كشف تقرير جديد أصدرته مجموعة حقوقية بالتزامن مع الذكرى السنوية العاشرة لمذبحة رابعة، التي مرت قبل أيام، أن سلطات الانقلاب ناقشت الخيارات التي يحتمل أن تكون أقل فتكا لتفريق المظاهرة، لكنها رفضتها في نهاية المطاف، بحسب ما ذكرت وكالة "سي إن إن".
وقالت الوكالة: إن "مصر شهدت أحد أكثر أيامها دموية في 14 أغسطس 2013، عندما استخدمت قوات الأمن الأسلحة الآلية وناقلات الجنود المدرعة والجرافات لسحق اعتصام في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة، حيث تجمع آلاف المصريين لأسابيع للاحتجاج على انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب ديمقراطيا الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي".
وأضافت الوكالة أن الروايات الرسمية تشير إلى أن عدد الشهداء مئات المواطنين، وتعتقد جماعات حقوق الإنسان أن الحصيلة الحقيقية كانت أعلى من ذلك، واتهم المتظاهرون الدولة بتنفيذ مذبحة جماعية، وزعمت سلطات الانقلاب أن متظاهرين مدججين بالسلاح هاجموا الشرطة.
وفي أعقاب إراقة الدماء، تم إنشاء لجنة وطنية للتحقيق في الاحتجاجات، بما في ذلك تفريق المتظاهرين ونتائجه المميتة، ونشرت اللجنة ملخصا تنفيذيا من 57 صفحة للنتائج التي توصلوا إليها في عام 2014، منها سبع صفحات فقط تناولت فض اعتصام رابعة.
تم تسليم التقرير الكامل إلى عبد الفتاح السيسي، اللواء السابق الذي انقلب على الرئيس مرسي قبل أن ينصب نفسه رئيسا، ومنذ ذلك الحين، لم تنشر حكومة السيسي الملف.
وفي تقرير نشر يوم الاثنين الماضي، قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة حقوقية بارزة: إنها "حصلت على النص الكامل للتحقيق، الذي تقول إنه يمتد إلى أكثر من 700 صفحة، وأصدرت ما قالت إنها تفاصيل رئيسية تم حذفها في الملخص الذي نشر قبل تسع سنوات، وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في تقريرها إنها حصلت على النص من مصدر موثوق بشرط عدم الكشف عن هويته".
ومن بين التفاصيل أن قوات الأمن درست خيارات متعددة حول كيفية فض الاعتصام، قبل أن تختار في نهاية المطاف استخدام القوة المميتة، وفقا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
بينما تضمن ملخص 2014 سطرا يقول: إن "الحكومة لديها بدائل أمامها، إلا أنه لم يحدد ماهية هذه البدائل أو يوضح النقاش بين قوات الأمن حول ما يجب القيام به".
وقال حسام بهجت، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: إن "أهمية النص الكامل للتحقيق هو أنه يتضمن محاضر شهادات الشهود التي تظهر كيف قرر المسؤولون تفريق الاحتجاج".
وأضاف بهجت لشبكة CNN "هذه هي المرة الأولى التي يكون لدينا فيها دليل رسمي، الوزارة نظرت في خيارين بالتفصيل ، وسبب فصلهما أو التخلي عنهما قبل العملية ".
ويستشهد تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بشهادة تقول: إن "اللواء مدحت المنشاوي الذي ترأس عملية الفض وأصبح فيما بعد مساعدا لوزير الداخلية لشؤون قوات الأمن المركزي، قدم للجنة التحقيق".
وقال المنشاوي للجنة: إن "السلطات ناقشت خيارات أقل فتكا لفض الاعتصام، بما في ذلك قطع المياه والكهرباء وفتح الصرف الصحي، فضلا عن محاصرة الساحة لمنع وصول الإمدادات الغذائية إلى المتظاهرين" وفقا للتقرير.
لكن السلطات قررت أن هذه الخيارات كانت ستستغرق وقتا أطول لإنهاء الاحتجاجات وتزعج السكان في المنطقة، بحسب المنشاوي ، وفقا للتقرير.
وقال المنشاوي لوسائل الإعلام المحلية في 2020 إن "الخطة كانت تفريق المظاهرة سلميا حتى يبدأ المتظاهرون في مهاجمة قوات الأمن، لكنه لم يشر إلى النقاش داخل قوات الأمن حول الخيارات الأخرى المفصلة في تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية".
انقسام في طريقة الفض
وجاء في تقرير التحقيق أن الحكومة كانت منقسمة بين تفريق التجمع بأي ثمن في فترة زمنية قصيرة، أو تفريقه بتكلفة أقل ولكن على مدى فترة زمنية أطول، وفقا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وأضاف التقرير أن "الحكومة أختارت الخيار الأول، لأن القادة في الاعتصام قد تجاوزوا ما يمكن تصوره أو ملاءمته."
ووفقا لتقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قال المحققون في ذلك الوقت أيضا: إن "الإدارة المصرية كانت مخطئة أيضا في سياستها لتفريق التجمع".
تواصلت CNN مع وزارة الداخلية بحكومة السيسي للتعليق على تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
كما تتناقض التفاصيل الواردة في تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع ملخص عام 2014، الذي قال: إن "الاعتصام لم يكن سلميا لا قبل الفض ولا أثناءه، حتى لو بدأ على هذا النحو".
وورد في تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، نقلا عن التحقيق العدد الأكبر من ضحايا رابعة كانوا من المدنيين الأبرياء الذين كانوا على الأرجح متظاهرين سلميين، أولئك الذين حملوا السلاح وأرهبوا المواطنين تمكنوا من الفرار من ميدان رابعة.
ووفقا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يقول التقرير أيضا: إن "قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية بطريقة عشوائية وغير مناسبة، وأنه لم يكن هناك ممر آمن يسمح بخروج أولئك الذين يرغبون في مغادرة الميدان بأمان وسط الفض.
وقال الملخص التنفيذي الصادر في 2014 إنه عندما وصلت قوات الأمن إلى الميدان في 14 أغسطس الساعة 6 صباحا بالتوقيت المحلي، بدأ المتظاهرون في إطلاق الذخيرة الحية وإلقاء زجاجات المولوتوف والحجارة، مما أدى إلى إصابة أفراد من قواتها، وقال الملخص: إن "الشرطة استخدمت أجهزة الإنذار والغاز المسيل للدموع بشكل تدريجي ولم تلجأ إلى الذخيرة الحية، إلا بعد مقتل وإصابة العديد من أفرادها (قوات الأمن)".
البحث عن المساءلة
وبعد عقد من الزمن، لم تتم محاكمة أي من أفراد قوات أمن الانقلاب، على الرغم من أن الملخص الصادر في عام 2014 خلص إلى أن المسؤولية عن الوفيات تقع على عاتق قادة الاعتصام وقوات الأمن على حد سواء، لكن في 2018، أصدرت محكمة مصرية 75 حكما بالإعدام في محاكمة جماعية لمشاركتهم في الاحتجاجات التي أعقبت الانقلاب على الرئيس مرسي. في 2021، أيدت محكمة الاستئناف المصرية عشرات من هذه الأحكام.
ووصفت منظمة العفو الدولية يوم الاثنين "عقدا من العار" في مصر، قائلة إن "الذكرى السنوية ال 10 لمذبحة رابعة هي تذكير صارخ بكيفية أن الإفلات من العقاب على القتل الجماعي لأكثر من 900 شخص قد مكن من شن هجوم شامل على المعارضة السلمية، وتآكل أي ضمانات للمحاكمة العادلة في نظام العدالة الجنائية. وقسوة لا توصف في السجون على مدى العقد الماضي".
وقالت هيومن رايتس ووتش في بيانها يوم الاثنين: "لقد فشلت السلطات المصرية لمدة عقد من الزمان في محاسبة أي شخص على أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث"، واصفة الفض بأنه "جريمة محتملة ضد الإنسانية".
غياب التحقيق الرسمي
ويشير تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن من بين التوصيات التي قدمت للرئاسة إعادة فتح الملف، وضرورة استدعاء الناجين والشهود الرسميين لإجراء تحقيق قضائي.
وجاء في تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، نقلا عن التوصيات "يجب رأب هذا الجرح وجميع ضحاياه".
لم تتم إعادة النظر في الملف مطلقا، وقال رئيس اللجنة التي جمعت النتائج، فؤاد عبد المنعم رياض، في 2019 إن التقرير لا يزال سريا، وقد توفي في عام 2020.
ولم يرد المركز الصحفي لحكومة السيسي على طلب CNN للتعليق على التقرير.
وردا على سؤال حول ذكرى المجزرة، قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر صحفي يوم الاثنين: إنه "لا يوجد شيء يمكن إضافته بخلاف ما قالته الأمم المتحدة في ذلك الوقت، ولكن كقاعدة عامة، يجب أن تكون هناك دائما مساءلة".
وقال بهجت: "من الواضح أنه ليس لدينا سبب لنتوقع من الإدارة المصرية الحالية لإعادة فتح تحقيق، لأنها لم تفعل ذلك منذ 10 سنوات، مضيفا أن سلطات الانقلاب حمت الجناة أثناء محاكمة الناجين.
وأضاف بهجت أن الخيارين الواقعيين الوحيدين للمساءلة، هما إما تغيير الوضع السياسي أو إحالة القضية إلى محكمة دولية.
واختتم: "هذه جرائم تخضع للولاية القضائية العالمية في المحاكم الدولية في جميع أنحاء العالم".
https://www.cnn.com/2023/08/18/middleeast/egypt-rabaa-sit-in-killings-eipr-report-mime-intl/index.html