الأسوأ .. تقرير يكشف القتل البطيء داخل قسم شرطة الزقازيق  

- ‎فيحريات

 

أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان على أن قسم شرطة الزقازيق بمحافظة الشرقية هو الأسوأ بين مقرات الاحتجاز وأقسام الشرطة بالمحافظة، والذي ذاع صيته بعد وفاة معتقلين موخرا بداخله.

ووثقت الشبكة من خلال تقرير صادر عنها أوضاع المحتجزين داخل قسم شرطة الزقازيق، حيث أكدت شهادات عدد من المعتقلين السابقين داخله أنه الأسوأ على مستوى المحافظة.

وأكدت في تقريرها على أن قسم شرطة الزقازيق نموذج بائس لما يجري داخل أقسام الشرطة والسجون ومقار الاحتجاز بمختلف المحافظات المصرية، والتي تحتاج إلى تحرك عاجل من أجل تشديد الرقابة عليها، والإعلان بشفافية عن أوضاع المحتجزين بها، وفتح أبوابها أمام الجهات الرقابية المنوط بها حماية المحتجزين من البطش الأمني والقمع المتواصل، الذي لا يبالي بحياة المعتقل ولا يأبه بمصيره.

وخلصت إلى أن استمرار الاستهانة بحياة المعتقلين عبر سياسة الإهمال الطبي المتعمد ووضعهم في ظروف حبس غير آدمية ينذر بكارثة متعددة الجوانب على المستوى الإنساني والأخلاقي والحقوقي.

شهادات المعتقلين ترسم صورة مأساوية للمكان

وأشارت إلى أن مقر قسم شرطة الزقازيق يقع  بجوار مديرية أمن الشرقية، وله بوابة منفصلة من داخل  مديرية الأمن ، يعد قسم شرطة الزقازيق واحدا من ثلاثة أماكن احتجاز رسمية بمدينة الزقازيق بحانب قسم شرطة أول الزقازيق وقسم شرطة ثاني الزقازيق.

وأضافت أن هناك أيضا مقر  قوات الأمن بالزقازيق، وهو واحد من عدد من مقرات الأمن المنتشرة على مستوى الجمهورية، والتي تقوم فيه مباحث الأمن الوطني بشكل غير رسمي وغير قانوني باحتجاز المئات من المختفيين قسرا من المعارضين السياسيين، حيث يتم احتجازهم لفترات متفاوتة وانتزاع اعترافات منهم تحت وطاة التعذيب النفسي والبدني، ثم يتم تقديمهم إلى النيابات المختلفة بمحاضر تحريات وضبط وإحضار بتواريخ  مختلفة عن تواريخ اعتقالهم.

وصف لغرف الاحتجاز داخل القسم

وذكر التقرير أنه يوجد داخل قسم شرطة الزقازيق 12 غرفة، خصصت إدارة القسم 4 منها للمعتقلين السياسيين؛ وهي الغرف التي تحمل أرقام 4 و9 و10 و12 ويوجد غرفة لحجز السيدات، والبقية لغرف الجنائيين والتاديب، و يبلغ متوسط أعداد المحتجزين الجنائيين داخل كل غرفة من 40 إلى 50 محتجزا، ويتغير العدد يوميا.

وفيما يتعلق بالغرف الأربعة لحجز المعتقلين السياسيين، فإن أكبر هذه الغرف من حيث المساحة حسب إجماع شهادات المعتقلين السابقين تعتبر الغرفة رقم 10 فمساحتها قرابة ال25 مترا مربعا، وبها أكبر عدد من المعتقلين، حيث إن عدد المتواجدين بها يقارب الأربعين معتقلا.

أما عن باقي الغرف الأخرى 4 و9 و12 فمساحتها أقل وبها عدد أقل، حيث يبلغ أعداد المعتقلين بها ما بين ١٨ إلى ٢٠ معتقلا، وتختلف باختلاف أعداد المعتقلين داخل كل غرفة، ولكن الاكتظاظ بالمعتقلين السياسيين الجدد، أو الذين يتم تدويرهم على ذمة قضايا جديدة، أو ما يعرف بالمحاضر المجمعة، أو الذين يتم إحضارهم من أجل إنهاء إجراءات إخلاء سبيلهم هو العامل المشترك داخل قسم شرطة الزقازيق.

وأشار معتقلون سابقون إلى وجود دورة مياه مساحتها 1,25 متر في 1,25 متر في كل غرفة، وبها حنفية مياه باردة وحمام بلدي، ولا يفصلها عن بقية الحجز سوى ستارة من القماش، كما يوجد في كل غرفة باب من الحديد ومغطى بالصاج وبه ما يعرف بالنظارة؛ وهي عبارة عن فتحة في أعلى الباب تبلغ مساحتها 20 سم  في 20 سم وبها عدد من القضبان الحديدية "البقلاوة" ومغطاة بالأسلاك.

وتحتوي جميع الغرف على مروحة سقف لتخفيف حدة وقسوة حر الصيف، حيث التكدس وحرارة الجو، والذي يصيب المعتقلين بعدد لا بأس به من الأمراض الجلدية.

كما ذكروا أنه يوجد داخل القسم مكان يطلق عليه "البلاعات" يوضع فيه أيضا المعتقلين السياسيين  وقالت أحدهم "وهو مكان مكشوف مش مسقوف لما يكون في مطر الدنيا بتمطر عليهم في المكان".

عدم التعرض للشمس يزيد من انتشار الأمراض

وتؤكد شهادات المعتقلين السابقين على ضعف التهوية وعدم التعرض للشمس يزيد من انتشتر الأمراض بين المحتجزين حيث قال أحدهم  "بعض الغرف فيها شبابيك بعيدة عن الشارع مكونة من عمدان حديد البقلاوة والمغطى بطبقات عديدة من السلك والذي يصعب معه دخول الشمس والهواء النقي وبعضها لا يوجد بها الشبابيك و لا تطل على الشارع، حيث الشمس والهواء النقي ولكن تطل على الممر الداخلي يعني لا شمس ولا هو نقي متجدد مما يزيد من انبعاث الروائح الكريهة".

وأكمل قائلا  "وبالرغم من محاولاتنا وسعينا دائما على النظافة إلا أنه غالبا ما يكون هناك بعض الحشرات، مما يصيب البعض منا ببعض الأمراض الجلدية وتزيد مع عدم عرض أغطيتنا والبطاطين للشمس".

انعدام الرعاية الصحية

كما أكدت شهادات المعتقلين السابقين على انعدام الرعاية الصحية التي تقدم للمحجوزين بقسم شرطة الزقازيق، وقال أحدهم ، بالنسبة للرعاية الصحية بتعتبر منعدمة فلا يوجد بداخل القسم إسعافات أولية وطوارىء فقط بعض المسكنات البسيطة اللي بتدخل لنا من الزيارات ومعظم الأدوية بيتم رفض دخولها أو بتدخل بعد معاناة ودفع مبالغ من المال  ومحاولات عديدة.

وكانت الشبكة المصرية وعدد من المنظمات الحقوقية الأخرى قد رصدت وفاة معتقلين سياسيين نتيجة سوء مكان الاحتجاز، وانعدام إجراءات السلامة والوقابة به، مع حرمان المعتقلين من تلقي العلاج والدواء المناسب في التوقيت المناسب، حيث يتم رفض الطلبات التي تقدم من المعتقلين ومحاميهم بعرض المرضى، وخاصة كبار السن منهم على المستشفى الجامعي بالزقازيق، ولا يحدث ذلك  إلا بعد تدهور حالة المعتقل واقترابه من لفظ أنفاسه الأخيرة.

لايوجد مكان محدد للتعذيب

وتؤكد شهادات المعتقلين بحسب تقرير الشبكة على أنه لا يوجد أماكن محددة  للتعذيب داخل قسم شرطة الزقازيق ، حيث يتم عمليات التحقيق و التعذيب في بداية الاعتقال بمعرفة مباحث الأمن الوطني بمقر قوات الأمن بالزقاريق أثناء فترة الاختفاء القسري التي غالبا ما يتعرض لها جميع المعتقلين السياسيين بالمحافظة ، والتي تختلف مدتها باختلاف المعتقل ونوعية التهم الموجهة إليه.

3 حالات وفاة موثقة داخل القسم

ووثقت الشبكة خلال الأشهر الأولى من العام الحالي وفاة المعتقل  سامح طلبة صالح عبدالله 53 عاما، والمحبوس بقسم شرطة الزقازيق ، يوم  الخميس 26 يناير 2023 الماضي، وذلك بسبب ظروف الاعتقال والحبس المزرية، وانعدام الرعاية الطبية والصحية داخل محبسه، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية ثم إعلان وفاته.

وذكرت أن المتوفى كان قد أنهى فترة محكوميته، والتي استمرت عامان على ذمة اعتقاله في قضية ذات طابع سياسي، وظل محتجزا دون سند من القانون داخل قسم شرطة الزقازيق، ليلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن ينهى إجراءات إخلاء سبيله.

كما رصدت ووثقت بتاريخ 11 فبراير الماضي وفاة المعتقل محمود عبدالشافي الديداموني ، 42 عاما والمحبوس على ذمة المحضر رقم 2133 لسنة 2021مركز الزقازيق ،بسبب تدهور حالته الصحية.

وأشارت إلى أن الضحية كان يعمل حداد كريتال من قرية بني عامر مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، وكان يعاني جراء إصابته بمريض السرطان ،وبسبب عدم تلقية الرعاية الصحية والطبية اللازمة في الوقت والمكان المناسبين ، وبسبب ظروف الحبس غير الآدمية، تدهورت حالته الصحية حتى تم نقله من محبسه مركز شرطة الزقازيق إلى مستشفى  الزقازيق العام، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة  بداخلها، بعد معاناة مع المرض والإهمال الطبي المتعمد.

كما رصدت الشبكة وفاة العقيد السابق بالقوات المسلحة المصرية سامي محمد سليمان، والذي كان  محبوسا  احتياطيا بقسم شرطة الزقازيق، منذ عام  2016، وعانى من “التدوير” على ذمة عدة قضايا، نتيجة إصابته بورم سرطاني بالحنجرة والتهاب رئوي حاد وبعد أن تدهورت حالته الصحية، نقله قسم شرطة الزقازيق إلى مستشفى الزقازيق الجامعي بتاريخ  22/7/2022 بنقله، حيث توفي نتيجة ظروف الاعتقال السيئة الإهمال الطبي المتعمد وحرمانه من الدواء والعلاج والمناسب، ليلفظ أنفاسه الأخيرة داخل المستشفى ويتم إبلاغ أسرته بوفاته يوم الخامس من أغسطس الماضي.

وأحالت الشبكة ما ورد بالتقرير من حقائق وأرقام مفزعة إلى الجهات الرقابية وعلى رأسها النيابة العامة، داعية إلى فتح تحقيق عاجل، لمحاسبة المقصرين، وإنهاء الأوضاع المأساوية داخل مكان الاحتجاز الأسوء على الإطلاق بمحافظة الشرقية.