استهلاكاً للوقت وضياعا لحق المصريين في شريان الحياة، لا يزال السفاح السيسي، يمنح اثيوبيا الفرصة تلو الأخرى للانفراد بنهر النيل، وأخيرا تفتق ذهنه عن استغلال مسألة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، بزعم أهمية إيجاد حل يسهم في تقليل تحرك ونزوح المواطنين من أفريقيا إلى أوروبا، أملًا في مستقبل أفضل وحياة أفضل، وذلك من خلال توفير فرص عمل وإقامة مشروعات داخل الدول الأفريقية بحب هذه المسألة.
وأضاف السفاح السيسي، في كلمته بالمؤتمر الصحفي الذي جمعه برئيسة وزراء الدنمارك أمس، أنّه من الضروري إيجاد حلول سريعة دون التدخل في شئون الدول، مشيرًا إلى أنَّه لابد من إيجاد حلول للأزمة الروسية الأوكرانية تسهم في خفض التوتر لما لها من تداعيات كبيرة على الأمن والاستقرار في منطقتنا والعالم بأكمله.
الثورة السبب..!
وقال السفاح السيسي أنَّه نادى في مؤتمر قمة المناخ، بسرعة وضرورة إنهاء الأزمة الروسية الأوكرانية لتلافي تداعيتها على العالم بأكمله، موضحًا: “وجدنا توافقا وتفاهما من رئيسة وزراء الدنمارك حول أهمية الوصول لحل قانوني أو اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد مع الأشقاء في إثيوبيا”.
ومع كل تأزم جديد لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي، يعود السفاح السيسي إلى نغمة تجديد الاتهامات لثورة يناير 2011 بالتسبب في الأزمة التي باتت تهدد مستقبل مصر وأمنها القومي.
وكلما ربط السفاح السيسي بين الثورة وسد النهضة، رد معارضون ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي باتهامه بالتفريط في حقوق مصر المائية ومنح السد الإثيوبي قبلة الحياة، عبر توقيعه اتفاقية المبادئ عام 2015 مع السودان وإثيوبيا، وهي الاتفاقية التي تتمسك بها أديس أبابا حتى اليوم وترفض المقترحات المصرية والسودانية التي تخالفها، بحسب الوصف الإثيوبي.
آخر الاتهامات التي وجهها السفاح السيسي لثورة يناير، قال إن قلقه على مياه النيل بدأ منذ عام 2011 وبالتحديد يوم 25 يناير، وهو اليوم الذي انطلقت فيه الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك بعد 30 عاما قضاها في السلطة.
وعادة ما يربط السفاح السيسي بين ثورة يناير وبين سد النهضة، لكن الاتهام الأكثر وضوحا جاء في سبتمبر عام 2019 خلال إحدى مؤتمرات الشباب، حيث أعلن بوضوح أنه لولا ما جرى في عام 2011، ما أقدمت إثيوبيا على بناء سد النهضة.
إسرائيل والنيل
ولا يخفي على أحد ان إثيوبيا رفضت الإشارة لنقل المياه لكيان العدو الصهيوني في عهد السادات بعد اتفاقية السلام بين العسكر والكيان في 1979 أواخر حكم السادات بسبب رغبة السادات في إنشاء تفريعة للنيل تنقل المياه إلى سيناء ثم الكيان، وبدأ التوتر مع إثيوبيا بعد حرب 1973 حين أعلن السادات في أحد خطاباته أنه سوف يعمل على إنشاء بئر زمزم جديد لإسرائيل من مياه النيل دعماً لاتفاقية السلام، بحسب السفير المصري السابق روبير إسكندر في إثيوبيا.
وهنا يمكن القول إن كيان العدو الصهيوني بدأت تنتبه لأهمية الدور الافريقي الذي كان داعما لفلسطين ومصر وموقف إثيوبيا تحديدا في مسألة المياه وبدأ التخطيط منذ بداية 1992 في حكم زيناوي لتحقيق تقارب مع إثيوبيا من أجل الضغط على مصر في ملف المياه والسدود خاصة مع وجود دراسة من مكتب الإصلاح الأمريكي التابع لوزارة الخارجية الذي اقترح بناء 26 سد لأثيوبيا نكاية في مصر التي بنت السد العالي دون الرجوع للولايات المتحدة وبمساعدة الاتحاد السوفيتي.
الأخطر هو طول هذه المفاوضات بدون أن يجني المصريون شيئا وفي نفس الوقت يسير السد نحو الاكتمال بل إن العجيب هو اتفاقية المبادئ التي وقع عليها السفاح السيسي بدون الرجوع للخبراء المصريين مما أعطى إثيوبيا القدرة على إعادة تمويل السد وتحديدا بعد تصريحات رئيس وزراء الصهيوني الأسبق شيمون بيريز إن على مصر ألا تحارب إثيوبيا بسبب سد النهضة، وإن كيان العدو ستعوّضها، وتساعد مصر في استخدام المياه مما يؤكد الدور الصهيوني في المياه.