
وانتهز عبدالخالق عبدالله المقرب من رئيس الإمارات محمد بن زايد، تصريحات عبدالفتاح السيسي عن حماية أبوظبي لبلاده من السقوط، فكتب عبر نافذة "تويتر" "ليطمئن الأشقاء في مصر، لو لم يكن لدى الإمارات سوى دولار واحد سوف تتقاسمه مع مصر، كما أوصى بذلك الأب المؤسس زايد طيب الله ثراه".
وأضاف “استقرار أم الدنيا وازدهارها هو من ازدهار واستقرار الإمارات، وعندما تكون مصر مشرقة تكون الإمارات مشرقة، هكذا كانت وهكذا ستظل العلاقة أبدية بين مصر والإمارات”.
وقال الصحفي محمد طلبة رضوان معلقا "لا علاقة لمصر أو أشقائكم فيها، محمد بن زايد يدعم عبد الفتاح السيسي كي لا تقوم قائمة لمصر".
الكاشفة المخزية
وكان السيسي قال إن "الدعم الذي قدمته دولة الإمارات ممثلة برئيسها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان شكّل نقطة مضيئة لبلاده في السنوات الأخيرة، وساعدها في تجاوز الأوقات الصعبة".
وصرح السيسي بأن هناك نقطتين مضيئتين في تاريخ مصر خلال السنوات الأخيرة، والأولى هي دعم الأشقاء العرب، الذي نظمه الشيخ محمد بن زايد.
وأشار السيسي إلى أنه بعد بيان 3 يوليو 2013 الذي تلاه، علم بأن الشيخ محمد بن زايد وكان حينها ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات سيزور مصر، وسيراه للمرة الأولى.
وأضاف السيسي أن المصريين في ذلك الوقت كانوا يعيشون أوضاعا صعبة، فقد كانوا يقفون بالطوابير على محطات الوقود، وتعاني البلاد من شح شديد في المحروقات.
ولفت إلى أن الشيخ محمد بن زايد جاء إلى مصر على رأس وفد من الإمارات، وكان يعرف تماما ما الذي تحتاجه هذه البلاد، حتى إنه لم تكن هناك حاجة لإبلاغه بها، فق روايته.
وذكر السيسي أن الشيخ محمد بن زايد أمر بتوجيه السفن المحملة بالوقود في البحرين الأحمر والمتوسط إلى مصر، وعلى متنها غاز الطبخ والغاز والسولار والبنزين.
وقال السيسي إن "محمد بن زايد قاد مع من سماهم الأشقاء الدعم الذي قدم لاحقا إلى مصر، ولولاه لما كان بإمكان بلاده أن تجتاز تلك المرحلة الصعبة أبدا".
وفي تلك المرحلة، زعم السيسي أن الاحتياطي النقدي كان تحديا لمصر بعد 2011، إذ استنزف في جلب المواد البترولية وشارف على النفاد، فلم يعد يكفي لشراء بقية السلع الأساسية.
وقال السيسي “لولا وقوف الأشقاء في الإمارات والسعودية والكويت لما كانت مصر وقفت تاني”.
100 مليار دولار
وتشير أوضاع المصريين إلى أن تقديرات الأمريكان أن 93 مليار دولار التي رصدتها "باترسون" أو 100 مليار دولار التي رصدها آخرون قادمة للسيسي من الدول الخليجية التي ذكرها لم تذهب إلى القاهرة عبر ودائع البنك المركزي ومساعدات الوقود فقط بل ذهب أغلبها إلى الملاذات الآمنة في الخارج والتي كانت الإمارات منذ عهد المخلوع مبارك ملاذا آمنا لأموال مبارك وأولاده ومحطة غسيل أموال للقذرين العرب وأبناء مبارك منهم وقضية بنات عمر سليمان التي تطالب بعودة ما بين 5 و7 مليارات دولار من بنوك الإمارات ما زال حبر أخبارها لم يجف.
ولما اتسع الرقع على الراقع، وانهالت التقارير الغربية وتحذيرات الخبراء الغربيين من خطورة تمويل السيسي ووصفته الإيكونومميست ب"غربال"، قالت السعودية والكويت بشكل غير مباشر ومباشر أيضا إنهما "تريدان رؤية المزيد من الإصلاحات من الدول التي تتلقى مساعداتها، وإنها ستتوقف عن منح المساعدات بشكلها التقليدي، وهو مسار من شأنه أن يؤثر على مصر التي تتعرض لضغوط من صندوق النقد الدولي لتنفيذ إصلاحات واسعة".
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في يناير "اعتدنا تقديم المنح والودائع المباشرة دون قيود ونقوم بتغيير ذلك. نحن في حاجة إلى رؤية الإصلاحات، نحن نفرض ضرائب على شعبنا، نتوقع أيضا من الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه، ليبذلوا جهودهم، نريد المساعدة ولكننا نريدك أيضا أن تقوم بدورك".
وارتفعت الأصوات من داخل مجلس الأمة الكويتي مطالبة الحكومة بضرورة وضع حد للدعم المقدم إلى مصر والالتفات إلى الداخل، وطالب نواب الكويت بإعادة النظر في إعطاء القروض بلا مقابل، فضلا عن مراجعة الأعمال الإنسانية البحتة التي لا تحتوي على أي أجندة.
كف بكف
ويتعامل العسكر الحاكمون في مصر بمنطق العصابات، فطلبوا على وجه السرعة، من رئيس تحرير صحيفة “الجمهورية” الحكومية في مصر “عبدالرازق توفيق“ إعداد وصلة ردح شعبية بوجه رسائل الانتقاد من تركي الحمد وخالد الدخيل ومحمد الجدعان وكتاب سعوديين لهيمنة الجيش على الاقتصاد.
وأعتبر “عبدالرزاق” أن الانتقادات حقد من الحفاة العراة على نجاحات مصر، والغيرة من الجيش المصري قائلا إنها “لن تبقى دقيقة واحدة إذا أصاب مصر مكروه”، ووصف المنتقدين بـ"السفلة"و"الأقزام".
وهدد أن عدم "دفع الجزية عن يد وهم صاغرون" سيكلفهم الاستقرار ومظاهر العلو الخليجي فقال وإن "كانت مصر تترفع عن الصغائر وممارسات الأقزام والصغار، لكنها لن تقبل بضغوط وابتزاز يدفع المنطقة إلى أتون الصراعات وتتلاشى معه كل مظاهر الأمن والاستقرار"، منافحا عن جيش البتلو والجمبري المتطاولين والمتبجحين السفلة والأقزام الذين لا يدركون قيمة وعظمة وشموخ الجيش المصري العظيم وتاريخه وحاضره ومستقبله".
المثير للدهشة أن الكاتب حذف مقاله من الموقع الإلكتروني للصحيفة، وأنه جزء من تدخلات أبوظبي لحلحلة السباب والقذف بعد استعراض ما يمكن تقديمه وسبق تقديمه عندما ضنت الرياض بحصة الدعم البترولي للسيسي في 2016.