المؤامرة تخرج إلى العلن برعاية إسرائيلية ودولية .. غزة تحت حكم السيسي

- ‎فيتقارير

تدرس حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأجهزته المخابراتية والأمنية مقترحا يقضي بتسليم إدارة قطاع غزة لمصر ليكون النظام العسكري في مصر مسئولا عن حكم قطاع غزة والتحكم في حركات المقاومة الفلسطينية التي أعجزت جيش الاحتلال خلال المواجهات العسكرية التي وقعت خلال العقدين الماضيين.

وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية في تقرير لها نشرته الخميش غرة يونيو 2023م،  بأن إسرائيل تدرس خطة مفادها أن تتولى مصر مسؤولية إدارة حكم قطاع غزة، بعد تحويله لمنتجع سياحي ضخم تستفيد منه مصر اقتصاديا، بالإضافة مد مساحة القطاع بأراضي من مدينة العريش المصرية بشبه جزيرة سيناء.  وحسب التحليل الذي كتبه المحلل السياسي ايتان بن الياهو، فإنه إذا كان هناك دافع سياسي وراء تلك الخطة الطموحة، فسيكون من الممكن تعبئة مصر لها وتحويل القطاع إلى كيان سياحي واقتصادي متطور، وبالتالي ربما أيضا يجلب الأمل في حل سياسي.

ويكشف المحلل الإسرائيلي طيات كلامه الهدف الرئيس من وراء هذا الاقتراح المشبوه؛ فالهدف هو إقامة دولة غزة على أرض القطاع وجزء من الأراضي المصرية في شمال سيناء؛ وذلك في مخطط يستهدف فصل القطاع عن الضفة التي سوف تتكفل إسرائيل بالتهامها مستقبلا.  يقول كاتب التحليل: «منذ إعلان قيام إسرائيل حتى اليوم، يتم تعزيز الجيش الإسرائيلي، ويتعزز الوضع الاقتصادي لإسرائيل، ويتحسن موقفها السياسي، ولكن لم يتم العثور على حل للصراع مع الفلسطينيين، واستمرار هذا الوضع أدى إلى شعور (لا حل)، كنوع من العجز السياسي، وفي غياب حل متفق عليه، فالسبيل الوحيد المتبقي – بصبر كبير – هو تشجيع وتعزيز تشكيل واقع يقود إلى حل، وهذا الحل في غزة، وربما يحتوي في داخله على طريق محتمل وواقع جديد نحو دولة غزة»!.

ويؤكد على هذا المعنى كثيرا (دولة غزة)، مضيفا أن التاريخ والدروس المستفادة تظهر أن خطوة واحدة فقط هي التي تفصل الوضع الحالي في غزة عن “غزة كدولة”، حيث تبلغ مساحة قطاع غزة 362 كيلومترا مربعا فقط، ويقطنها ما يقرب من 2 مليون نسمة، ومعدل المواليد مرتفع للغاية. وتابع: «صحيح أنه في ظل هذه الكثافة من الصعب وغير الواقعي إقامة دولة مزدهرة، ولكن من ناحية أخرى، هناك بعض البيانات التي تعزز من إمكانية قيام دولة في غزة، حيث أن قطاع غزة مفتوح على البحر، وبتجفيف المناطق البحرية أمام الساحل، على المناطق البرية التي ستكون في البحر، فإن ذلك سيؤدي إلى من الممكن إنشاء مطار لن تتداخل حركة المرور منه وإليها مع الطرق الجوية من وإلى إسرائيل». ووفق التقرير، سيخدم الميناء التجاري الذي سيتم إنشاؤه على شواطئ قطاع غزة حركة البضائع إلى سيناء وخارجها ومع البحر الاحمر. وأضاف أن تسريع عملية إقامة دولة في قطاع غزة، لا تكفي الظروف الجغرافية، فالدافع السياسي ضروري أيضا.

 

ضم سيناء لغزة أم العكس؟!

وحول دور الجانب المصري في هذا المقترح يقول الكاتب الإسرائيلي: «تعد مصر لاعبا رئيسيا، والصراعات بين إسرائيل وحماس تعرض مصر لأخطار، لذلك من المعقول أن نفترض أنه تحت الضغط والأمل في السلام، فقد ترغب مصر حتى في زيادة مساحة قطاع غزة على حساب أراضي سيناء، وهو توسع يمكن أن يصل إلى أطراف مدينة العريش». ووأوضح أنه من الممكن أن نذهب إلى أبعد من ذلك مع رؤية دولة غزة، فبين العريش وبورسعيد هناك امتداد للساحل (بحيرة البردويل) والذي يمكن أن يكون بنية تحتية مثالية لإنشاء مشروع عالمي مالي، ومركز للتجارة الحرة والترفيه وغير ذلك، مثل دبي أو ماكاو. مشيرا إلى أن مثل هذا المركز، الذي سيكون له ميزة كونه يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط وأقرب إلى العالم الغربي، وسيخلق مئات الآلاف من فرص العمل، ومصدر دخل للمصريين والغزيين ومصدر دخل للحكومة المصرية.

وراح الكاتب يغري الجانب المصري متابعا: «بناء مشروع ضخم بهذا الحجم لن يتم إلا بمساعدة الحكومات التي ستوقظ فيها الرغبة والرؤية لمستقبل اقتصادي وسياسي أفضل في الشرق الأوسط وأيضًا بمساعدة مالية من قادة العالم الذين سيكون دافعهم الأعمال وربما أيضًا أعمال خيرية». ويكشف الكاتب الهدف من الهذا المقترح بأنه لن يحتاج إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين فيمكن البدء فيه مباشرة؛ مضيفا «هذه رؤية بعيدة، وتحقيقها مشكوك فيه، لكن ميزتها أنها تخلق واقعًا دون الحاجة إلى اتفاق، وتتضمن في داخلها شعاعا من الضوء قد يوقظ المنطقة على أفكار جديدة»!.

هذا المقترح (وضع غزة وحركات المقاومة تحت حكم السلطة أو مصر)، سبق أن ذكرته مجلة “يسرائيل ديفينس” الصادرة عن الجيش الإسرائيلي في تقرير لها في مايو 2023م، قالت فيه إن إسرائيل تريد استبدال حكم حماس في قطاع غزة بطرف آخر فلسطيني أو جهة عربية أخرى، تكون أكثر اعتدالا، مثل مصر. وأضافت أن مصر مناسبة لهذا المنصب لأن لها حدودا مع قطاع غزة، وحكمت هذه المنطقة في السابق، ومعظم سكانها من العرب السنة، مثل غالبية السكان في مصر، ويحافظ النظام في مصر على العلاقات مع رؤساء المنظمات في قطاع غزة. وزعمت المجلة أن إسرائيل بالتأكيد لا تريد السيطرة على قطاع غزة مرة أخرى، ولا تزال تتذكر جيدا التجربة السابقة لسعر التحكم في عش هذا الدبابير، مضيفة أنه مع كل المشاكل التي يسببها قطاع غزة، فإن التعامل معها من الخارج أفضل من التعامل معها من الداخل.

بالتزامن مع نشر تفاصيل المقترح الإسرائيلي، تشهد القاهرة توافد قيادات حركات المقاومة في الداخل والخارج بدعوة مصرية  لمناقشة ملفات بالغة الحساسية على رأسها التوصل لهدنة طويلة الأمد نسبياً بين فصائل المقاومة في قطاع غزة والاحتلال.

الترتيبات الجديدة تتضمن أدواراً أوسع للقاهرة في غزة، وتأتي في ظل تفاهمات إقليمية ودولية، تشارك فيها الإدارة الأميركية وقطر ومصر، تتضمن أدواراً أوسع للقاهرة على صعيد التواجد في قطاع غزة، وهو ما استدعى من المسؤولين المصريين، ضرورة الحصول على تعهدات وموافقات من قيادات الفصائل بشأن تلك الترتيبات التي وضع في الاعتبار الدور الإيراني فيها لما لها من نفوذ لدى حركتي حماس والجهاد.

الترتيبات الجديدة تستهدف توسيع حجم التبادل التجاري مع قطاع غزة، انطلاقاً من ميناء العريش المصري، عبر إقامة ميناء فرعي في غزة، تكون إدارته تابعة لميناء العريش، تحت إشراف وإدارة مصرية، بالإضافة إلى طريق بري سريع يربط بين قطاع غزة ومدينة العريش، بحيث يتم نقل البضائع برياً من غزة إلى الميناء ومنه إلى دول العالم والعكس.

هذه الترتيبات تستهدف بشكل واضح وضع حركات المقاومة في مواجهة أمنية وعسكرية مع الجانب المصري بدلا من إسرائيل العاجزة عن مواجهة حركات المقاومة الفلسطينية؛ ووتواجه هذه الترتيبات  مجموعة من العقبات، أهمها عدم تحمس مصر لتوسيع أدوارها على صعيد إدارة مشروعات داخل قطاع غزة، كون الإشراف على إدارة ميناء داخل القطاع، يجعل مصر المسؤول الأول أمام القوى الدولية وإسرائيل حال تسرب أي أسلحة إلى القطاع عبر الميناء”. فهذه الترتيبات تستلزم  صلاحيات أمنية مصرية واسعة في قطاع غزة، حتى توافق على لعب هذا الدور، وهو الأمر الذي لن تقبله الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس”.

ولمزيد من الإغراء للجانب الفلسطيني يتضمن المقترح تزويد مصر قطاع غزة بالكهرباء، عبر مشروع كبير تمد من خلاله مصر غزة بـ100 ميغاواط كمرحلة أولى، تتم زيادتها على مراحل تالية”، على أن يتم تكثيف اللقاءات المصرية مع حركات المقاومة والحكومة الفلسطينية في الضفة برئاسة محمد أشتيه الذي زار القاهرة مؤخرا؛ وتستهدف هذه الاجتماعات الفنية ملف تطوير الشبكة والخطوط على الحدود بين رفح والعريش”. وكشف رئيس سلطة الطاقة الفلسطيني ظافر ملحم، الخميس الماضي(غرة يونيو 23م)، تفاصيل جديدة عن المشروع المصري الذي قال إنه “يساهم في معالجة العجز الكهربائي في قطاع غزة”. وأشار، في تصريحات إذاعية، إلى أن الفرق الفنية التابعة للكهرباء في قطاع غزة “ستبدأ قريباً بتطوير شبكات وخطوط الكهرباء على الحدود في منطقة العريش ورفح”. وأضاف أن “هذا المشروع الحيوي سيتم تطويره باستمرار، لتوفير كميات أكبر من الطاقة الكهربائية لقطاع غزة قد تصل إلى 300 ميغاواط”.

“الملف الثالث على أجندة الاجتماعات، يتعلق بحقل الغاز الفلسطيني المواجه لسواحل غزة (غزة مارين)، والذي تجري مفاوضات موسعة بشأن تشغيله بين كل من مصر وحكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية برعاية الإدارة الأميركية، بحيث يتم تشغيله بشكل مشترك بين القاهرة وحكومة الاحتلال، بحيث تحصل السلطة الفلسطينية على الجزء المخصص للفلسطينيين من عوائده”. وترهن حكومة الاحتلال تشغيل الحقل، بالصيغة المطروحة، بضرورة الحصول على تعهدات من حركة حماس، تضمن سلامته وعدم التعرض له”. بينما تشترط حماس أيضاً التوافق على حصة محددة من عوائد الحقل، قبل توجيهها إلى السلطة الفلسطينية”.