مع فشلها في الحرب على قطاع غزة أمام المقاومة الفلسطينية الباسلة وتكبدها خسائر كبيرة، لجأت دولة الاحتلال الصهيوني إلى الحرب النفسية والتضليل بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، وزعمت أنها أعدت مضخات ضخمة لوضعها على البحر المتوسط لإغراق أنفاق المقاومة ودفع مقاتليها للخروج منها، وبالتالي إلحاق الهزيمة بهم.
الخبراء العسكريون استبعدوا تنفيذ مثل هذه الخطة الصهيونية، مؤكدين أن حماس مستعدة لكل الأساليب والخطط الصهيوينة ولن تتوقف عن المقاومة، حتى تحقيق أهداف وتطلعات الشعب الفلسطينيي .
وقلل الخبراء من أهمية هذه الخطة، مطالبين المقاومة بعدم الخوف منها أو الانشغال بها .
كانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية قد نقلت عن مسؤولين أميريكبن قولهم: إن “إسرائيل أقامت 5 مضخات على بعد ميل تقريبا إلى الشمال من مخيم الشاطئ للاجئين، يمكنها نقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه في الساعة وإغراق الأنفاق في غضون أسابيع”.
وأكدت الصحيفة أنه لم يتضح ما إذا كانت إسرائيل ستفكر في استخدام المضخات قبل إطلاق سراح جميع المحتجزين لدى المقاومة.
ولفتت إلى أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بهذا الخيار الشهر الماضي، مضيفة أن المسؤولين لا يعرفون متى ستشرع تل أبيب في تنفيذ تلك الخطة.
جريمة حرب
في المقابل اعتبرت روسيا قيام إسرائيل بإغراق الأنفاق تحت الأرض في قطاع غزة بمياه البحر بمثابة جريمة حرب.
وأكد دميتري بوليانسكي النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، في اجتماع لمجلس الأمن الدولي أن جرائم الحرب آخذة في التزايد من جانب إسرائيل لافتا إلى أنه في الأيام الأخيرة، انتشرت معلومات مروعة حول خطط إسرائيل لإغراق المرافق تحت الأرض في قطاع غزة بمياه البحر.
وقال بوليانسكي بحسب المعلومات المتاحة، قام الجيش الإسرائيلي بالفعل ببناء نظام من الأنابيب والمضخات المصممة لضخ مياه البحر، ويناقش حاليا مع الولايات المتحدة الإمكانية العملية لمثل هذا الإغراق هل سيكون هناك ما يكفي من المياه؟ وهل تسمح تضاريس الأنفاق بذلك.
وشدد بوليانسكي، على أن مثل هذه الخطوة في حال اتخاذها ستشكل جريمة حرب واضحة.
خطة فاشلة
من جانبه قال الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج: إن “إغراق أنفاق غزة بالمياه أمر ممكن من الناحية النظرية، لكن وبشكل عملي لن تنجح دولة الاحتلال في تنفيذ هذه الخطة بسبب صعوبات ومعوقات لا يمكن تجاهلها”.
وأوضح فرج في تصريحات صحفية أن أبرز التحديات التي تواجه تنفيذ هذه الفكرة تتمثل في، الحذر الشديد عند إغراق الأنفاق بسبب احتمال وجود محتجزين صهاينة فيها، وبالتالي فإن إغراق الأنفاق سيعرض أرواحهم للخطر.
هناك صعوبة في ضخ المياه بالأنفاق في ظل اشتعال القتال، وهو ما يتطلب السيطرة على منطقة بها أنفاق وتأمينها ثم الشروع في ضخ مياه البحر بها.
وأشار إلى أن الأنفاق في غزة مصنوعة من الخرسانة المسلحة، وهو ما يتطلب ضخ المياه بداخلها، وهو أمر صعب في ظل عدم امتلاك إسرائيل خرائط كاملة لها .
وتابع فرج “نظام السيسي استخدم المياه للتخلص من الأنفاق في رفح المصرية، لكنها كانت أنفاقا رملية تسببت المياه في إغراقها وهدمها في النهاية، وهو ما لا ينطبق على طبيعة أنفاق غزة التي تم إنشاؤها بالخرسانة المسلحة”.
وأكد أن مثل هذه العملية لن تكون من جانب واحد، لأن حركة حماس ستتخذ إجراءات مضادة مثل عزل الأنفاق التي تم ضخ المياه فيها، وإقامة حواجز تمنع تدفق المياه داخل النفق وإغلاق مسار النفق المستهدف من جانبها، مما يعرض العملية برمتها للفشل.
وأضاف فرج أن دولة الاحتلال لم تنجح في تدمير الأنفاق من خلال القنابل الاهتزازية بسبب عدم معرفتها بأماكن هذه الأنفاق، ثم استخدمت القنابل الإسفنجية التي تطلق رغوة لسد الأنفاق، وفشلت في ذلك أيضا مؤكدا أن عملية ضخ المياه لإغراق الأنفاق مهددة بالفشل أيضا، بسبب عدم فهم طبيعة هذه الأنفاق ومساراتها المعقدة، والصعوبات الكبيرة التي تكتنف هذه العملية.
حماس مستعدة
وقال اللواء نصر سالم، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية: إنه “اذا كانت هناك محاولة لإغراق الأنفاق في غزة بالمياه من قِبل إسرائيل، فان حركة حماس تعد عدتها لهذا الأمر ومستعدة لأي تصرف إسرائيلي مثل الهجوم بالغاز أو الماء”.
وأضاف سالم في تصريحات صحفية، أن حركة حماس خططت للبقاء تحت الحصار لفترة كبيرة، مشيرا إلى أن حماس لن تستسلم وستواصل مواجهة دولة الاحتلال الصهيوني .
وكشف أن فكرة إغراق الأنفاق تؤكد أن دولة الاحتلال لا تهتم بحياة أسراها أو موتهم، والذين تزعم أنها شنت الحرب لتحريرهم من الأسر .
حرب نفسية
واستبعد الخبير العسكري اللواء محمد الشهاوي، قدرة دولة الاحتلال على تنفيذ هذه الخطة مؤكدا أن الجيش الصهيوني على مدار شهرين لم يستطيع اكتشاف أو تدمير الأنفاق .
وقال الشهاوي في تصريحات صحفية: إن “الممرات أسفل سطح الأرض التي حفرها رجال المقاومة الفلسطينية على عمق 15-35 مترا تقريبا، لذا القنابل ليس بإمكانها الوصول إليها أو التأثير عليها حتى الآن”.
وأضاف أن الأنفاق يصل طولها إلى حوالي 500 كيلومتر، كما أنها ليست متصلة ببعضها وبينها حواجز، بالتالي لن تستطيع إسرائيل أن تغمرها بالمياه بالإضافة إلى تواجد الأسرى الإسرائيليين في تلك الأنفاق.
وتابع الشهاوي: اعتقد أن ذلك يدخل في إطار الحرب النفسية ضد رجال المقاومة الفلسطينية لتحسين شروط التفاوض للإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى حماس، مؤكدا أن خطة دولة الاحتلال غير واقعية ولن تؤثر على الأنفاق.
طبقات الأرض
وأكد الدكتور مصطفى محمود سليمان أستاذ الجيولوجيا بالجامعة البريطانية بالقاهرة، أن تلك الفكرة ليس لها تأثير على البنية التحتية لقطاع غزة في حالة تنفيذها، مشيرا إلى أن إسرائيل لم تصل إلى الأنفاق حتى وقتنا الحالي واكتشاف الأنفاق ليس بالأمر اليسير .
وقال سليمان في تصريحات صحفية: “ليس هناك تأثير جيولوجي على طبقات الأرض أو السطح الخارجي لقطاع غزة في حالة تنفيذ فكرة ضح المياه في الأنفاق، مؤكدا أنه ليس هناك معرفة بالطبقات وتفاصيل الأنفاق والمواد الأسمنتية والبنائية المستخدمة في بناء الأنفاق أسفل سطح الأرض”.
واعتبر أن خطة دولة الاحتلال مجرد حرب نفسية، ولا يجب إعارتها أي اهتمام.