قالت وكالة رويترز: إن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان احتل مركز الصدارة الأسبوع الماضي، عندما أعادت الدول العربية قبول سوريا في الجامعة العربية، مما يشير إلى واشنطن التي تتخذ القرارات الإقليمية”.
وأضافت الوكالة في تقرير لها، أن تحيته الحماسية للرئيس بشار الأسد في القمة العربية بالقُبل والأحضان الدافئة قد تحدت الرفض الأمريكي لعودة سوريا إلى الحظيرة، وتوجت تحولا في حظوظ الأمير مدفوعا بالحقائق الجيوسياسية.
وأوضحت الوكالة أن الأمير، المعروف باسم محمد بن سلمان، يسعى إلى إعادة تأكيد المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية من خلال استخدام مكانه على قمة عملاق الطاقة في عالم يعتمد على النفط وتستهلكه الحرب في أوكرانيا.
وأشار التقرير إلى أنه بعد أن نبذته الدول الغربية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 على يد فرقة اغتيال سعودية، ظهر الأمير الآن كلاعب لا يمكن لواشنطن تجاهله أو التنصل منه، ولكن يجب عليه التعامل معه على أساس المعاملات.
ولفت التقرير إلى أنه بسبب تشككه في الوعود الأمريكية بشأن الأمن السعودي وتعبه من نبرة التوبيخ، يقوم محمد بن سلمان بدلا من ذلك ببناء علاقات مع القوى العالمية الأخرى، وبغض النظر عن ذعر واشنطن، يعيد بناء علاقاته مع خصومهما المشتركين.
ولم تكن ثقته السعيدة على المسرح العالمي واضحة فقط في استقباله للأسد. وحضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اجتماع جدة وعرض محمد بن سلمان التوسط بين كييف وموسكو المنتجة للنفط.
وللتأكد من أن المملكة العربية السعودية لا تزال تعتمد عسكريا على الولايات المتحدة، التي أنقذتها من غزو محتمل من قبل عراق صدام حسين في عام 1990، تراقب النشاط العسكري الإيراني في الخليج وتزود الرياض بمعظم أسلحتها.
ومع ذلك، ومع كون واشنطن تبدو أقل انخراطا في الشرق الأوسط وأقل تقبلا لمخاوف الرياض، يتبع محمد بن سلمان سياسته الإقليمية الخاصة مع احترام أقل وضوحا لآراء أقوى حليف له.
وقال عبد العزيز الصقر ، رئيس مركز الخليج للأبحاث ، عن القمة “هذه إشارة قوية لأمريكا بأننا نعيد تشكيل وإعادة رسم علاقاتنا بدونكم “.
وأضاف صقر “إنه لا يحصل على ما يريده من الجانب الآخر” مضيفا أن اتفاقات السعودية مع خصومها الإقليميين تستند إلى نهج الرياض تجاه الأمن الإقليمي.
هجوم دبلوماسي
ونوه التقرير بأن موقف الأمير محمد بن سلمان تعزز العام الماضي عندما تحولت الاقتصاديات الغربية إلى المملكة العربية السعودية للمساعدة في ترويض سوق النفط التي زعزعتها الحرب في أوكرانيا، لقد خلق ذلك الفرصة لمحمد بن سلمان لشن هجوم دبلوماسي شمل ظهورا بارزا في القمة.
وقد ساعد هذا الجهد عندما أعلنت واشنطن أن محمد بن سلمان محصن من الملاحقة القضائية على مقتل خاشقجي، على الرغم من تورطه المباشر في ذلك بحسب تقارير المخابرات الأمريكية.
وقد أظهرت زيارة قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوليو الماضي بالفعل عودة نفوذ الرياض، فقد غادر الزعيم الأمريكي خالي الوفاض بينما استمتع الأمير بعرض علني لالتزام الولايات المتحدة بالأمن السعودي.
وفي الوقت نفسه، كان التحول السعودي بعيدا عن الاعتماد على الولايات المتحدة واضحا عندما توسطت الصين هذا العام في تسوية بين الرياض وعدوها الإقليمي اللدود إيران بعد سنوات من العداء.
لم يتم التوصل إلى الصفقة من موقع القوة السعودية، فقد خرج حلفاء إيران أقوى من حلفاء المملكة في العراق وسوريا ولبنان، وسيطروا على معظم الأراضي المأهولة بالسكان في اليمن.
ومع ذلك، أظهر أن الرياض قادرة على خفض خسائرها والعمل مع خصوم الولايات المتحدة وأعدائها لدعم مصالحها الإقليمية مثل تهدئة حرب اليمن، حيث تعثرت القوات السعودية منذ عام 2015.
وفي الوقت نفسه، حسن الأمير العلاقات مع تركيا وأنهى مقاطعة قطر، وهي جارة فكر في غزوها في عام 2017 وفقا لدبلوماسيين ومسؤولين في الدوحة.
وقال الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط “على مدى السنوات الثلاث الماضية، تم دفن الأحقاد وإصلاح العلاقات”.
علاقة المعاملات
وقال مسؤول خليجي: إن “العلاقة الجديدة مع الولايات المتحدة حلت محل نموذج النفط مقابل الدفاع القديم بسبب ما اعتبرته الرياض مظلة أمنية هشة بعد الثورات العربية عام 2011”.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية: إن “علاقة مهمة تمتد لثمانية عقود تمتد عبر الأجيال، عبر الإدارات في بلدنا وعبر القادة في المملكة العربية السعودية”.
وأضاف “لدينا مصالح متعددة عندما يتعلق الأمر بعلاقتنا مع المملكة العربية السعودية، وستسعى سياستنا ومشاركتنا إلى ضمان بقاء علاقتنا سليمة وقادرة على مواجهة تحدياتنا المشتركة في المستقبل”.
واعتقدت الرياض أن واشنطن تخلت عن حلفائها القدامى خلال الثورات وقد تتخلى عن سلالة آل سعود أيضا، وفي الوقت نفسه، اعتقدت أن سعي الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق نووي مع طهران دفع واشنطن إلى تجاهل النشاط المتزايد حول المنطقة للوكلاء الإيرانيين الذين تعتبرهم الرياض تهديدا.
وقد تعزز هذا الانطباع، وأشار مصدر سعودي مقرب من الدائرة الداخلية الحاكمة إلى ما اعتبره تراخيا في تطبيق العقوبات على إيران وانسحابا في سوريا حيث حرمت وحدة أمريكية صغيرة حلفاء إيران من الأراضي.
وقال: “أعتقد أن دول المنطقة، نتيجة لذلك، ستفعل ما هو أفضل لها”.
وفي الوقت نفسه، كانت الرياض منزعجة من سحب الولايات المتحدة دعمها للعمليات السعودية في اليمن، التي بدأت بعد أن حثت واشنطن المملكة مرارا وتكرارا على تحمل المسؤولية عن أمنها.
وقال المصدر: إنه “بدون تدخل أمريكي مباشر أو دعم لجهودها العسكرية ، لم يكن أمام الرياض خيار سوى إبرام اتفاق مع إيران حتى لو أزعج ذلك واشنطن”.
وأضاف “هذا نتيجة للتحرك الأمريكي”.
وقال المسؤول الخليجي: إن “كل جانب لديه قائمة بالطلبات التي لا يرغب الطرف الآخر في الموافقة عليها”.
ومع ذلك، قد لا يكون أمام كلا الجانبين خيار سوى وضع ضغائنهما جانبا.
واختتم التقرير “قد ترى المملكة أن المظلة الأمنية الأمريكية ضعيفة، لكنها لا تزال تعتبرها حاسمة للدفاع السعودي، وفي الوقت نفسه، تذكرت الدول الغربية أن نفوذ الرياض في سوق النفط المتقلبة يتطلب منها التخلص من مخاوفها والتعامل مع حاكمها الفعلي وملكها المستقبلي”.
https://www.reuters.com/world/middle-east/saudi-embrace-assad-sends-strong-signal-us-2023-05-24/