كشفت رسالة على لسان المعتقل محمد أوسام طالب الهندسة عن تركه للموت البطيء بعد تدهور حالته الصحية على مدار نحو 10 سنوات ونقله مؤخرا إلى مستشفى سجن بدر.
الرسالة جاءت استغاثة لكل من يهمه الأمر للتحرك لإنقاذ حياته بعدما تُرك عن عمد للموت البطيء، وبعدما ساءت حالته بشكل بالغ واجتمعت عليه آلام المرض واستمرار سجنه في ظروف لا تتناسب مع أدنى معايير السلامة وعدم تقديم الرعاية الصحية اللازمة لحالته .
وقال في رسالته: أنا المعتقل محمد أوسام عبدالعزير علي راشد، أنا شاب عمري دلوقتي 31 سنة، كنت طالبا مجتهدا في كلية الهندسة قسم الميكاترونكس ومتفوقا ومثقفا دينيا وعلميا وحافظا لكتاب الله، وكنت بحب بلدي وكنت بتمنى في يوم من الأيام أخدمها وأحقق فيها اللي كنت بحلم بيه من خير، لكن كان في رأي تاني للي حكم بلدنا.
حكاية عمرها 10 سنين
وتابع: "بدأت الحكاية بمرض اسمه الصفراء الانسدادية، وبحسب كلام الدكاترة إنه في ضيق خلقي في القناة المرارية الرئيسية قطرها أقل من الطبيعي، القناة دي مكانها بين الكبد والمرارة وعلى إثر الضيق دا بيحصل انسداد كامل في القناة وبترتفع نسبة الصفراء في الدم وبيحصل مضاعفات تانية كتير، الكلام دا تم تشخيصه في سنة 2015 وتم تسليك القناة المراية وتركيب دعامة مؤقتة لتوسيع القناة وعمرها ما بين 3 إلى 4 شهور وكان هذا الإجراء يوم 27/1/2015.
وطبعا كان من المفترض بداية من التاريخ دا وبعد أربع شهور تتم فحوصات جديدة وبناء على الفحوصات دي كان هيتم اتخاذ القرار المناسب لحل المشكلة حلا جذريا من قبل الأطباء، إما بتركيب دعامة ثابتة أو إجراء جراجة تحويل مسار القناة قبل نقطة الضيق إلى الإثني عشر".
بداية المأساة الحقيقة
ويواصل المعتقل الشاب: "في ليل يوم 20/4/2015 ودا تاريخ القبض علىّ، من تاريخ العملية إلى هذا الوقت أذكر أنني كنت في إجازة مرضية ممنوع من الحركة.
عندما تم القبضُ علي كنت لا أزال في فترة يصعب علي فيها الحركة وكان لي نظام معين في الأكل ( أكل محدد) وكان لي علاج على مدار اليوم وكان من ضمن العلاج أيضا شرب السوائل كثيرا، ولكن تم اخفائي لمدة أسبوع في هذا الأسبوع رأيت فيه الكثير الكثير، وعانيت بشدة فعدم توافر العلاج وأمور أخرى وأهمها الراحة وشرب السوائل في هذه المدة وبناء على منع العلاج.
حصل انسداد كامل في الدعامة اللي مفروض أنها بتعالج الأزمة مؤقتا، وتطور الأمر وحصل مضاعفات شديدة مع التأخير في استخراج الدعامة وساءت حالتي كثيرا.
وفي تاريخ 15/7/2105 تم استخراج الدعامة المؤقتة وفي تقرير الأطباء في هذا التاريخ ، يوجد التهابات شديدة جدا ونسبة صديد عالية جدا جدا في مجرى القناة لا يمكن معها أى إجراء آخر في وقت استخراج الدعامة من القناة، وكذلك تصلب مُزمن في القناة المرارية الرئيسية والقنوات الفرعية داخل الكبد، ومن تاريخ 15/7/2015 إلى وقتنا هذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لحل هذه المشكلة جذريا.
وعلى الرغم من حدوث مضاعفات وتطور الأمر وشراسة الألم الذي لم أعد استطع تحمله بأي شكل ولا أجد الراحة بأي شكل أيا كان، برغم أن والدتي تُحضر لي العلاج بشكل مستمر، ولكن بلا جدوى في هذا الوقت.
ووصل الأمر عندما أغمى عليَّ بيوم 17/6/2023 ونقلوني من مكاني إلى مستشفى السجن في برج العرب، وظللت في حالة الإغماء ما يقارب الأسبوع ولا يوجد عناية طبية نهائيا في مستشفى السجن، وعندما ساءت الحالة تم نقلي إلى المركز الطبي في وادي النطرون على أمل إنهاء هذه المأساة وإيجاد حل جذري لهذا الألم الشرس بداخلي".
أشعة رنين وأشعة الصبغة تكشف تضخم الكبد والطحال والبنكرياس
وصل الأمر إلى أنه في هذه الأشعة وجدوا تضخم كبير في الكبد وتضخم في الطحال وتضخم في البنكرياس والتهابات شديدة وتورم في الغدد اللمفاوية، وطبعا المرارة حدث ولا حرج.
وطبعا حصل انسدادات متعددة في القنوات المرارية في الفترة دي تجاوزت ال ٢٥ مرة برغم المحافظة والمداومة على العلاجات واتباع توصيات الأطباء السابقة، إلا أن الأمر استفحل ولم يعد يجدي العلاج نفعا ولا بد من حل جذري للمشكلة.
التقاعس في إجراء الجراحة اللازمة لحالته رغم تحويله لمستشفى سجن بدر
مؤخرا تم تحويلي من مركز وادي النطرون الطبي على أساس ما قاله الطبيب لي، لإجراء العملية الجراحية وتحويل مسار بمركز بدر الطبي، وأيضا على أمل إنهاء المأساة الشديدة، وتم إجراء الفحوصات المبدئية تحاليل وأشعة رنين MR. CP وسونار وغيره من الفحوصات، وإذ بالطبيب يقول لي نتيجة هذه الفحوصات.
للأسف أنت مفيش عندك أي حاجة، وكل شيء تمام ومفيش أي مشكلة أصلا في القنوات المرارية دي، بس هو كل ما في الأمر إننا نشتبه في مرض مناعي بيهاجم القنوات، ودا اللي بيسببلك المشاكل دي، وبرضو هتمشي على نفس العلاج اللي كنت ماشي عليه قبل كدا.
يعني من الآخر أنت معندكش أي حاجة، وكل اللي الأطباء والتقارير قالوه قبل كدا كان خطأ كبيرا وكلام ملوش أي أساس من الصحة، وأنت زي الفل والتقرير هيتكتب بكدا، وهيتم ترحيلك تاني لبرج العرب.
طيب سيبك من التقارير اللي في إيديك وسيبك من كلام الطبيب في مركز وادي النطرون الطبي، أنا جاي على هنا عشان تتم عملية تحويل المسار.
طيب كل الألم اللي أنا فيه دا وحاسس بيه مش حقيقي خالص وكل دا تمثيل مني، طيب عيني وجلدي اللي شبه صفار البيض، طيب وبطني المنفوخة دي، طب كل الألم اللي في بطني عايش بيه بقالي 9 سنين جوا السجن دا كله تمثيل؟.
لا دا شيء طبيعي مع الحالة بتاعتك دي يعني الآلام دي شيء أساسي أصلا هتفضل عايش بيها طول عمرك ولو فيه أي مشكلة مستقبلا عادى هنحقنك كورتيزون ومفيش حاجي عندى اسمها دعامة ثابتة.
وأنا كمان عرضت كل التقارير السابقة دي على أطباء أعلى مني ولم يقتنعوا بيها، والرد أنت معندكش أي حاجة، ومن الآخر الحالة أنا متأكد أنه مفيش حد هيتعامل معاها وهفضل أعاني دايما، عارفين ليه؟ الإجابة سهلة جدا.
مواطن درجة 6 بلا أي قيمة
أنت مسجون، أنت مواطن درجة سادسة أو ممكن نقول بلا أي قيمة، آلامك بلا أي قيمة، معاناتك ملهاش أي معنى، أنت نفسك بلا أي قيمة.
أنت مجرد ورقة واللي بيفتش وبيراقب بيراقب على الورقة أنت كإنسان، لا وجود لك ولا قيمة لك ولا وزن لك ولا تعني هذه الدولة في أي شيء.
السنه ٩ في السجن يعني 9 سنين متواصلة من الألم الذي لا ينتهي والمعاناة التي لا تنقطع يعني 9 سنين متواصلة من المسكنات بكل أنواعها ومن جميع العلاج اللي أوصاني به جميع الدكاترة، وبرغم هذا أنا الآن أعاني من تضخم الكبد وجميع الأجهزة التي بداخل بطني وبانسداد القنوات المرارية انسداد كامل وأعاني من ارتفاع شديد في الصفراء وارتفاع درجة الحرارة المتواصل.
وبكل أسف حتى المسكنات ولا العلاج الخاص بي مبقتش تجيب نتيجة، بل وللأسف المعدة تدمرت بسبب كل هذه العلاجات والمسكنات.
تألم في صمت حتى ترحل
والشعار المُتبع تألم في صمت، وإن استطعت أن ترحل فأرحل في هدوء ولا تُزعجنا بضجيجك وآلامك.
الحل واضح لو فيه حل، يتم تركيب دعامة ثابتة في مراكزهم الطبية أو يسيبونا إحنا نعالج أنفسنا على حسابنا الخاص، ولكن لا حياة لمن تنادي.
أنا في نظرهم هذا الإرهابي الذي دمر وخرب و و و و.
أنا الآن أعاني من أنواع ألم لا أستطيع أن أبوح بها ولا يوجد وصف كي أصف به هذه الآلام، والله وحده يعلم بحالي وألمي، أنا الآن في حالة من الخطر تهدد الكبد، ولكن أنا أمام الطبيب الذي أقسم القسم أن يعالج المرضى بما يرضي الله يقول لي:
"لا شيء بك فأنت سليم وسترجع إلى الزنزانة مرة ثانية وتعيش بالعلاج اللي مكتوب لك من عشر سنين فاتوا،، فأهم شيء أن يرضى سيادة الباشا.