قال تقرير نشر مطلع يونيو الجاري نهاية مايو، لمجموعة الأزمات الدولية: إن “ما أسماهم الشركاء الدوليين الذين يدعمون خطط صندوق النقد الدولي في مصر، ليسوا على قلب واحد، ويخشون من الإجراءات المتشددة، والتي قد تؤدي إلى عدم استقرار الثورة أو انتفاضات وهجرات”.
وكشفت أن “دبلوماسيون تحدثوا إلى المجموعة من أن بعض الحكومات الأوروبية تحاول التواصل مع صندوق النقد الدولي لتخفيف مطالبه خشية من عدم الاستقرار”.
ونقلت عن أحدهم القول: “مصر كبيرة جدا كي يسمح لها بالسقوط من المنظور الأوروبي”.
الجيش أهم تحدٍ
ولفت تقرير للمجموعة من أن “أهم تحد للسيسي وسياسة التنمية القائمة على القروض تلك المتعلقة بتخفيف حدة تدخل الجيش في اقتصاد الدولة”.
ولفتت إلى اشتراط قرض صندوق النقد وضع معايير لتدخل الحكومة بالاقتصاد والشفافية في عملية الشراء العامة وخصخصة الشركات غير الإستراتيجية ووقف الإعفاءات الضريبية والمميزات الأخرى لهذه الكيانات.
ورأت أن ذلك بهدف “تخفيف بصمات الجيش والدولة في الاقتصاد بشكل يفتح المجال أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية، وحصل الصندوق على موافقة من قائد الانقلاب لضمان تحقيق هذا”.
وقالت: إن “هذا لا يعني النجاح، فمقاومة الجيش لهذه الإجراءات قد تؤدي إلى فشل خطة صندوق النقد الدولي، ومعها ستظهر مشكلة إعادة الثقة بقدرة الحكومة على إدارة اقتصاد الدولة”.
وعن الالتزام والتخلي عنه، قال التقرير: إن “السيسي صادق على شروط لصندوق النقد تريد تقليل نفوذ الجيش في الاقتصاد، وأن السيسي مقابل ذلك وقع في يناير على قرار يخصص مزيدا من الأراضي للجيش، ربما علامة على تحد قادم للصندوق”.
ونقلت عن مراقبين تشككهم “بجدوى خصخصة الكيانات التي يملكها الجيش ومشاريعه، نظرا لمكانته المتميزة في الدولة والمجتمع المصري، وحتى لو تم عرض شركات للبيع، فمن الصعب تحديد سجل الشركات المالي، وهو مطلب قانوني في أي عملية بيع”.
وحذرت المجموعة الدولية للأزمات من أن إبطاء المشاريع وتحويل بعضها قد يؤدي إلى مشاكل للسيسي مع قواعده، وبخاصة الجيش الذي استفاد من هذه الترتيبات، وستؤدي أيضا خطط التقشف ومزيد من تعويم العملة لتراجع الدخل، وهو ما سيؤدي إلى زيادة خيبة الأمل لدى الجيش والشعب بطريقة تهدد استقرار البلد”.
أزمة ممتدة
وقالت المجموعة: إنه “منذ الانقلاب واغتصاب السيسي السلطة في 2013، ركز على مشاريع بنية تحتية بقيادة الحكومة وممولة بالقروض المحلية والخارجية وبتنفيذ شركات الجيش”.
وأضافت أن الشركات باتت تهيمن على أغلب القطاعات، في وقت خسر فيه الرأسماليون المحسوبون على نظام حسني مبارك الذي حكم 30 عاما التأثير، لينافس الجيش شركات القطاع الخاص.
ورأى تقرير المجموعة أن السيسي بسياساته ضمن له ولاء الجيش، ودعم توسعا اقتصاديا متواضعا، مستدركا أن النموذج هذا فشل في تخفيف البطالة، وزاد من معدلات الفقر وعدم التوازن الخارجي.
وأضافت أن “غزو أوكرانيا كشف عن ضعف اقتصاد مصر بخلاف تأثير كورونا، وأظهر مدى اعتماد مصر على شراء السلع الضرورية من الخارج، كالحبوب والوقود”.
وأنه من بين استدراك التقرير لفتت إلى “تراجع احتياط البلد الأجنبي، وفشل حكومة السيسي في الحد من الاستيراد، فضلا عن تصاعد شكوك المستثمرين بقدرة حكومة السيسي الدفاع عن سعر الصرف، فضلا عن خروج 20 مليار دولار في الفترة ما بين يناير وسبتمبر 2022، وتراجع الاحتياطي الأجنبي أكثر، ووصل إلى حجم ثلاثة أشهر من الواردات في يوليو 2022، وأنه نظرا لفقدان العملة قيمتها وزيادة كلفة خدمة الدين، وجدت مصر صعوبة في دفع الديون”.
لا تصور لدى حكومة السيسي
وشددت المجموعة الدولية أنه في ظل المشكلات السالفة لاسيما خروج المستثمرين وعجز الحساب الجاري، ليس لدى سلطات السيسي أي خيار إلا مواجهة مزيد من التدهور في سعر الصرف.
ونقل التقرير عن مراقبين يرون أن أعباء الدين هي ما يثير القلق، وأنه مع تدهور الوضع الاقتصادي خلال2022، حاولت مصر الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي، وطلبت بداية 12 مليار دولار ولم تحصل عليها، ثم قبلت 3 مليارات دولار على مدى 46 شهرا بشروط غير عادية.
إصلاح شائك
وقالت المجموعة الدولية: إن “إجراءات التقشف وتخفيف الدعم على الوقود، ضمن شروط صندوق النقد سيزيد من الإحباط بين الطبقة المتوسطة والعاملة”.
ونبهت إلى أن صندوق النقد الدولي طالب القاهرة أن تبطئ مشاريع البنية التحتية لتخفيف الضغط على الحسابات الخارجية والتضخم، ويمثل هذا تحديا للسيسي ودعم سياساته في الداخل.
وكرر في يناير أهمية هذه المشاريع الوطنية لكن المسؤولين الخارجيين جادين في مطالبهم، وعبروا عن استعداد لإصدار تصريحات علنية لو فشلت مصر بالالتزام، ولأن مصر لا تزال تحت رقابة المستثمرين ووكالات التصنيف الدولية، فأي انتقاد من صندوق النقد الدولي قد يزيد من شكوك السوق بالتزامات الإصلاح.