صاحب “حبيبتي بلادي” و”ملحمة الدعوة”.. الموت يغيب “أبو مازن” منشد الصحوة الإسلامية

- ‎فيلن ننسى

غيب الموت، اليوم الأربعاء 15 مارس 2023، المنشد الإسلامي المعروف ورائد النشيد الإسلامي رضوان خليل عنان، الذي عرفه العالم العربي باسم "أبو مازن" منذ السبعينات التي انطلق فيها صوته صادحا بروائعه التي خلدها عبر "شريط تسجيل بدائي" ومنها: حبيبتي بلادي.. مصعب بن عمير.. أرملة الشهيد تهدهد طفلها.. اليوم عيد.. ملكنا هذه الدنيا القرونا.. مسلمون.. أخي أنت حر وراء السدود.

 

تلك الأناشيد التي انطلقت من حنجرة أبي مازن واستقرت في وجدان شباب العالم الإسلامي الذين تلقفوا تلك الكلمات القوية والألحان المتميزة والإحساس الصادق؛ لتمثل لهم دافعا قويا للعمل الدعوي وزادا على الطريق وحداء في المناسبات.

 

لم يكن "أبو مازن" مجرد منشد يصدح بالأناشيد؛ بل كان رائدا لذلك الفن الإسلامي الذي لم يتمكن غيره من اللحاق به في ذلك المضمار رغم كل محاولات التقليد والاقتباس.

ورغم الغموض الذي اكتنف حياته، منذ أن استمع الناس إلى صوته وحتى عام 2002 لم يكن أحد يعلم الشخصية الحقيقية لصاحب الصوت الملائكي ولا جنسيته ولا قصته، بل كان الاعتقاد السائد أنه حافظ الأسد قطع لسانه بسبب أناشيده القوية؛ إلى أن اكتشف محررو جريدة "آفاق عربية" ذلك الكنز الذي كان يريد أن يبقى في الظل بعيدا عن الأضواء، وليعلم الناس، عبر الحوار الذي أجرته معه الصحيفة، أن أبا مازن هو المهندس رضوان عنان، الذي ترك سوريا هربا من نظام الأسد واستقر في مصر منذ زمن بعيد دون علم الملايين من جمهوره في مصر الذين تربوا على صوته وعشقوا ألحانه وقلدوا أسلوبه في النشيد.

 

غياب طويل

ولد "أبو مازن" في دمشق يوم 10 فبراير 1952، وتربى في المساجد، وتأثر ببيئة الدعوة الإسلامية في ستينات القرن الماضي.

تخرج في كلية العلوم قسم الفيزياء والرياضيات، وكان يتمنى أن يعمل مربياً ومعلما، ثم خرج من سوريا إلى مصر عام ١٩٨٧ م، ويمتلك مصنعاً كان يقضي فيه معظم وقته، ورُزق بأربعة من البنات.

سجّل تسعة أشرطة خلال أقل من ثلاث سنوات متتالية، وانتهى من تسجيل هذه المجموعة عام ١٩٧٠م، وكان عمره وقتها ١٨ عاما (في الثانوية العامة).

وغاب "رضوان" عن الإنشاد غيابا طويلا وصمت بشكل جعله نهبا للشائعات والأساطير عن قطع لسانه واستشهاده.

وبرر غيابه بأنه ليس لديه جديد ليقدمه ولا يحب الظهور والبروز ويعتبر ذلك منافيا للإخلاص، مشيرا إلى أنه أدى رسالته على النحو اللائق، "وفي عام ٢٠٠٦ أصدر شريطه العاشر بعنوان: "لا تحزني".

 

الانتقاء الجيد

ويشير مراقبون إلى أن "أناشيد أبي مازن تتميز بالانتقاء الجيد للكلمات، وأن كثيرا من كبار الشعراء ما عرفهم شباب الصحوة إلا بعد أن استمعوا أشعارهم في شرائط أبي مازن مثل محمد إقبال، وسيد قطب، وهاشم الرفاعي، ويوسف العظم، ومصطفي حمام، ويوسف القرضاوي وغيرهم.

انتشرت هذه الشرائط انتشارا واسعا، رغم جودتها الفنية المتواضعة، وأثرت كثيرا في شباب الدعوة ورجالها، وما زالت تنبض بالحياة حتى الآن، رغم أنها سُجلت في (المسجد) وليس في ستوديو مخصص وعلى أيدي شباب في سن الـ ١٨ وليس على أيدي متخصصين.

 

في المسجد

وعن البداية يقول "أبو مازن" في لقاء معه: "البداية كانت في المسجد؛ كنا نشارك في بعض الأناشيد حتى رشحني بعض الأخوة لأنشد بمفردي، وكان لي صديق ونحن في الصف الأول الثانوي فأحضر آلة تسجيل -وكانت تلك الأجهزة نادرة في تلك الأيام- فشجعني أن أسجل في حجرة مغلقة، وكان أول نشيد (أخي أنت حر) لسيد قطب.

ولم نسجل النشيد كله؛ فقد سجلت مذهبًا و (كوبليه) واحد، واحتفظنا به، ولاحظت أنه بدأ يتداول، فأعطانا ذلك حافزًا قويًّا، وكبر الموضوع.

وأحضرنا آلة تسجيل (بَكَر) كبيرة، وجمعنا الكورال من الأخوة في المسجد حتى تمّت القصائد، ثم بعد أن انتهينا من الأناشيد كلها قسمناها على الكاسيت، فخرجت في تسعة شرائط استغرق تسجيلها من سنتين إلى ثلاثة.

 

صوت الدعوة

وعلى "فيسبوك" يقول أبو إسلام منير: توفّي اليوم المنشد السوريّ أبو مازن.. كان صوتا من أصوات الدعوة في ثمانينيات القرن الماضي..

ذا صوت هادي ناعم حزين متأمّل..

كانت أناشيده تحاكي وترافق الصحوة وتحدياتها وآمالَها وآلامها..

لا أحد ممّن عاش في كنف الحلقات التربوية والمخيمات يومئذ لا يعرفه أو لم يسمعه..

جيل كامل سمع وتأثّر بأناشيد:

اليوم عيد

الليل ولى لن يعود

ملحمة الدعوة

أم الشهيد تهدهد طفلها

أخي أنت حرّ

وغيرها من الأناشيد..

رحمه الله وغفر له".

 

أناشيد السجون والمعتقلات

ودارت معظم أناشيد "أبو مازن" حول السجون والمعتقلات والمشانق والجهاديات، وقد كانت تُنشد بألحان حزينة تناسب الأجواء التي يعيشها السجناء تحت أقبية السجون الحالكة، وتحت سياط السجانين، وتأوهات المعذبين. ويمكن أن نصف أشرطة المنشد أبي مازن بأنها نشيد أدب السجون والمعتقلات والمشانق.

وكتب عنه عبد الله زنجير رحمه الله: "أبو مازن ( رضوان خليل عنان ) قيثارة النشيد الأحلى و الأعتق .. كلماتك و ألحانك اختلطت بنبض قلوبنا وامتزجت برفيف أرواحنا".

كما كتب الدكتور ياسر تيسير العيتي: "رحم الله المنشد (أبو مازن) نشأنا على أناشيده الصادقة التي زرعت فيها الإيمان والعنفوان في احلك أوقات سورية في الثمانينيّات".

 

 

أعمال المنشد أبو مازن

https://youtube.com/playlist?list=PLJAvtxYk3Ev1x6OEZjBVx1HtFrKwV75f8