100 ألف حالة سنويا بسبب الضغوط الاقتصادية والنفسية..لماذا يموت المصريون فجأة في زمن العسكر ؟

- ‎فيتقارير

 

تزايدت حالات الموت الفجائي في زمن عصابة العسكر بقيادة عبدالفتاح السيسي، بسبب ما يواجهه المصريون من ضغوط اقتصادية واجتماعية ونفسية بسبب موجات الغلاء وارتفاع الأسعار وتراجع الدخول والقدرة الشرائية .

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية اتشحت حسابات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي لمصريين في قطاعات مختلفة، سواء كانت فنية أو رياضية أو حتى من بين عموم الناس بالسواد، نتيجة انتشار وقائع حالات الموت المفاجئ لذويهم وأصدقائهم، خاصة ممن يوصفون بـأنهم في “ربيع العمر“.

آخر تلك الوقائع كانت وفاة الفنان مصطفى درويش، الذي وري الثرى في مايو الماضي، عن عمر ناهز 43 سنة، أثر إصابته بضعف في عضلة القلب التي توقفت بشكل فجائي تسبب في وفاته في الحال، رغم عدم معاناته من أية مشكلات صحية سبقت الوفاة، بحسب ما ذكرت نقابة المهن التمثيلية .

ولم تكن حالة درويش متفردة بذاتها، بل كانت استكمالا لسلسلة من الأحزان المتوالية على صعيد رحيل عدد من البارزين، ولم يقتصر الأمر عند حد الأسماء اللامعة ، بل كان لافتا ظهور حالات عديدة بين الممارسين للرياضة، وأيضا داخل القطاع الطبي سواء على مستوى الأطباء أو قطاعات التمريض، فلا يكاد يمضي يوم إلا وتظهر منشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي لنماذج طبية فارقت الحياة بشكل مفاجئ.

 

كانت نقابة الأطباء قد عقدت اجتماعا لهيئة مكتبها، لمناقشة أسباب عمل الأطباء فترات طويلة تصل إلى ساعات وأيام في بعض الأوقات، وعزت ذلك إلى ضغوط العمل وعجز العناصر في بعض الجهات مثل المستشفيات الجامعية والمبالغ المتدنية للرواتب والنوبتجيات.

وكشفت النقابة في بيان لها أن معدلات وفيات شباب الأطباء وصل إلى طبيبين كل شهر في عام 2022، مقابل ثلاث وفيات في عام 2018، و11 وفاة في عام 2019، و7 وفيات عام 2020، و10 وفيات عام 2021.

 

 

مسببات رئيسية

 

حول أسباب تزايد حالات الموت فجأة قال الدكتور جمال شعبان عميد معهد القلب الأسبق: إن “هناك مسببات رئيسية للموت المفاجئ، في مقدمتها الضغط المرتفع والسكر والكوليسترول، علاوة على أمراض السمنة والتدخين والعوامل الجينية والوراثية وعدم ممارسة الرياضة، وجميعها تعد من عوامل الإصابة بأزمات القلب والشرايين والسكتات الدماغية”.

وأكد شعبان في تصريحات صحفية أن هناك عوامل خطر مستجدة تتمثل في الإصابة بالشرايين التاجية الجديدة الناجمة عن الحالات المصحوبة بالتهاب عام في الجسم، ومشكلات الحمل والولادة، وملوثات الهواء، إضافة إلى الأنماط الصحية الخاطئة، مثل عدم تناول وجبات الإفطار، وكذلك مشروبات تحتوي على السكر والمحليات الصناعية على المدى الطويل، والتعرض لضغوط العمل فترات طويلة.

وأشار إلى أنه لا يوجد رصد دقيق لعدد حالات الموت المفاجئ بمصر، إلا أن التقديرات غير الرسمية تؤكد أن هناك نحو 100 ألف حالة وفاة فجأة سنويا مقارنة بأمريكا التي تسجل 300 ألف حالة وفاة

وكشف شعبان عن بعض الأعراض التي تؤدي إلى جلطات في المخ والقلب، كالصداع والتنميل في جانب من الجسم واختلال درجات الوعي، علاوة على التوتر والصدمات العاطفية، موضحا أن هناك نوعين من الخلايا حينما يموتان لا يمكن أن يعوضهما شيء أو ينمو مكانهما، وهما خلايا المخ والقلب .

وأضاف أن الصدمات المبكرة في الحياة والضغوط الاقتصادية والاجتماعية والنفسية بسبب الظروف المحيطة من عوامل الخطورة، لا سيما على الأفراد الصغار ومتوسطي العمر.

 

 

فحوص دورية

 

وطالب الدكتور أشرف عمر المتخصص في أمراض الكبد والجهاز الهضمي بضرورة إجراء فحوص دورية وبصفة مستمرة لتجنب أخطار الموت الفجائي، مشددا على ضرورة الابتعاد عن عوامل الخطورة، مثل الضغط المرتفع والوزن الزائد وأمراض الكبد الدهني.

وأرجع عمر في تصريحات صحفية حالات الوفاة المفاجئة لعدد من ممارسي الرياضة إلى بذل مجهود مضاعف أثناء ممارسة النشاط الرياضي والتوقف عنه فجأة، مشددا على ضرورة حصول صالات الجيم على شهادات وتقارير طبية قبل استقبال الممارسين للرياضة للتأكد من عدم وجود مشكلات قد تهدد حياتهم في المستقبل.

وأشار إلى واقعة وفاة الفنان عمرو سمير، الذي توفي بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية بعد بذله مجهودا كبيرا أثناء ممارسة الرياضة.

 

ضغوط عصبية

 

وأكد الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي أن الاضطرابات والضغوط النفسية ليست بمنأى عن تلك القضية، وتعتبر من عوامل الخطورة مشددا على ضرورة تجنب الصدمات النفسية والحزن والضغوط العصبية الشديدة التي تؤثر بدورها في القلب والمخ، وتحدث مشكلات خطرة قد تؤدي في النهاية إلى الموت الفجائي

وقال فرويز في تصريحات صحفية: إن “فرص الوفاة المفاجئة تزيد مع الأشخاص الذين لديهم عيوب خلقية في القلب أو المخ”.

وأوضح أن دراسة علمية حول الموت المفاجئ للشباب أكدت أن ألف شاب من بين كل ثمانية آلاف معرضون للموت المفاجئ، لافتا إلى أن توترات الحياة تجعل الجسم يفرز هرمون الأدرينالين الذي يرفع الضغط ويؤثر في الدم، وتم إجراء فحص للبحث عن التاريخ الأسري في شأن الإصابة بالسكتة القلبية، وتبين أن 290 منهم لديهم تاريخ أسري للإصابة بالمرض.

 

أخبار صادمة

 

وأكدت الدكتورة هالة منصور أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر، علاوة على فقدان الأمان النفسي وفشل العلاقات الاجتماعية والعاطفية في زمن الانقلاب كلها، عوامل عززت من فرص انتشار الموت المفاجئ.

وشددت د. هالة منصور في تصريحات صحفية على ضرورة التعامل بحرص مع الأخبار الصادمة، خاصة المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي .

وحذرت من أن هذه الأخبار تخلق بدورها حالة من القلق والإحباط، وهو ما يرفع نسب حالات الموت المفاجئ بصورة أكبر، مطالبة يضرورة عمل حملات توعية لتجنب تداعياتها في المستقبل.