على الرغم من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تضرب مصر، يصر المنقلب السفيه السيسي على تمكين “جمهورية العسكر” المتوحشة من رقبة ومفاصل الاقتصاد المصري، بصورة فجة، وعلى عكس توصيات الخبراء والمؤسسات المالية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، والتي أكدت جميعها على ضرورة توحيد المعايير الاقتصادية وإخراج الجيش من معادلة الاقتصاد، ودمج جميع موازنات الدولة، إلا أن السيسي الذي لم يعد له داعم في الداخل أو الخارج، يريد شراء ذمم العسكريين وملء خزائنهم ، عبر إعفاءات ضرائب ورسوم وجمارك ، وتقنينها، في وقت تعاني فيه جميع الشركات والمجالات الاقتصادية من العجز والضرائب والرسوم، والتي ألغتها حتى عن الجهات الحكومية والشركات الحكومية، وهو ما يفاقم أزمات الاقتصاد ويضرب المنافسة الاقتصادية.
وتوسعت حكومة السيسي في منح الاستثمارات الجديدة لشركات مملوكة للجيش، بالشراكة مع الصندوق السيادي، بدلا من القطاع الخاص، رغم تعهداتها المتكررة لصندوق النقد، ومؤسسات التمويل الدولية، بشأن التزامها بإفساح المجال لتعزيز دوره في النشاط الاقتصادي.
وأمس الأربعاء، وافق مجلس الوزراء، على مشروع قرار رئيس الوزراء بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لإعفاء شركات الجيش من الضرائب والرسوم.
فقد أقر المجلس المشروع القاضي بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 159 لسنة 2023 بإلغاء الإعفاءات الضريبية المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، الهادف إلى استثناء شركات الجيش من إلغاء الإعفاءات الضريبية، واستمرار تمتعها بجميع الإعفاءات من الضرائب والرسوم.
ونص مشروع القرار بأن حكم إلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم يسري على جميع الأنشطة الاستثمارية أو الاقتصادية التي تباشرها جهات الدولة، من وحدات في الجهاز الإداري، ووحدات في الإدارة المحلية، وهيئات عامة قومية وخدمية واقتصادية، وأجهزة لها موازنات خاصة، وكذا الكيانات والشركات المملوكة لأي من هذه الجهات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، والكيانات والشركات التي تساهم في ملكيتها، أياً كانت نسبة المساهمة، أو طبيعة نشاط الجهة أو الكيان أو الشركة المساهمة، أو وجه استخدام الأموال المتحصلة من مباشرة النشاط الاستثماري.
تعميق تمييز الجيش وأنشطته الاقتصادية
وقال مجلس الوزراء، في بيان: إن “الهدف من القانون ولائحته التنفيذية هو إلغاء المعاملة التفضيلية للجهات الحكومية، بما يضمن تحقيق المساواة، وتعزيز قواعد المنافسة العادلة بين هذه الجهات وبين غيرها”.
وألغى القانون جميع الإعفاءات الضريبية أو الرسوم التي كانت مقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية، في أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لها، سواء كان الإعفاء كليا أو جزئيا، إلا أنه نص على استمرار تمتع الأعمال والمهام المتعلقة بمقتضيات حماية الأمن القومي بجميع الإعفاءات المقررة لها، حتى تنفيذ هذه التعاقدات وفقا للقوانين التي أبرمت في ظل سريانها.
ويعد من قبيل الأنشطة الاستثمارية أو الاقتصادية المخاطبة في القانون إنتاج السلع، أو بيعها، أو تقديم الخدمات أيا كان نوعها، أو منح حقوق الاستغلال، مما يباشره القطاع الخاص أو المستثمرون من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين.
وقضى مشروع القرار بأنه لا يسري حكم إلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم على الإعفاءات المقررة بموجب اتفاقيات دولية معمول بها في مصر، طوال فترة سريان النصوص المقررة للإعفاء في هذه الاتفاقيات، وكذلك الإعفاءات المقررة للأعمال والمهام العسكرية، ومقتضيات الدفاع عن الدولة، وحماية الأمن القومي، والإعفاءات المقررة عن أنشطة تقديم خدمات المرافق الأساسية، على أن يصدر بتحديد وبيان هذه الخدمات قرار من مجلس الوزراء، بناءً على عرض من وزير المالية.
وألزم المشروع جهات الدولة، حال مباشرتها أنشطة تتمتع بأي من الإعفاءات المنصوص عليها في القانون ولائحته، بإعداد حسابات مستقلة لكل منها، والوفاء بالضرائب والرسوم المستحقة طبقاً للقانون المنظم لذلك، كما ألزم جهات الدولة بموافاة وزارة المالية بحصر شامل للتشريعات التي تمنحها إعفاءات من الضرائب والرسوم، مع بيان طبيعة الأنشطة التي تباشرها سواء استثمارية أو اقتصادية أو خدمية.
ويسري حكم إلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم على التعاقدات الجديدة المتعلقة بالأنشطة الاستثمارية أو الاقتصادية التي تبرمها جهات الدولة، من تاريخ بدء العمل بأحكام القانون، ويعد تعاقدا جديدا كل تجديد لعقد قائم في تاريخ العمل بالقانون، أو زيادة في حجم الأعمال، بما يجاوز النسبة المنصوص عليها في العقد.
شركات الجيش
وأعفى القانون الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية التي تتولى شركات الجيش تنفيذها أو الإشراف عليها من جميع أحكامه، في تكريس لهيمنة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد في البلاد، من خلال استمرار تمتع شركاتها بالإعفاءات من الضرائب والرسوم، ومنحها ميزة تفضيلية مقارنة بشركات الحكومة والقطاع الخاص.
انعكاسات
ويجسد القرار الصفة التمييزية لشركات الجيش، على حساب القطاع العام والحكومي والخاص، وهو ما يضرب المنافسة الاقتصادية في مقتل ، ويتسبب بهروب الاستثمارات من مصر، وهو ما أكده الكثير من المستثمرين المحليين والأجانب، ، وهو ما طالب به نجيب ساويرس، رجل الأعمل الأغنى بمصر، بضرورة مساواة شركات الجيش بالشركات الخاصة، ووقف التمييز الاقتصادي المدار لصالح شركات الجيش، والذي تسبب في هروب الاستثمارات والمستثمرين من مصر، وتسبب في الأزمة الاقتصادية القائمة حتى الآن.