صمود "الإخوان" التاريخي

- ‎فيمقالات

 

بقلم: د.عز الدين الكومي

 

لقد كان لصمود جماعة "الإخوان المسلمون" الأسطوري، منذ تأسيسها عام 1928 أكبر الأثر فى تعرية الحكام الخونة، سواء فى زمن المَلَكية، أم في زمن الحكم العسكري، الذي جسم على صدر البلاد لعقود عديدة؛ فهم الذين كشفوا عن تآمر الجيوش العربية وتواطئها مع العصابات الصهيونية على أرض فلسطين، لأن الإخوان قاتلوا عن عقيدة، لذلك ضربوا أروع الأمثلة بشهادة "موشيه ديان" الذي قال عنهم: "إن الفدائيين يحاربون بعقيدة أقوى من عقيدتنا، إنهم يريدون أن يستشهدوا ونحن نريد أن نبني أمة، وقد جربنا قتالهم فكبدونا خسائر فادحة؛ ولذا فنحن نحاول أن نتجنبهم"، وقد قال الشهيد سيد قطب عن هذه الجيوش الممسوخة: "إن هذه الجيوش العربية التي ترونها ليست للدفاع عن الإسلام والمسلمين، وإنما هي لقتلكم وقتل أطفالكم ونسائكم، ولن تطلق طلقة واحدة على الكفار واليهود".

 

وبصمود الإخوان انكشفت أقنعة الليبرالية والعلمانية الزائفة، من خلال الجهد العلمي الذي قام به علماء الجماعة، كما أنهم كشفوا زيف الوطنية المشوهة، التي حمل لواءها طه حسين وأحمد لطفي السيد وغيرهم من المستغربين الذين رضعوا لبان العلمانية الغربية البغيضة، في ظل الحماية التي وفرها لهم المستعمر، لطمس الهوية الإسلامية، بالرغم من أنهم كانوا يحملون أسماء إسلامية، فقد كانت رؤية الإخوان للوطنية تتمحور حول العقيدة الإسلامية، وجعل الشعور الوطني ينبع من العقيدة الإسلامية لا من العصبية الجنسية، وهكذا فإن الاعتبار للعقيدة أولاً، بينما عند دعاة الوطنية والقومية، ترتبط الوطنية بالحدود الجغرافية، ولا تقتصر حدود الوطن على قطعة الأرض التي يولد عليها المرء، بل إن الوطن يشمل القُطر الخاص أولاً، ثم يمتد إلى الأقطار الإسلامية الأخرى، ثم يمتدُّ وطن المسلم ليشمل الدنيا جميعًا، ومن ثمَّ يوفِّق الإسلام بين شعور الوطنية الخاصة وشعور الوطنية العامة، وكما قال ربعي بن عامر وهو يخاطب رستم قائد جيوش الفرس: قد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة!!

 

وكم نجح الإخوان فى كشف زيف وطنية الكنيسة، وأنه مازال يراودها أمل، في استرجاع مصر المحتلة من قبل المسلمين على حد زعم قساوستهم، فقد عبر عن ذلك بابا الكنيسة وقساوسته فى أكثر من مناسبة، فقال تواضروس: لن يحكم مصر مسلمون يجددون سيرة المحتل عمرو بن العاص الذي احتلها من أكثر من 1400 سنة، بعد أن أعادها الرب إلينا، ـ وطبعا الرب أعادها إليهم بانقلاب عسكر كامب ديفيد على الرئيس محمد مرسي ـ، ولم يكتف بابا الكنيسة بذلك بل قال: أصلي وأدعو الرب أن ينزل على مصر سلامًا في قلوب المؤمنين، مصر القبطية تحتضن إخوتنا المسلمين".

 

وفي وصلة سب وإساءة للمسلمين قال القمص مكاري يونان، رئيس الكنيسة المرقسية الكبرى بالقاهرة، راعي الكنيسة المرقسية بالأزبكية، القمص "مكاري يونان فى رده على سالم عبد الجليل وكيل أوقاف الانقلاب: هذا الشيخ خرج على الملأ يكفر الأقباط اللي هم أصل مصر، وأصل البلد، إن كان الإسلام ضغط علينا، وعددنا قلَّ؛ لازم كل واحد يعرف أن مصر مسيحية، واعرف أن جدك وأبو جدك مسيحي، واعرف يا حبيبي أنك أنت بالسيف والرمح بقيت كده، واللي ساب المسيح مننا كان بسبب السيف، والرمح، بلا مقارنة بين عقيدة وعقيدة، أقول إن عقيدتنا اللي بتقول عليها فاسدة، هي عقيدة الطهارة، ونقاوة القلب، هي عقيدة المحبة التي لا تعرفها عقيدة على وجه الأرض، وهي عقيدة التسامح والغفران، لا من مصدر ضعف، بل من مصدر قوة، لأن القوي هو اللي بيسامح، ويغفر، والضعيف هو من يمسك عصا وسيفا ورمحا، والذي لم يعرف الله هو الذي يقتل، والقاتل هو الشيطان، وأعوان الشيطان هم القتلة وسفاكو الدماء، والمسيحية لا تعرف القتل، ولا تعرف الدماء، بل بالعكس: المسيحية تعرف أن من يبغض أخاه فهو قاتل نفس، المسيحية الحقيقية هي المحبة بس!!

 

كما أن صمود الإخوان قد عرّى شيوخ السلطة وعملاء الشرطة، الذين باعوا دينهم بدنيا غيرهم ، من خلال تملقهم للطغاة، ومجاراتهم في ما يطلب منهم من فتاوى أقل ما توصف به أنها لا تمت للإسلام بصلة!!

 

وكان لثبات الإخوان الدور الأكبر فى كشف فساد قضاة جهنم، وإبطال المقولة الكفرية بأنه لا تعقيب على أحكام القضاء الشامخ، وأن الذي لا تعقيب على حكمه هو رب العزة سبحانه وتعالى القائل: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [الرعد: 41]، كما فضح الإخوان الإعلام العكاشي وفضائيات الانقلاب وإعلام مسيلمة الكذاب، وكل الأذرع الإعلامية للشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، الذين يتلقون توجيهاتهم من دحلان وأولاد زايد!!

 

ويكفي أن الإخوان كان لهم الدور الأكبر في كشف وفضح مخططات عسكر كامب ديفيد، وأنهم لم يتمكنوا من الاستيلاء على السلطة إلا بانقلاب عسكري بغيض، وعروا قيادات عسكر كامب ديفيد، الفاسدة المتعاونة مع الصهاينة، التي باعت الأرض والعرض، كما باعت حصة مصر التاريخية من مياه النيل، وباعت ثروات مصر من الغاز للصهاينة وقبرص واليونان!! 

المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها