حذر تجار وأصحاب مصانع وشركات من ارتفاع جنوني في أسعار السلع والمنتجات، عقب تعويم الجنيه ورفع أسعار الفائدة بـ 600 نقطة أساس، مهددين حكومة الانقلاب بالتوقف عن الإنتاج وتسريح العمالة.
وقال التجار: إن “أسعار السلع المستوردة سوف ترتفع كما أن تكلفة الإنتاج ستشهد زيادة كبيرة خاصة إذا عجزت البنوك عن توفير الدولار للمستوردين، مؤكدين أن المستهلك النهائي هو من سيتحمل كل هذه الزيادات”.
وأعرب التجار وأصحاب المصانع عن تخوفهم من حدوث حالة من الركود في الأسواق المصرية بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
وقالوا: إنه “في الوقت الذي استفادت فيه قطاعات عديدة من تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة، خاصة التي تعتمد مبيعاتها على الصادرات، إلا أنهما زادا من أوجاع القطاع الصناعي الذي واجه آخر عامين أزمة خانقة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وشح الدولار، وهو ما يهدد بإغلاق عدد كبير من المصانع التي تعمل في القطاعات الاستراتيجية.
كان قرار البنك المركزي المصري يوم الأربعاء الماضي برفع الفائدة على الإيداع والإقراض 600 نقطة أساس قد أثار حفيظة المُصنعين ورجال الأعمال، الذين اعتبروه ارتفاعا كبيرا وغير متوقع، وأكدوا أنه سيؤثر على أصحاب الأعمال المقترضين من البنوك، ما سينعكس على أسعار السلع المختلفة .
وسمح البنك المركزي المصري بتخفيض سعر صرف الجنيه لأول مرة منذ أكثر من 14 شهرا مقابل الدولار الأميركي، بلغ متوسط سعر الصرف نحو 50 جنيها لكل دولار في معاملات البنوك، وما يمثل تراجعا في سعر العملة المحلية مقابل الدولار بنحو 60%.
وبعد خطوة يوم الأربعاء، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بإجمالي 1900 نقطة أساس منذ مارس 2022 عندما بدأ في تخفيض سعر صرف الجنيه من مستوى 15.7 جنيها للدولار، وحتى بلوغه مستوى 50 جنيها للدولار الواحد.
وبلغت أسعار عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 27.75%، وبعد خطوة المركزي بلغ معدل الفائدة الحقيقية، أي معدل الفائدة الاسمي مطروحا منه معدل التضخم في مصر سالب 2.55%.
رقم كبير
من جانبه قال بهاء ديمتري، نائب رئيس شركة فريش للأجهزة الكهربائية: إن “رفع سعر الفائدة سيزيد من تكلفة الاقتراض، وبالتالي رفع تكلفة المنتج النهائي، مشيرا إلى أنه من الصعب أن يستوعب المصنع هذه التكلفة.
وأضاف ديمتري في تصريحات صحفية، الوضع الحالي صعب جدا على القطاع الصناعي، موضحا أن تكلفة الاقتراض بلغت نحو 30%، وبإضافة المصروفات الإدارية التي يحصل عليها البنك عند منح التمويل، ستصل إلى 40%، وهو رقم كبير جدا، سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتجات الجديدة بنسبة تصل إلى 100% بهذه الطريقة.
كلفة الإنتاج
وتوقع خالد أبوالمكارم، رئيس شركة الألياف الصناعية “فايبرتكس”، ورئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، أن تشهد الفترة القادمة زيادة في أسعار المنتجات تتراوح من 8% إلى 10% على الأقل، بسبب زيادة سعر الإقراض وهو ما سيؤثر بالتأكيد على تكلفة الإنتاج.
وأوضح أبوالمكارم في تصريحات صحفية أن رفع تكلفة التمويل يعني زيادة كلفة الإنتاج، وبالتالي سيقوم المنتجون المقترضون من البنوك بتحميل هذه الكلفة على المنتج النهائي .
وقال : “الأمر لا يقتصر على تكلفة الإقراض فقط، إذ ستتصاعد تكلفة التشغيل، مما سيؤدي إلى زيادة الأسعار وخاصة للمنتجات التي تعتمد على مكون مستورد، مع ارتفاع سعر الدولار في السوق الرسمي”.
وأوضح أبوالمكارم أن المنتج سيعاني من زيادتين سعر الفائدة وقيمة الدولار، مشددا على أن المنتجات التي تعتمد على مكونات مستوردة ستشهد زيادة أكبر في أسعارها إذا لم يتوافر الدولار في البنوك، ما يهدد بعودة السوق الموازية مرة أخرى.
مشكلة كبيرة
واعتبر علي حمزة، رئيس جمعية مستثمري أسيوط، قرار رفع سعر الفائدة بمثابة مشكلة كبيرة على المصنعين، لأنه سيؤدي إلى إرجاء أي توسعات لأصحاب المصانع بدلا من اللجوء للاقتراض.
وقال حمزة في تصريحات صحفية أن رفع الفائدة يؤثر سلبا على قطاع كبير من أصحاب المشروعات الصغيرة الذين يجدون صعوبة في إنشاء مشروعاتهم الجديدة أو التوسع فيها، بسبب ارتفاع سعر الفائدة على الإقراض.
سوق السيارات
وأكد أمير هلالي رئيس شركة ليمانز جروب للسيارات، أن زيادة سعر الفائدة 600 نقطة أساس ستتسبب في حدوث انكماش في سوق السيارات بمصر، بسبب صعوبة الاقتراض حاليا في ظل ارتفاع المعدلات.
وقال هلالى في تصريحات صحفية: إن “التجار سيواجهون تحديات في التسعير، فيما سيصعب على المواطنين الحصول على تمويل لشراء سيارات في ظل هذه الارتفاعات، وتوقع زيادة أسعار السيارات بنسبة لا تقل عن 10% في ظل ارتفاع الفائدة لمستويات تقترب من 30%”.
ارتفاع الأسعار
وقال أسامة الشاهد، رئيس شركة “الشاهد جروب” لتصنيع الأثاث، ورئيس غرفة الجيزة التجارية: إن “أسعار الفائدة ارتفعت بشكل كبير لاستيعاب التضخم والسيطرة عليه، في محاولة لجمع العملة الصعبة الموجودة في السوق خاصة المبالغ الصغيرة، محذرا من أن القرار سوف يؤثر سلبا على رجال الأعمال والمستوردين والمصنعين الحاصلين على قروض من البنوك، كما أن مردوده سينعكس على أسعار السلع على المستهلك النهائي”.
وأضاف الشاهد في تصريحات صحفية أن ارتفاع أسعار السلع الذي سوف ينتج عن هذا القرار سيختلف من مصنع لأخر ومن مستورد لآخر حسب دورات الإنتاج وحجم التداول، وقد تنتج عنه ارتفاعات عشوائية للسلع يجب السيطرة عليها .
وكشف أن تبعية القرار سوف ترفع أسعار الأثاث بنسبة تصل إلى 6% وقد تختلف الأسعار حسب دورة الإنتاج.
السلع المستوردة
وأكد متى بشاي، رئيس الشركة المصرية للتجارة المستوردة للأدوات الصحية، أن رفع أسعار الفائدة 600 نقطة أساس مرة واحدة كان كبيرا جدا وغير متوقع، موضحا أنه بعد هذا القرار، يجب على البنوك تدبير الدولار لأي متعامل، وإلا ما فائدته في هذه الحالة؟ .
وتوقع بشاي في تصريحات صحفية أن يساهم رفع الفائدة بهذا القدر في التأثير على المقترضين من البنوك، ويدفعهم لرفع سعر السلع المستوردة على قدر تأثر ديونهم بالفائدة .
وقال: ستزيد الأعباء بشكل كبير على رجال الأعمال المقترضين من البنوك، ما يجعلهم يواجهون الكثير من الصعوبات.