مصر على خطى لبنان ..التضخم  يعاود الارتفاع مجددا وصدمة للعسكر في بيع أصول مصر

- ‎فيتقارير

 

كشف تقرير أعدته وكالة رويترز، أن معدل التضخم في مدن مصر ،عاود الارتفاع ليسجل مستويات قياسية في مايو الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار الوقود وزيادة أسعار السلع التموينية والمواد الغذائية.

استطلعت الوكالة في تقريرها آراء 13 محللا كان متوسط آرائهم أن التضخم السنوي في مصر سيرتفع إلى 31.4% في مايو من 30.6 % في أبريل.

وبلغ التضخم في مصر أعلى مستوياته عند 32.952% في يوليو 2017.

انخفض السعر الرسمي للجنيه بنحو 50% منذ مارس 2022 بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وانسحاب نحو 23 مليار دولار مما يسمى بالأموال الساخنة.

يناير السبب

 وكثيرا ما يلقي المنقلب عبد الفتاح السيسي بالمسؤولية في المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد على الاضطرابات التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011 ، فضلا عن "لبانة" زيادة النمو السكاني السريع.

ووفقا لتقديرات البنك الدولي، فإن النمو السكاني ارتفع على أساس سنوي في 2021 بمقدار 1.7 بالمئة، ومنذ عام 2020، تحدثت سلطات الانقلاب عن الصدمات الاقتصادية التي أحدثتها مشكلات خارجية، منها جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.

لكن المحللين قالوا: إن "هناك أخطاء سياسية أدت إلى هذا الوضع الاقتصادي، من بينها إنفاق الكثير لمساندة العملة المحلية والاعتماد على استثمارات المحافظ الأجنبية المتقلبة وعدم تنفيذ إصلاحات هيكلية".

وقالت منى بدير من بنك البركة: “التضخم سيرتفع في الغالب مدفوعا بارتفاع أسعار الوقود وقرار الحكومة زيادة أسعار السلع الرئيسية لحاملي البطاقات التموينية”.

 وتوقع بنك البركة أن يرتفع معدل التضخم الأساسي الذي يصدر عن البنك المركزي، ويستثني الوقود وبعض المواد الغذائية المتقلبة الأسعار إلى 40 % من 38.6% في أبريل، رغم أن متوسط توقعات ستة محللين أظهر انخفاضه إلى 38.5 بالمئة.

في أعلى مسيتوياته

أضافت بدير نتوقع أن يواصل التضخم الأساسي مساره الصعودي، مدفوعا بتأثير الجولة الثانية من الزيادات في أسعار الوقود بشكل رئيسي على الغذاء والنقل، فضلا عن قفزة في أسعار السلع الأساسية، خاصة اللحوم مع زيادة الطلب باقتراب عيد الأضحى .

فيما توقعت كابيتال إيكونوميكس أن يرتفع معدل التضخم في المدن المصرية إلى 30.9% على أساس سنوي، وقالت: إن "استمرار آثار ضعف العملة من شأنه أن يفاقم تضخم أسعار الغذاء على الرغم من تراجع أسعار السلع الأولية عالميا".

ويشكل ارتفاع معدلات التضخم عبئا على البنك المركزي كي يرفع سعر الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية في 22 يونيو الجاري، خاصة بعد أبقى على سعر الفائدة دون تغيير عند 18.25% في اجتماعه السابق في 18 مايو، ليصل إجمالي الزيادات منذ مارس 2022 إلى 10%.

 مصر على خطى لبنان

وتضاعفت أسعار المواد الغذائية في مصر، وقيمة الرواتب نقصت إلى النصف بسبب انخفاض قيمة الجنيه، الأمر الذي دفع خبراء ومراقبين للقول إن "مصر تتجه نحو ما اتجهت به لبنان إذا ساءت الأوضاع أكثر في مصر".

وبات شراء المواد الغذائية يمثل تحديا لكثير من المصريين منذ انهيار سعر صرف الجنيه،  تضاعفت أسعار المواد الغذائية، فيما تراجعت القيمة الشرائية للمرتبات إلى النصف.

ودفعت أسرا لإنقاص الكميات الخاصة بالطعام والأغذية للنصف ويزيد ، بدعوى الحد من النفقات في ظل ارتفاع الأسعار ، وشراء المهم فقط لأطفالهم وخاصة الأدوية والألبان والأجبان وقليل من اللحوم والدواجن.

ويكشف الخبير الاقتصادي أحمد شوشة ، في تقرير قدمه في 2022 للمنظمة غير الربحية "مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط"، ومقرها واشنطن.

أن تبعات انهيار الثقة في لبنان كانت كارثية، ولكنها ستبدو بلا معنى ولا تقارن ، بما يمكن أن يحدث في مصر لو تكرر نفس الوضع هناك.

المشاكل الاقتصادية الحالية في مصر هي نتيجة لسلسلة من المشاكل الداخلية، اضطرابات سياسية، وفساد، وفشل اقتصادي للحكومة، ثم ضاعفت مؤخرا بعض المشاكل الخارجية من الأزمة تبعات وباء كوفيد19، والغزو الروسي لأوكرانيا، والركود الاقتصادي العالمي الذي يلوح في الأفق.

فناكيش اقتصادية

ومنذ عام 2014، دعمت حكومة العسكر لإقامة "مشاريع وطنية عملاقة"، كمشروع القطار الكهربائي المسيّر، بقيمة 21 مليار يورو، ومشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة بالقرب من القاهرة، بقيمة 46 مليار يورو، أعطت هذه المشاريع دفعة للنمو في البلاد، ولكنه نمو مصطنع، إذ يشارك الجيش في كثير من هذه المشاريع التي تجلب الربح.

مثل هكذا اقتصاد تسيطر عليه الشركات الحكومية وتلك التابعة للجيش، يضعف فيه القطاع الخاص، وهذا أدى إلى تنفير المستثمرين الأجانب، بينما لا يزال البلد مثقلا بالديون الأجنبية، التي تصل قيمتها إلى 138 مليار يورو، ما يعني أن مصر بحاجة لتخصيص ثلث الدخل القومي الإجمالي من أجل عملية سداد الديون.

وفي منتصف ديسمبر من العام الماضي ،وافق المجلس التنفيذي  لصندوق النقد الدولي  على قرض مستعجل لمصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وهو الاتفاق الثالث من نوعه مع الصندوق منذ 2016 والهدف منه جذب استثمارات خارجية ومزيد من المساعدات المالية، بيد بيد أنه كان على الحكومة المصرية القبول بعدة شروط وتعهدات كبرى، منها  تحرير سعر صرف العملة،  مما أدى إلى سقوط كبير في قيمة الجنيه.

والشرط الثاني لصندوق النقد الدولي هو أن تقوم الحكومة بصرف مساعدات مالية مباشرة لخمسة ملايين أسرة مصرية شديدة الفقر، وشرط آخر قبلت به القاهرة هو كبح الإمبراطورية الاقتصادية للجيش.

هذا القرض من صندوق النقد الدولي يمكن أن يكبح تردي الأوضاع في مصر، ولكن من الصعب التكهن بالنتائج، وما إذا كان ذلك سيخفف الأعباء الثقيلة على المواطنين.

تطور سيئ للاقتصاد بزمن المنقلب

ومنذ مارس آذار 2022، انخفضت قيمة الجنيه المصري نحو 50 بالمئة مقابل الدولار، وأدى النقص الحاد في الدولار إلى تقليل الواردات وتراكم البضائع في الموانئ، مما كان له تأثير سلبي على الصناعة المحلية.

وارتفع التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 25.8 بالمئة في يناير كانون الثاني، وهو أعلى مستوى منذ خمس سنوات، بحسب البيانات الرسمية. وزادت أسعار العديد من السلع الغذائية الأساسية بصورة أسرع.

وأفادت البيانات الرسمية بأن  معدل الفقر بلغ نحو 30 بالمئة من السكان قبل جائحة كوفيد-19، فيما يقول المحللون إن "معدل الفقر ارتفع منذ ذلك الحين، وتشير التقديرات إلى أن 60 بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين نسمة تحت خط الفقر أو بالقرب منه.

فشل عملية بيع الأصول

في السياق، جمعت حكومة الانقلاب 150 مليون دولار فقط حتى الآن من إجمالي ملياري دولار من المفترض تجميعها قبل نهاية يونيو الحالي بحسب تقرير لموقع «الشرق بلومبرج» السعودي.

أعلنت الحكومة في فبراير، نيتها طرح 32 شركة حتى مارس 2024، من ضمنها 8 شركات قبل نهاية أغسطس، مع تقديرات بأن تبلغ حصيلة الصفقات ملياري دولار بنهاية السنة المالية الحالية في 30 يونيو، اقتصرت الطروحات على بيع 10% من أسهم “المصرية للاتصالات” بقيمة 150 مليون دولار.

كشف مسؤول حكومي مطلع على ملف الطروحات والمفاوضات مع الجهات الخليجية لـ”الشرق” عن وجود عروض وصفها بالـجيدة لعدد من الأصول، وهناك أكثر من صفقة على وشك الإغلاق والإعلان عنها، لكن لا زال هناك ضغوط بسبب قيمة الصفقات وسعر الصرف، نحن نتحدث عن فروقات بعشرات ملايين الدولارات تفصل بين الطرفين في المفاوضات لإتمام الصفقات، وهذا إن دل على شيء، فإنه يؤكد أن مصر لا تفرّط في الأصول بأسعار بخسة، وإلا كانت أُغلقت العديد من الصفقات خلال الفترة الماضية.

من أبرز الشركات التي يتوقع المسؤول الانتهاء من بيع حصص فيها بالفترة القليلة المقبلة، هي “إيلاب” التابعة لوزارة البترول  و”صافي” الغذائية و”وطنية” لمحطات الوقود التابعتين للجيش، والشركة القابضة التي تضم محفظتها أصول عدد من الفنادق التابعة للحكومة.