خبر صادم.. القطار الكهربي يضيف 80 مليار جنيه إلى أعباء الديون

- ‎فيتقارير

فجَّر عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ محمود سامي مفاجأة صادمة مساء الإثنين 5 يونيو 2023م، في مداخلة له مع برنامج "حديث القاهرة" على فضائية "القاهرة والناس" المحسوبة على جهاز المخابرات العامة؛ حيث كشف أن معدل الفائدة على قرض مشروع القطار الكهربائي يبلغ 5.5 % بالعملة الأجنبية، مشيرا إلى سداده على مدتي 14 و 12 عامًا، مضيفا: «هذا المشروع الجديد يضيف بين 70 إلى 80 مليار جنيه؛ لعبء الدين العام». معلقا على ذلك بقوله إن نسبة الفائدة تجارية بحتة وليست تنموية.

جاء ذلك في سياق تعليقه على موافقة المجلس خلال جلسته المنعقدة الإثنين على مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجديد 2023/2024 أمام الجلسة العامة بمجلس الشيوخ. وأوضح النائب حالة التناقض التي تماسها حكومة الانقلاب؛ فعنوان الخطة الرئيس على مدار انعقاد الجلسات خلال الأسبوع الماضي وجلستي الأحد والإثنين؛ تمثل في استهداف تقليل الإنفاق العام قدر المستطاع؛ من أجل تخفيف أعباء وخدمة الدين.

لكن حكومة الانقلاب تعهدت بتنفيذ مشروع القطار الكهربي رغم أنه يخالف المعايير التي وضعتها الحكومة نفسها من خلال وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، باستكمال المشروعات التي تخطى معدل التنفيذ بها 70%، ورغم أن المشروع لم ينفذ منه سوى أقل من 20% فقط  ــ حسب النائب ــ  إلا أن الحكومة مصرة على تنفيذه لسببين: الأول هو استثناء المشروع بتوجيه رئاسي، والثاني أن الحكومة تعتبره مشروعًا تنمويا كبيرًا وحيويًا، وقد يكون له بعض الأبعاد القومية للأمن القومي.  وحصلت الحكمة على موافقة مجلس النواب في مايو 23م باعتماد قرض جديد بقيمة 2.2 مليار يورو، معقبا: «ما يشجع الحكومة على تنفيذه أن جزءًا كبيرًا من تمويله من قروض خارجية بفترات سديد طويلة الأمد، لكن معدلات الفائدة لا أستطيع أن أقول ميسرة؛ فهي تجارية بحتة وليست تنموية».

وحسب كلمة وزير النقل أمام مجلس النواب في مايو 23م، فإن مشروع القطار السريع سيمتد لمسافة 2000 كيلومتر على ثلاثة مراحل،  تمتد من منتجع العين السخنة شرقاً، مروراً بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومدن السادس من أكتوبر وبرج العرب في محافظة الإسكندرية والعلمين الجديدة، وصولاً إلى مرسى مطروح غرباً.  لافتا إلى الانتهاء من نحو 45%  من المرحلة الأولى التي تبلغ تكلفتها نحو 11 مليار دولار وتمتد بطول 660كم. وبدأ العمل بالمشروع منذ أكتوبر 2021م، وتشارك في تنفيذه نحو 42 شركة مصرية تقوم بشق الطرق في الجبال لإنجاز المشروع. وتقول الحكومة إن الهدف من المشروع هو تحويل مصر إلى مركز للتجارة العالمية واللوجستيات، كون شبكة القطار السريع ستربط بين جميع الموانئ على البحرين الأحمر والمتوسط".

وتواجه حكومة السيسي انتقادات حادة مع تضخم حجم الديون وفوائدها؛ فقد وصلت بند خدمة الديون في مشروع الموازنة الجديدة (2023،2024) نحو "2.45" تريليون جنيه، والتالي فإن جميع الإيرادات المتوقعة (2.1" تريليون جنيه) لا تكفي  لسداد بند خدمة الديون فقط! ورغم ارتفاع نسبة الفقر وزيادة معدلات البطالة، فإن حكومة السيسي تصر على أولويات بعيدة كل البعد عن هموم الشعب المصري. فالشعب يشاهد الحكومة و هي تنفذ مشروعات تتكلف تريليونات الجنيهات لا يستفيد منها شيئا، وتمول بقروض من الخارج. ويؤكد النائب عن الحزب المصري الديمقراطي فريدي البياضي أن حجم الديون تجاوز الـ"10" تريليون  جنيه، (الدولار = 30.95 جنيهاً)، وفوائد ديون تأكل نصف مصروفات الدولة!

ووفق بيانات حكومية، ارتفع الدين الخارجي لمصر ليصل إلى 162.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2022، مقابل 154.9 مليار دولار في سبتمبر 2022، علماً أن إجمالي الدين لم يكن يتجاوز 38.3 مليار دولار في مارس 2013م.

وحسب وكالة رويترز في تقرير لها نشرته في 6 يونيو 2024م، فإن مهمة مصر تزداد صعوبة يوما بعد يوم لجمع السيولة المطلوبة لسداد فاتورة ديونها الخارجية، بعدما ارتفع الاقتراض الخارجي في الأعوام الثمانية الماضية، إلى أربعة أضعاف، للمساهمة في تمويل بناء عاصمة جديدة، وتشييد بنية تحتية، وشراء أسلحة، ودعم عملة مبالغ في تقدير قيمتها. وحسب الوكالة العالمية فإن هذه المشروعات الضخمة لا تدرّ سوى القليل من العملة الصعبة، بينما فاقم المستثمرون الأجانب المتاعب بالعزوف عن مصر وغيرها من الأسواق الناشئة، منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، وزيادة تكاليف الاقتراض العالمية. في إشارة إلى هروب أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من السوق المصرية مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022م.

ورغم تعهد الحكومة بسداد ما عليها من التزامات كأقساط وفوائد في المواعيد المقررة إلا أنها ــ حسب رويترز ــ لم تنفذ (الإصلاحات) الهيكلية في الاقتصاد وخطط بيع شركات مملوكة للدولة لم يسفر عن بيع أي أصول رئيسية بالعملة الصعبة منذ نحو عام.

وتظهر بيانات البنك المركزي في بداية يونيو 2023م، أن المدفوعات المستحقة تشمل 2.49 مليار دولار من الديون قصيرة الأجل في يونيو/حزيران، بينما في النصف الثاني من 2023 تشمل 3.86 مليارات دولار من الديون قصيرة الأجل و11.38 مليار دولار من الديون طويلة الأجل. وبعض هذه الديون مستحق السداد لدول صديقة، مثل حلفاء مصر في الخليج. واستنادا إلى تجارب سابقة، من المرجح أن يمددوا أجل ودائع لهم في البنك المركزي المصري تقارب قيمتها 30 مليار دولار.

وهناك ديون أخرى مستحقة لمقرضين أقل تسامحا مثل صندوق النقد، الذي يجب أن تسدد له مصر 2.95 مليار دولار بحلول نهاية عام 2023، وحاملي السندات الأجانب، الذين يستحقون 1.58 مليار دولار. وجدول السداد شاق على نفس المنوال في السنوات التالية. وتشكل هذه المدفوعات لصندوق النقد وحاملي السندات الأجنبية وحدهم، وهي حوالي 4.5 مليارات دولار، أكثر من نصف العائدات التي تجنيها مصر سنويا من قناة السويس، وتبلغ ثمانية مليارات دولار.

وتشمل المشروعات التي ابتلعت الاقتصاد المصري العاصمة الإدارية الجديدة التي ستبلغ تكلفة إنشائها شرقي القاهرة 58 مليار دولار، ومحطة للطاقة النووية بتكلفة 25 مليار دولار على ساحل البحر المتوسط، وإنشاء شبكة سكك حديدية للقطارات عالية السرعة بطول ألفي كيلومتر، ستكون سادس أكبر شبكة في العالم، وقالت الرئاسة المصرية إنها ستتكلف 23 مليار دولار. وفي الفترة من عام 2015 إلى 2019 صارت مصر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم، إذ تعاقدت على ما لا يقل عن 54 طلبية أسلحة، وفقا لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام.