“المونيتور” ارتفاع أسعار المواد الغذائية غيّر عادات المصريين في رمضان

- ‎فيأخبار

نشر موقع "المونيتور" تقريرا سلط خلاله الضوء على الأزمة الاقتصادية في مصر، وارتفاع أسعار السلع الأساسية وتداعياته على عادات المصريين خلال شهر رمضان الكريم.

وبحسب التقرير، لم تعد الحياة كما هي بالنسبة لتاجر الماشية بهاء محمود، عندما اقترب شهر رمضان المبارك في السنوات السابقة، جمع محمود كميات كبيرة من الطعام استعدادا لإفطاره الخيري بعد يوم من الصيام من شروق الشمس إلى غروبها .

وقال الموقع إن "محمود كان ينصب خيمة خارج متجره في محافظة الجيزة، ويضع عشرات الكراسي حول الطاولات داخل الخيمة مضاءة بأضواء ملونة وينتظر وصول الفقراء وإفطارهم".

ونقل الموقع عن محمود قوله إن "هذه الإفطارات الخيرية وفرت للناس الراحة من فقرهم خلال شهر رمضان، كان العديد من القادمين يطلبون وجبات جاهزة لأطفالهم وأفراد أسرهم في المنزل".

كانت وجبات الإفطار الخيرية وهي سمة أساسية لشهر رمضان في مصر ذات الأغلبية المسلمة، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، طريقة محمود لإرضاء الله خلال أقدس شهر في السنة بالنسبة للمسلمين. 

يتم تنظيم الإفطار من قبل الأغنياء للفقراء في الأماكن العامة ، لجذب المارة والمحتاجين، إنها رمز للتضامن بين الأغنياء والفقراء في وقت من السنة يضطر فيه المسلمون إلى الامتناع عن الأكل والشرب من الفجر حتى الغسق.

واعتاد محمود على الاعتزاز بهذه التجربة كل عام، حيث تبرع بالموارد المالية اللازمة لتنظيم الإفطار مع بعض زملائه التجار، لكن هذا العام، يحرمه الارتفاع الشديد في أسعار المواد الغذائية من هذه التجربة.

وقال محمود "سأحتاج إلى ثلاثة أضعاف المال لتنظيم نفس الإفطار هذا العام، هذا أكبر بكثير من قدراتي وقدرات كل من أعرفه، يغير ارتفاع أسعار المواد الغذائية عادات معظم المصريين، وخاصة الفقراء وأفراد الطبقة الوسطى".

شهر رمضان هو شهر الصيام، ولكنه أيضا شهر استهلاك غذائي كثيف، في الماضي، رحب المصريون بشهر رمضان من خلال تخزين كميات كبيرة من الأطعمة والمشروبات، والتي شكلت زيادة ملحوظة في استهلاك الغذاء خلال الشهر التاسع من التقويم الإسلامي، وبالتالي زيادة في الإنفاق على المواد الغذائية.

ربما كانت هذه الزيادة في الإنفاق هي السبب في أن عبد الفتاح السيسي نصح المصريين في مارس 2022 بالاقتصاد في استهلاك الغذاء خلال شهر رمضان.

ويبدو أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية سينجح هذا العام حيث فشلت نصيحة السيسي العام الماضي.

ومع قدوم شهر الصيام، يجد المصريون أنفسهم في وضع اقتصادي مختلف عن السنوات السابقة، حيث يواجه الكثيرون منهم انعدام الأمن الغذائي.

وقالت سلمى سيد، وهي أم لطفلين، ل "المونيتور"  "أنا مضطرة للتخلي عن معظم الأشياء التي كنت أشتريها استعدادا لهذا الشهر، لا أحد في أي مكان في هذا البلد يمكنه التعامل مع هذه الأسعار".

لم تشتر سلمى، وهي موظفة مركز اتصال يبلغ دخلها الشهري 4000 جنيه مصري (حوالي 133 دولارا)، المكسرات والفواكه المجففة هذا العام كما فعلت في السنوات السابقة، كما أنها تخطط للالتزام بالأساسيات عندما يبدأ شهر رمضان حتى نهاية الشهر.

وقالت سلمى "سنتخلى عن جميع أنواع البروتينات الحيوانية، أشعر بخوف حقيقي من أنني لا أستطيع توفير الطعام لأطفالي إذا نفد راتبي قبل نهاية الشهر".

تضاعفت أسعار المواد الغذائية تقريبا في مصر منذ مارس 2022 وقفز سعر اللحم البقري إلى 280 جنيها مصريا (9 دولارات) للكيلو من 180 جنيها (حوالي 5.80 دولار) في مارس من العام الماضي، وارتفع سعر الدجاج منزوع العظم إلى 170 جنيها مصريا (5.50 دولار) للكيلو من 70 جنيها (2.30 دولار) للكيلو في الشهر نفسه.

تسببت حرب روسيا على أوكرانيا في ارتفاع حاد في أسعار السلع والمواد الغذائية في السوق الدولية، بما في ذلك مصر التي تعتمد على الاستيراد والتي تضررت بشدة.

تستورد مصر الغالبية العظمى من غذائها من السوق الدولية، بما في ذلك القمح والذرة وزيوت الطهي وعلف الحيوانات.

وقال خالد الشافعي، رئيس مركز كابيتال للدراسات الاقتصادية المحلي، ل"المونيتور"  "أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق الدولية إلى زيادة الضغوط على احتياطيات العملات الأجنبية، مصر في حاجة ماسة إلى إنتاج بدائل لهذه الواردات للحد من هذا الضغط".

وبصرف النظر عن الاضطرار إلى دفع المزيد مقابل وارداتها، اضطرت حكومة السيسي أيضا إلى خفض قيمة عملتها الوطنية عدة مرات في العام الماضي، مما جعل الجنيه يفقد أكثر من 50٪ من قيمته.

أدى انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى جعل أسعار السلع تلقي بظلالها على الأموال الموجودة في محافظ الناس، بغض النظر عن مقدارها.

وقال مجدي توفيق، نائب رئيس قسم الأعشاب في الغرفة التجارية بالقاهرة، ل"المونيتور" "تسبب ارتفاع الأسعار في تباطؤ كبير في أنشطة السوق، الناس إما يشترون كميات أقل، مقارنة بالسنوات الماضية، أو لا يشترون أي شيء على الإطلاق.".

هذا الركود واضح في السيدة زينب، وتحتوي هذه المنطقة على بعض أقدم المساجد في البلاد، بما في ذلك مسجد السيدة زينب، حفيدة النبي محمد الذي يعود تاريخه إلى قرون، وتتحول إلى سوق في الهواء الطلق للمنتجات المتعلقة بشهر رمضان قبل أسابيع من بدء الشهر الإسلامي.

على الأرصفة ، تعرض متاجر الأعشاب المكسرات المجففة الملونة والتمر والفواكه أسفل الفوانيس الملونة المصنوعة محليا والمستوردة، يفرك المارة أكتافهم وينظرون ، لكن القليل منهم يستطيع شراء الأواني المعروضة.

رفع رجل حاجبيه في حالة صدمة، عندما أخبره بائع مكسرات وفواكه مجففة أن كيلو الكاجو يباع ب 500 جنيه مصري 16.30 دولار.

وسأل وهو يدير ظهره للبائع، هل يمكن لأي شخص أن يصدق هذا، يمكنك شراء ربع كيلو إذا أردت، أجاب البائع، فيما واصل الرجل المشي.

وقال البائع أحمد علي إنه "لن يدعو إخوته وأخواته إلى منزله لتناول الإفطار هذا العام، لأول مرة منذ سنوات عديدة".

وقال علي للمونيتور، "كنت أدعوهم مرة أو مرتين خلال شهر رمضان، وكانت هذه دائما فرصة جيدة للقاء أفراد الأسرة، ولكن مع أسعار المواد الغذائية هذه لن تكون هذه التجمعات في متناول أشخاص مثلي".

 

https://www.al-monitor.com/originals/2023/03/ramadan-food-prices-change-egypts-longstanding-iftar-customs