وبعد سنوات من التطبيع رنّت الصفعة على الوجه القذر.. كيف أحرق “محمد صلاح” شيطان العرب؟

- ‎فيتقارير

“لا للتطبيع”  تلك هي الرسالة التي تركها لنا الجندي الشهيد ابن مصر محمد صلاح، وكتبها بدمائه الزكية بالعملية البطولية على الأراضي الفسطينية المحتلة، وأسقط من العدو ثلاثة قتلى وأصاب آخرين، وارتقى شهيدا في أثناء اشتباكه مع قوات إضافية للعدو في “معبر العوجة” بسيناء، ونزلت العملية نارا وتفجرت بركانا في قلب شيطان العرب وحاكم الإمارات محمد بن زايد.

عملية لم تتوقف أضرارها عند القتلى والمصابين في صفوف العدو، بل أحدثت حالة من الرعب والذعر في نفوس المطبعين العرب مع العدو الصهيوني، ووصفت بأنها عملية جهنمية وغير عادية نفذها شاب واحد، معتمدا على نفسه، متسلحا بإيمانه، قطع مسافة لا تقل عن 5 كيلومترات تجاوز خلالها الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وفلسطين المحتلة، وأعد العدة وانتظر حتى انتصر.

عملية العوجة التي قام بها الشهيد محمد صلاح أسقطت الهرولة العلنية نحو التطبيع التي كانت كاشفة وفاضحة لشيطان العرب حاكم الإمارات محمد بن زايد، وزادت تعرّيته أمام الشعوب العربية والإسلامية.

وينطلق بن زايد في تكريس التطبيع من هدف حماية نظامه وتقريبه من واشنطن، بغض النظر عن موقف الفلسطينيين وموقف شعبه من التطبيع.

وهو خالف الحقيقية التاريخية لشعب الإمارات باعتبار إسرائيل كيان عدو، والتزامه برفض كل أشكال التطبيع معها قبل التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.

وفي مارس 2002، تبنّت قمة بيروت العربية مبادرة السلام التي أطلقها ولي عهد السعودية في حينه عبدالله بن عبدالعزيز، وطرحت سلاما كاملا مع الدول العربية، بشرط انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، بما في ذلك الجولان.

والتوصل لحل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.

وعلى الرغم من وجود تاريخ طويل من العلاقات السرية بين دول عربية عديدة وإسرائيل، واستمرار الأخيرة في رفضها بنود المبادرة العربية.

فإن خطوات التطبيع من بن زايد أخذت منحى متسارعا وعلنيا في الآونة الأخيرة، ويجري هذا التطبيع على عدة مستويات، اقتصادية وتجارية وأمنية وعسكرية وثقافية ورياضية.

إذ تنامى نسق التطبيع التجاري والاقتصادي بين إسرائيل والنظام الإماراتي بوضوح خلال السنوات الأخيرة، ولجأ بن زايد لشراء التكنولوجيا الاستخباراتية المصنوعة في إسرائيل للتجسس على معارضيه السياسيين ومراقبة وتتبع نشاطاتهم.

واشترت الإمارات تكنولوجيا متطوّرة لقرصنة الهواتف النقالة بغرض التجسس على معارضيها وخصومها، وعسكريا شاركت الإمارات في تمارين عسكرية إلى جانب إسرائيل من أهمها تمرين العلم الأحمر (Red Flag)، وهو تمرين متقدم على القتال الجوي، تُشرف عليه القوات الجوية الأمريكية.

وعام 2019، شارك سلاح الجو الإماراتي مع إسرائيل في تدريبات عسكرية تعرف باسم إينيو هوس (Iniohos) في اليونان، وعلاقة الإمارات مع إسرائيل باتت تتجاوز مسألة التطبيع إلى التحالف والخدمات المتبادلة، وذلك ليس في مواجهة إيران.

فأبوظبي تعرف أن إسرائيل لن تواجه إيران من أجلها، بل في التنسيق والتعاون على التأثير في سياسات الولايات المتحدة في المنطقة.

وبينما تقود الإمارات تحت نهج محمد بن زايد قاطرة التطبيع يزيد مؤامراته لبسط نفوذ أبوظبي عبر مساحات واسعة من منطقة الشرق الأوسط، وشمال وشرق إفريقيا.

وترى الإمارات، بعد أن توغلت في أزمات عديدة، وحمّلتها الشعوب العربية مسؤولية فشل ربيعها، وترى كذلك أنها سفكت دماءهم ودمرت أوطانهم، أن إسرائيل قد تشكِّل أفضل حام لها في هذه الظروف.

موجة التطبيع التي تقودها حكومة الإمارات، وحميمية العلاقات مع الاحتلال لم تنعكس على الشعوب العربية، وخاصة الشعب المصري، الذي مازال على موقفه من الاحتلال، ويراه عدوه الأول ومغتصبا ومحتلا وقاتلا، فالحكومات في وادي التطبيع، أما الشعوب فدائما وأبدا خلف المقاومة بالمتاح من سبل الدعم والمساندة.

ولم تفلح مساعي تغيير عقيدة الجندي المصري التي استمرت لأكثر من 10 سنوات من خلال تشويه المقاومة الفلسطينية في غزة والمشاركة في حصار أهلها، بل وبالدخول في حرب عنيفة مع الجماعات في سيناء، والتي خلفت آلاف الضحايا كلهم مصريون، فمنهم المدنيون ومنهم العسكريون، وعناصر الشرطة وأعضاء الجماعات المسلحة، لقد كانت معارك تُسعد الأعداء، مع كل سفك للدماء، بزي عسكري أو بدوي أو أبرياء. 

وفشل دراما الإسفاف التي دأبت على استهداف عقول الشباب المصري وتشويه نفوسهم بأعمال تدفعهم نحو التحلل من كل قيمة، وتُزين في عقولهم كل الأفكار اللئيمة، بالنظر إلى سن الشهيد البطل محمد صلاح سنجد أنه من الفئات العمرية التي عاشت مراحل طفولتها ومراهقتها على أغاني المهرجانات، وما تحتوي عليه من انحطاط وإفساد للذوق وتشويه للفن، وشاهدت دراما موجهة لعقولهم تُسوّق للبلطجة والسطحية والانسياق وراء الشهوات والملذات.

وتهدف هذه السياسات إلى خلق مساحات لتفريغ طاقة الشباب بما لا يزعج من بيدهم الأمر ويستقر معها السلطان أبد الدهر، مهما ترتب على ذلك من تدمير لمستقبل ملايين الشباب، وأهدر على بلادهم فرص الاستفادة منهم، وحرمهم من حقهم الأصيل في أن يتمتعوا بالعيش في بيئة تساعدهم على تطوير ذاتهم وتمكينهم من كافة سبل التعليم والتعلم.

وخابت مساعي بعض القوى التي استهدفت، على مدار سنوات وسنوات من خلال أدوات إعلامية وفنية وثقافية وسياسية، تحييد الشعوب العربية وتفريغ عقول أجيالها من القضية الفلسطينية التي عاشت في نفوس وعقول وقلوب الشعوب العربية، فهي أم القضايا وأصل الحكاية في الصراع الأبدي مع الاحتلال، وسيبقى حتى الزوال.

لقد حطم الشهيد البطل محمد صلاح كل هذه المساعي، وأثبت أن الشعب المصري لم ولن يُهزم في قيمه ومبادئه وعقيدته مهما طال الزمن وكثرت المحن وأحاطت به الفتن، لن يحيد عن طريقه ولن يعادي إلا الأعادي، مهما علا صوت الإسفاف وزيّنته أدوات الفساد الإعلامي والدرامي.

استيقظ العدو على الحقيقة المرة التي بددت أوهامه وتساقطت معها أحلامه وآماله من أن سيناء أصبحت لهم، وجنود مصر غفر يسهرون على أمنهم، بعد سنوات من الصداقة غير المرغوبة شعبيا مع السلطات والتعاون الأمني الذي وصل إلى حد مشاركة طيران العدو في عمليات عسكرية في سيناء أثناء مواجهة الجماعات المسلحة في سنوات مضت.

الحقيقة التي أرستها عملية العوجة التي قام بها الشهيد محمد صلاح هي أن الصهاينة والمصريين ليسو أصدقاء، وأن بينهم أرضاً محتلة ودماء شهداء، وقوافل قضت نحبها وأخرى تنتظر، طال الوقت أو قصر، ستظل تنتظر حتى تتحرر الأرض وتنتصر.